قاتل صامت يهدد 5.7 مليون من سكان السعودية
يهدد «قاتل صامت» لا لون ولا طعم ولا رائحة له، حياة 5.7 مليون يسكنون تسع مدن سعودية، بالإصابة بمرض السرطان ومشكلات الغدة الدرقية.
هذا القاتل هو غاز «الرادون» السام الذي يدخل في تركيب المساكن وينتشر في البيئة الصخرية والآبار الجوفية، ويسبب التعرض له لفترات طويلة الإصابة بهذين المرضين. وكذلك ينبئ انبعاثه في الأماكن المتصدعة بحدوث زلازل.
وتشير دراسة أجراها فريق بحثي سعودي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران، إلى احتمال إصابة 123 حالة بسرطان الرئة سنوياً نتيجة غاز «الرادون»، مؤكدة أنه موجود في سبع مدن بالمنطقة الشرقية، هي: الدمام، والخبر، والقطيف، والأحساء، وحفر الباطن، والخفجي، وبقيق، إضافة إلى المدينة المنورة، والطائف (غرب المملكة)، فيما تفيد بيانات الهيئة العامة للإحصاء الصادرة في العام 2010، بأن عدد سكان هذه المدن يبلغ خمسة ملايين و767 ألفاً و672 شخصاً.
وأفادت الدراسة التي خصصت لدرس تركيز «الرادون» المشع في مساكن ومدارس المدن المعرضة إلى التلوث به، بأنه يتولد من مصادر الإشعاع الذري الطبيعي في سلسلة تحلل «اليورانيوم 238»، وهو المعدن الوحيد في حال غازية وأثقل من الهواء سبعة أضعاف، وموجود في كل مكان وفي كل الأوقات، مشيرة إلى أن لهذا الغاز ثلاثة مصادر: تربة الأرض وصخورها القريبة من السطح، وهي المصدر الرئيس إذ يشكل المتولد منه نتيجة التحلل الإشعاعي لليورانيوم 80 في المئة على الأقل.
أما المصدر الثاني فهو «الرادون» المُذاب في المياه الجوفية. والثالث مواد البناء المستخدمة في المساكن، والتي تطلقه نتيجة التحلل الإشعاعي لـ«الراديوم» الذي تحتويه. ويختلف بشكل كبير من منطقة إلى أخرى، وتعد الخرسانة الموجودة في الأبنية أهم مصادر «الرادون» في المواد الإنشائية، إضافة إلى أن بعض أنواع «الغرانيت» تطلق كمية كبيرة منه لاحتوائها على مادة «الراديوم».
وقال أستاذ الكيمياء في جامعة أم القرى الخبير المحكم البيئي في مجلس التعاون الخليجي الدكتور فهد تركستاني لـ«الحياة»: «إن التلوث البيئي داخل المنازل أكبر وأشد خطورة منه في الخارج»، موضحاً أن العوامل البيئية الخطرة داخل المنازل متعددة، من أبرزها سوء التهوية، ومشكلة انتشار «الرادون» المسبب لمشاكل الغدة الدرقية.
وذكرت الهيئة الدولية للحماية الإشعاعية أن معدل تركيز هذا الغاز خارج المساكن يعادل ربع تركيزه داخلها، وتقدر عدد الساعات التي يقضيها الفرد داخل المباني بسبعة الآف في السنة، في حين يقضي 1.760 خارجها، مؤكدة أن «التعرض الطويل للتركيزات المرتفعة من الرادون يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة، في الوقت الذي تحوي فيه ملايين من المباني في العالم تركيزات مرتفعة من هذا الغاز من دون علم سكانها».
ويستند تقرير مخاطر الإصابة بسرطان الرئة إلى استنشاق «الرادون» ومشتقاته، إلى دراسة ظهور هذا المرض بين عمال مناجم «اليورانيوم»، في كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية، وعمال مناجم الحديد في السويد، واليورانيوم في تشكوسلوفاكيا وغيرها من المناجم، التي يرتفع فيها تركيز هذا الغاز القاتل.
ارسال التعليق