قبيلة الحويطات تعلن العصيان على حكومة ال سعود
احتجت قبيلة الحويطات على مشروع مدينة «نيوم» الحالم الذي يجسد الرؤية الاقتصادية القائمة على المغامرة، ما استتبع ظهور عقبات أمام المشروع في خضم أزمة انخفاض أسعار النفط.
وسيكلّف بناء مدينة «نيوم» 500 مليار دولار، ومن المقرّر أن تقام في شمال غرب البلاد لتطلّ على البحر الأحمر، وستضم سيارات تاكسي طائرة ورجالاً آليين، بحسب السلطات. ولطالما تساءل خبراء اقتصاديون عن جدوى المشروع في عصر أسعار النفط المتدنية. وتعرقل المشروع الشهر الماضي بعد تصفية ناشط من قبيلة الحويطات رفض تسليم أرضه للمشروع.
وقبل مقتله، نشر عبد الرحيم الحويطي سلسلة فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي انتقد فيها إجبار قبيلته على الرحيل من الأرض التي عاشوا فيها لأجيال في موقع المشروع في محافظة تبوك، واصفا إياه ب «إرهاب دولة».
وقال نشطاء إنه تمّ احتجاز عدد من أفراد القبيلة بسبب شعارات مناهضة للترحيل ورفضهم التوقيع على أوراق لنقلهم إلى مكان آخر.
ويظهر هذا مقاومة داخلية نادرة لحكومة ال سعود، في وقت تعاني المملكة من صعوبات اقتصادية بسبب التدهور التاريخي في أسعار النفط والإغلاقات بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.
وقالت «نيوم» إنه سيتوجب على 20 ألف شخص الرحيل والانتقال إلى مكان آخر من أجل إفساح المجال لأعمال البناء. ويفترض استكمال أول جزء من المدينة بحلول 2023.
إجراءات مؤلمة:
وتحضر حكومة ال سعود خطة طوارئ لاقتطاع النفقات، بينما حذر وزير المالية محمد الجدعان من «اتخاذ إجراءات صارمة قد تكون مؤلمة» لمواجهة التراجع الاقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد وانهيار أسعار النفط. ولم يتطرق الجدعان إلى نيوم وإن كانت ستواجه أي اقتطاعات. وتمّ الإعلان عن المشروع في عام 2017، ولكنه يواجه صعوبات في جذب المستثمرين. وقال مصدر سعودي مطلّع على سير المشروع «سأفاجأ بعدم حصول اقتطاعات، واقتطاعات كبيرة، في الإنفاق الرأسمالي على المشاريع في نيوم». وأضاف «نظرا للمبالغ المطلوبة، لا يمكن إلا أن تتأخر جوانب عدة منه». وأكد المصدر أن حكومة ال سعود تعرض «تعويضات نقدية سخية» للذين سيتعرضون للترحيل بسبب المشروع، بالإضافة إلى «عقارات جديدة» داخل المملكة. ويؤكد نشطاء رفض العديد من رجال قبيلة الحويطات ما وصفوه بعروض تعويضات «غامضة»، ويرى النشطاء أن مشروع «نيوم» مصمم لجذب الزوار الأجانب في مملكة محافظة، ولا يتوقع أن يستفيد منه السكان المحليون.
مخاطر الترحيل القسري:
ويحذّر مراقبون من أن ترحيل السكان بشكل قسري قد يعود بنتائج عكسية، خصوصا مع تزايد الضغوط الاقتصادية. وقال مركز «صوفان» الاستشاري للشؤون الأمنية إن «انخفاض أسعار النفط بشكل قياسي وزيادة الضغوطات الديموغرافية تشكل تحديات كبرى أمام خطط الأمير محمد المستقبلية». وبحسب المركز، فإن نيوم هي «جوهرة التاج للرؤية المستقبلية الحالمة للمملكة، ولكن يبقى غير واضح كيف سيساعد مشروع الأمير المملكة في التعامل مع الفئات الشابة». ويرى المركز أن «الحكومة ستكون لديها أموال أقل لتوزيعها لإرضاء المواطنين السعوديين. وسيؤدي تآكل العقد الاجتماعي بين الحكام والمحكومين إلى مشاكل كبرى خاصة في مجتمع قبلي». وفي إطار طموحه لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط، يسعى ولي العهد السعودي للمضي قدما في المشروع الحالم. وترى كريستين ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية، «لا أتوقع أن يتخلى محمد بن سلمان» عن مشروع نيوم. وتتابعت أن المشروع «هو حجر الزاوية لكل شيء يرغب في تحقيقه».
ارسال التعليق