عين على الجيش وأخرى على لقمة العيش: مالذي يريده تحالف كفار قريش
بقلم: فؤاد الجنيدعلى ضفاف الصمت يسترق اليمنيون الأنظار، تبللهم أمواج المعاناة المتدافعة، يرفعون اكفّهم إلى السماء في دعاء المضطر والمظلوم، ثم يلوّحون للشمس البعيدة خلف الأفق ويتوسلون إلى اصفرارها الشاحب البقاء؛ فوحشة الغروب أهون عليهم من ليل الوجع الحالك، وانوار العالم عاجزة عن إختراق سياج الألم الشائك الذي نسجت التواءته الصلبة بقايا إنسانية لا تحمل شيئاً من حروف اسمها، وجعلت الإنسان اليمني معزولاً وحبيساً رغم تصدره عناوين نشرات الأخبار وتغطيات وكالات الأنباء.
ملايين الدولارات تصرفها دول التحالف هنا وهناك، ومليارات المنح والرشاوى تجد طريقها مفتوحة لشراء الذمم والمواقف وتكديس الولاءات، لكن الرمق اليمني في قاموسهم بحاجة إلى مفاوضات ولقاءات بإشراف أممي حتى يحظى بفرصة للنظر في معاناته، ومنحه حقوقه وثرواته المنهوبة يومياً من مسوخ العدوان وزبانيته الذين يتاجرون بالوطن تحت مزاد إعادة الشرعية المفقودة.
لا تكف أبواق التحالف ساعة واحدة عن الحديث المجوّد والمنغّم عن الشعب اليمني ومعاناته، وكيف أن الحرب القت بتبعاتها ونتائجها على كاهله، لكنها تتنصل من مسئولياتها في ذلك، وتتملص من الإعتراف بوقوفها وراء كل هذه الكوارث والمصائب بدءً بقتل المدنيين وتدمير مساكنهم واسواقهم وطرقاتهم ومستشفياتهم ومقرات أعمالهم، مروراً بالحصار الثلاثي ونهب واردات النفط والغاز في المحافظات المحتلة، وانتهاءً بتعنتها وعرقلتها اي تسوية سياسية من شأنها إنهاء الحرب وتطبيع الحياة العامة وعودة الإستقرار والأمان.
في هذه الأثناء تشهد اليمن موجة مسعورة من إرتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية وكل المنتجات والسلع بفعل الهبوط الحاد في سعر العملة المحلية أمام الدولار، وهذا ما فاقم المعاناة وزاد الأمر تعقيداً خصوصاً في ظل انقطاع صرف رواتب الموظفين اليمنيين منذ ما يقارب العامين بعد نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن الجنوبية، وفي حال استمر الوضع على هذه الشاكلة فإننا سنشهد فاجعة غير مسبوقة بحق ملايين اليمنيين الذين انعدمت أمامهم فرص العمل وانغلقت أبواب الدخل اليومي الذي كان متاحاً ليغطي الجزء البسيط من متطلبات الحياة اليومية التي تبقيهم على قيد الحياة، فما يحصلون عليه حالياً هو نصف راتب كل أربعة أشهر تعكف حكومة الحوثيين على جمعه من العائدات المحدودة من ميناء الحديدة، وهو الأمر الذي طرحوه للمبعوث الأممي "مارتن غريفيث" كموافقة غير مشروطة لإشراف أممي على ميناء الحديدة وإيداع كل ايراداته إلى البنك المركزي في صنعاء شريطة أن تقوم دول تحالف وحكومتها في عدن بتغطية العجز المالي الكافي لصرف رواتب الموظفين اليمنيين شهرياً، وهو ما رفضته قوى التحالف في استهتار قبيح بحياة ملايين اليمنيين الذين عصفت بهم الحرب الإقتصادية إلى وادٍ سحيق من المعاناة المستمرة والمتنامية.
أضف إلى ذلك سعي التحالف إلى اغراق الأسواق اليمنية بالطبعات المتتالية من العملة الجديدة بهدف التسبب بالمزيد من الهبوط المتسارع للريال اليمني أمام الدولار، وهي الورقة الأخيرة التي تعوّل عليها الرياض في انهاك اليمنيين بعد أن فشلت في جميع أوراقها السابقة، ناهيك عن المحاولات المستمرة للنيل من اللحمة الداخلية، وتفريخ المكونات السياسية، وتمزيق النسيج الإجتماعي، وتكليب اليمنيين على بعضهم؛ لكن وعي اليمنيين وايمانهم بقضيتهم وقف سداً منيعاً أمام تلك المحاولات المكشوفة، وترسخت قناعتهم بأهداف التحالف الحقيقية وما وراءها سعيه للنيل من الشعب اليمني واحتلال جزره وموانئه، ونهب خيراته ومقدراته، وتدمير بنيته التحتية وقتل أبنائه ونسائه وأطفاله بمجازر وحشية لا تخطر على بال الشياطين.
ارسال التعليق