لا سلام دائم للسعودية في اليمن إلا باعتذار علني وتقديم التعويضات
التغيير
رأي الصحفي والكاتب اليمني أحمد الغباري أنه لن يكون سلام دائم للمملكة في اليمن إلا باعتذار آل سعود علنا عن حربهم المدمة وتقديم التعويضات للضحايا.
وقال الغباري، في مقال له نشرته (منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي): بينما لا يستطيع نظام آل سعود إعادة الحياة لمن ماتوا في هذه الحرب
لكنهم يمكنهم دفع تعويضات لليمن وضحايا الحرب. وكخطوة أولى، يجب على نظام آل سعود التحقيق في سلوكهم في الحرب والسعي لفهم حجم الدمار والموت الذي تسببوا فيه في اليمن.
وأضاف: بعد أن يتم مناقشة ذلك داخليًا، يجب على آل سعود أن يعتذروا للشعب اليمني علنًا.
وفي حين أن مثل هذا الاعتذار سيكون رمزيًا إلى حد كبير، إلا أنه سيضع أساسًا مهمًا للمصالحة بين البلدين.
واستهل الصحفي اليمني مقالته قائلا كان قد مرّ شهر على بدء الغارات الجوية على اليمن، عندما كنت في الليل مع أحد أصدقاء طفولتي بلال الشبيبي البالغ من العمر 22 عاما.
وكنا نتحدث عن الحرب التي تقودها المملكة والغارات الجوية التي تقوم بها، ونتساءل عما إذا كانت القنابل الذكية التي توفرها الولايات المتحدة قد تخطئ أهدافها في مرحلة ما، وتجد الطريق إلى بيوتنا في العاصمة اليمنية صنعاء.
وذلك نظرا لأنها أخطأت أهدافها سابقاً، وأصابت مدرسة وحافلة وسوقًا، وتركت مشاهد الموت والدمار.
ضحكنا أنا وبلال ثم نمنا. لم تتوقف الانفجارات وكان يتردد صداها طوال الليل. كانت تلك آخر مرة رأيت فيها بلال.
في الصباح الباكر من اليوم التالي، في 20 أبريل/نيسان 2015، سقطت قذيفة ضخمة ألقتها طائرة مقاتلة على قمة تل في الجزء الغربي من العاصمة. أسفر الانفجار الثانوي عن مقتل عشرات المدنيين، بمن فيهم بلال.
وصادف 26 مارس/آذار من هذا العام الذكرى السادسة للحرب التي شنها آل سعود إلى جانب دعم من قبل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى
لهزيمة حركة انصار الله التي أطاحت بحكومة هادي المتحالفة مع المملكة ، فإن الحرب فشلت في كبح جماح قوة أنصار الله.
وعلى العكس من ذلك ازدادت قوة أنصار الله مع سنوات الحرب. وفي الوقت الذي فشل فيه آل سعود في إخضاع أنصار الله.
أدت حملة القصف والحصار الجوي والبحري التي قاموا بها إلى تدمير الاقتصاد اليمني الهش وقتل الآلاف من المدنيين اليمنيين، وخلق ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في العالم.
وفي حين أن آل سعود يبحثون الآن عن مخرج من مستنقع الحرب، وبدفع من الإدارة الأمريكية الجديدة، فإن دبلوماسية الرياض لم تنجح حتى الآن، بينما تفاقمت الكارثة الإنسانية في اليمن.
ويواصل آل سعود معاقبة المدنيين اليمنيين باستخدام الحصار الجوي والبحري كورقة ضغط للحصول على تنازلات من أنصار الله
الذين ليس لديهم نية للاستسلام ولديهم أفكار مختلفة تمامًا حول كيفية إنهاء الحرب.
أما أنا فلدي أيضًا أفكاري الخاصة حول كيفية إنهاء الحرب. أعتقد أنه من أجل تحقيق سلام دائم وليس وقف إطلاق نار مؤقت، يجب على نظام آل سعود دفع ثمن جرائم الحرب التي ارتكبوها.
ثمن جرائم آل سعود
وبينما لا يمكنهم إعادة الحياة لمن ماتوا في هذه الحرب، فإنه يمكنهم دفع تعويضات لليمن وضحايا الحرب. وكخطوة أولى، يجب على آل سعود التحقيق في سلوكهم في الحرب والسعي لفهم حجم الدمار والموت الذي تسببوا فيه في اليمن.
وبعد أن يتم مناقشة ذلك داخليًا، يجب على آل سعود أن يعتذروا للشعب اليمني علنًا.
وفي حين أن مثل هذا الاعتذار سيكون رمزيًا إلى حد كبير، إلا أنه سيضع أساسًا مهمًا للمصالحة بين البلدين.
إن اعتراف المرء بخطئه لعدوه هو الطريقة التي يحل بها اليمنيون نزاعاتهم القبلية، بما في ذلك الصراعات العنيفة التي تخلّف وفيات جماعية.
نعم، لقد قتل نظام آل سعود مئات الآلاف من اليمنيين نتيجة العمليات العسكرية وآثارها، لكن لم يفت الأوان لصنع السلام.
ولا يحتاج المرء إلى النظر إلى أبعد من عملية التحكيم القبلي اليمني، التي توفر نموذجًا لحل النزاعات المعقدة والعنيفة بنجاح.
فقد مكّن العرف القبلي المتمثل في الاعتراف بالخطأ، والمترسخ بعمق في المجتمع اليمني، أعتى الأعداء من تحقيق السلام.
بادرة الاعتراف بالخطأ تُلزم الطرف الذي وقع عليه الظلم بقبول الاعتذار وطلب حل عادل. غالبًا ما يتخذ القرار شكل التعويض والضمانات بعدم تكرار مثل هذه المخالفات.
الضغط على أنصار الله
بالنسبة لآل سعود، ستشمل هذه العملية اعتذارًا علنيًا وإنهاء جميع العمليات والأفعال العسكرية، بما في ذلك عمليات القصف والحصار.
في المقابل، سينهي أنصار الله الهجمات الصاروخية والطائرات المُسيّرة على المملكة التي يتم شنها كردّ انتقامي.
وفي حال اتخذ آل سعود الخطوات المذكورة أعلاه، فسيكون أنصار الله تحت ضغط هائل للرد بالمثل من خلال إنهاء عملياتهم العسكرية.
أما إذا اختار أنصار الله، على الرغم من اعتذار المملكة ووقف إطلاق النار، إطالة أمد الصراع، فإنهم سيفقدون قدرًا كبيرًا من الدعم الشعبي في جميع أنحاء اليمن.
ويبدو أن أنصار الله يفهمون هذا وقد أظهروا بالفعل وأعربوا عن استعدادهم للنظر في مبادرات السلام.
وبعد أن يكون هناك اعتذار وهدنة، يجب على آل سعود اتخاذ الخطوة الأكثر أهمية في تحقيق حل دائم لحرب اليمن، ألا وهي تعويض ضحايا الحرب.
آل سعود بالطبع لديهم الموارد للقيام بذلك، وعليهم أن يفعلوا ذلك على الفور.
وقد شعر اليمنيون العُزّل إلى حد كبير، بشعور كبير من الإذلال بسبب قتل آل سعود للمقاتلين والمدنيين بشكل عشوائي.
ونتج عن الخسائر الكبيرة في الأرواح احتجاجًا شعبيًا بين الجمهور ودعوات للانتقام من نظام آل سعود. لقد وُلِد جيل يمني جديد لا يعرف عدوًا سوى المملكة.
وفيما أظهر الجمهور اليمني، في الخطابات العامة والنقاشات الخاصة، تعطشًا للانتقام والمقاومة ضد نظام آل سعود فإنه لا يمكن التخفيف من حدّة ذلك إلا من خلال عمل مباشر وشفاف من قبل نظام آل سعود لتقديم التعويضات.تعويض الضحايا
يجب أن تذهب تعويضات المملكة إلى الضحايا الأفراد ونحو أغراض عامة أكثر من أجل تعزيز الاقتصاد اليمني وإعادة بناء الخدمات العامة.
وبغياب التعويضات، فإن اليمنيين سيظلون يشعرون بإحساس عميق بالظلم من قبل نظام آل سعود ما سيمنع السلام الحقيقي بين البلدين.
حان الوقت ليحاول آل سعود إصلاح الأضرار التي أحدثوها على مدار ست سنوات من الحرب بأفضل طريقة ممكنة. يجب أن يفعلوا ذلك الآن قبل فوات الأوان.
ويمكن للرياض أن تختار مرة أخرى أن يكون لها جار مسالم أو عدو متربص على حدودها الجنوبية. إن المصلحة الذاتية للمملكة تتطلب من المملكة سلوك طريق السلام.
وهناك بوادر تبعث على الأمل. فالأمريكيون و نظام آل سعود تحدثوا بإيجابية عن خطة السلام التي توسطت فيها الأمم المتحدة.
لكن من أجل تحقيق خطة سلام سليمة ومقبولة للجميع، يجب على آل سعود الاعتذار وتعويض ضحايا الحرب. عندها فقط سيضع اليمنيون الحرب وراء ظهورهم ويتخذون خطوات نحو السلام.
ارسال التعليق