عندما يكون التضرع لله بدعة وتكفير المسلم وقتله عين الدين !!
عندما يكون التضرع لله بدعة وتكفير المسلم وقتله عين الدين !!
* جمال حسن
كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية أن من أبرز أسباب امتناع وفد منظمة الحج والزيارة الإيرانية عن توقيع محضر ترتيبات شؤون حجاجهم، هو إصرارهم على تنفيذ طقوس خاصة خرجت من إطارها التعبدي المذهبي، إلى الإطار السياسي الذي يهدف إلى الحشد والتهييج والإضرار بسلامة الحجاج؛ ومن أهمها قراءة "دعاء كميل"(دعاء منسوب لكميل بن زياد النخعي، علمه اياه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فواظب عليه الشيعة، خاصة في ليالي الجمعة، وفي ليلة النصف من شعبان) و"نشرة زائر" ومراسم "البراءة"، حيث تشكل هذه الأمور شذوذا عن عامة المسلمين في الحج! على حد قول الصحيفة نقلاً عن تحليل لحملة السكينة السعودية الحكومية التي قالت أن ذلك "يهدف إلى الحشد والتهييج والإضرار بسلامة الحجاج" !!.
الخبر الذي كررته صحيفة "عكاظ" وبعض وسائل اعلام السلطة المتحجرة دينياً والمتخلفة سياسياً والمتفرعنة سلطوياً خلال الأيام الماضية، دفعني للبحث عن صحة ما جاء فيه وهل يا ترى أن "دعاء كميل" المنسوب للخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه هو بدعة؟ ثم هل أن هذه "البدعة" تشكل خطراً على أمن المسلمين وسلامة الحجيج؟؛ فتصفحت الكتب التي نقلته وقرأت الدعاء عدة مرات كلمة كلمة من بدايته حتى النهاية، بحثاً عن دعوات البدعة وكلمات التهييج وأسباب الإضرار بسلامة الحجاج التي تشير اليها وسائل اعلام كذب ودجل السلطة وإدعاءاتها الواهية، تلك التي لا يؤمن بها حتى من كتب كلماتها ونقش سطورها في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، أو من تلاها من على المنابر وفضائيات آل سعود التي لا نرى منها سوى ترغيب الناس نحو الفسق والفجور والدعارة وفعل الحرام والمنكر بمسلسلاتها الغاوية حتى في ليالي شهر رمضان الفضيل شهر ضيافة الرحمن ونحن مقبلون عليه، ثم يتمادون في غيهم ودجلهم ويحرموا تسميته بشهر "رمضان الكريم" (رقم الفتوى: 77773 – تصنيف: المناهي اللفظية – موقع مركز الفتوى) .
قراءة "دعاء كميل" وإذا به يبدأ بالقول: "اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقوتك التي قهرت بها كل شيء، وخضع لها كل شيء وذل لها كل شيء، وبجبروتك التي غلبت بها كل شيء، وبعزتك التي لا يقوم لها شيء، وبعظمتك التي ملأت كل شيء، وبسلطانك الذي علا كل شيء، وبوجهك الباقي بعد فناء كل شـيء..." ثم يقول "اللهم اغفر لي الذنـوب التـي تنزل النـقم، اللـهم اغـفر لي الذنوب التي تغيـر النعم، اللهم اغـفر لي الذنـوب التي تحبس الدعاء ، اللـهم اغفر لي الذنـوب التي تنـزل البلاء.."، حتى بلغت "اللهم إني أسألك سـؤال خاضع متذلل خاشع، أن تسامحني وترحمني، وتجعلني بقسمك راضيا قانعا ، وفي جميع الأحوال متواضعا ، اللهم وأسـألك سـؤال من اشـتدت فاقته ، وأنزل بك عند الشدائد حاجته ، وعظم فيما عندك رغبته، اللهم عظم سلطانك وعلا مكانك، وخفي مكرك وظهر أمرك، وغلب قهرك وجرت قدرتـك، ولا يمكن الفرار من حكومتك.." حتى بلغت وسط الدعاء ليقول "إلهي وربي من لي غيرك أسأله كشف ضري والنظر في أمري.. فأسألك بعزتك أن لايحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي ، ولا تفضحني بخفي ما اطلعت عليه من سـري، ولا تعاجلني بالعقوبة على ما عملته في خلواتي من سوء فعلي وإساءتي، ودوام تفريطي وجهالتي وكثرة شهواتي وغفلتي.."ثم ينتهي بالقول " ياسريع الرضا أغفـر لمن لا يملك إلا الدعاء، فإنك فعال لما تشـاء، يامن اسـمه دواء، وذكره شفاء، وطاعتـه غنى، إرحـم مـن رأس مالـه الرجـاء، وسـلاحه البكاء، يا سـابغ النـعم، يا دافع النـقم، يا نـور المسـتوحشين في الظلم، يا عالما لا يعلم.."، فلم أجد فيه من بدعة أو تحريض أو تهييج يضر بشعيرة الحج وسلامة الحجاج وأمنهم كما يدعي أصحاب البدع والفتن وفتاوى التحريض والتكفير والتقتيل والدمار ودفع الفرق والمذاهب الاسلامية نحو الاقتتال والتناحر وتدمير البلاد وتقطيع العباد ونهب الثروات وهتك الاعراض وسبي النساء والنهي عن المعروف والأمر بالمنكر .
صحيفة "عكاظ" المقربة من ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف المعروف عنه بالتطرف وكراهيته لكل الفرق والمذاهب الاسلامية خاصة أتباع أهل بيت الرسول (ص)، اشارت ايضاً وإستناداً الى ما جاء في تحليل "حملة السكينة"الحكومية التابعة للمؤسسة الوهابية المتطرفة، الى اصرار الجانب الايراني على إقامة "مراسم البراءة من المشركين" معللة ذلك أنه "بدعة ألزم به الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، للتبرء من المشركين عبر هتافات لا تخلو من التأجيج، وهو ما يعني أن يتحول الحج من فريضة دينية عبادية، إلى فريضة سياسية.. وأنه انحراف منهجي عن معاني الحج، بجانب فوضوية وعبثية التطبيق وأن هذا المسلك مخالف للفقه الإسلامي"، متجاهلين (الصحيفة والحملة والسلطة) ما جاء في نص القرآن الكبير بخصوص كيفية أقامة شعيرة الحج بقوله تعالى "وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ..." التوبة:3، ما يؤكد أن إعلان البراءة في موسم الحج يعتبر إحياءً لذكرى أهمّ وأكبر حركة سياسية للرسول في أواخر السنة التاسعة من الهجرة بأمر من الله سبحانه وتعالى حيث السنة وإعلان البراءة لن يبليا بعد، فكلف رسولَ اللّه (ص) بأن يبعث بها رجلاً إلى مكّة ليتلوها مع عهد ذي أربعة بنود في موسم الحج، كعلاج لإصلاح المجتمع المنحرف (تفسير الطبري - تفسير سورة التوبة).
البراءة من المشركين أحد ركنَي التّوحيد الأصلَيين؛ حيث قرنت دعوة الأنبياء جميعاً الى التّبرّي من الطّاغوت كمتلازمة لدعوتهم الى عبادة اللّه (ولَقَد بَعَثنا في كُلّ اُمّةٍ رَسولًا أنِ اعبُدُوا اللّهَ واجتَنِبُوا الطّاغوتَ) – النحل:36، الموحّد منقطع الى الحقيقة والى التّوحيد، وليس عابد ذاته، ولا عابد جماد، ولا عابد سلطة. بل الموحّد يرى أنّ اللّه وحده مصدر القدرة، فيعبده وحده، ويذعن له بالطّاعة. ولا يرى النّفع والضّرر إلّا بيد اللّه، فلا يستعين إلّا به، ولا يخاف غيره، ولا يركن إلى أيّة قدرة غير قدرة اللّه، ولا يخشى إلّا اللّه، فيما المشرك العابد للوهم المطأطئ أمام القدرات الخياليّة ربّما يعبد ذاته، وربّما يعبد ما صنعه بيده، وربّما يعبد المتسلّطين على العالم، وربّما يعبد الثلاثة جميعًا (جاء في الصحيحين ومسلم والمسانيد - موقع مركز الفتوى) .
إصرار المؤسسة الدينية للمملكة بزعامة آل الشيخ وتوابعها من دعاة الزيف والانحراف عبدة الدرهم والدينار المتسولين على فتات موائد السلاطين والأمراء، على تأييد كل ما يصدر عن آل سعود والإفتاء بحرمة الخروج على الحاكم الظالم الفاسق وغيره من الفتاوى التي أبتلي بها الاسلام ولا تنم بصلة لا من قريب ولا من بعيد بالدين الحنيف وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى، فمنها تكفير الآخر ووجوب قتله، وحرمة الدعاء لمن يحارب الصهاينة المحتلين للاقصى الشريف، وإرضاع الكبير، والدعوة الى التفخيخ وتقتيل المسلمين الأبرياء تقرباً لله والتي أسست للارهاب في بلاد الشام والعراق واليمن وغيرها من بلاد المسلمين والغرب والذي دعم فكرة الاسلاموفوبيا الصهيونية؛ ذكرني بما ورد في الحديث الشريف: "إذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك.."، وكذلك الحديث "الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين فاتهموهم" جاء ذكره المزي في تهذيب الكمال والذهبي في سير أعلام النبلاء رواه الطبراني والديلمي، وصححه الألباني (رقم الفتوى: 151561 - أحاديث نبوية مع شرحها، موقع مركز الفتوى) .
الداعية الوهابي السعودي محمد العنزي، والذي كان إمام جامع أبي يوسف بالعاصمة الرياض، كشف مؤخراً في تغريداته على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر يقول: "سامحوني أيها الشيعة فوالله كنا نكذب ونلفق عليكم الأباطيل والأكاذيب ونحرض عليكم بالمنابر وكلها كانت بأوامر مباشرة من بندر بن سلطان، كنا نتلقى أوامر مباشرة منه بالإساءة للشيعة وشتمهم وتكفيرهم في خطبنا وكنت أقوم بالمثل حين كنت إمام جامع أبي يوسف بالرياض".. مضيفا: "آل سعود هدفهم تشكيل فرق وهابية تكفيرية تهاجم كل عدو لهم فالوهابية ليست سوى أداة لآل سعود وليس لها اي علاقة بالدين لا من قريب ولا بعيد، ان الشيعة ورغم كل التطرف والإقصاء والتشكيك والمحاربة والهجوم والقتل والتفجير ضدهم يرفعون شعار الحسين (ع) هيهات من الذلة، ما أعظمها من قوة نفسية!".
ارسال التعليق