لشرعنة الحرب ودمار اليمن.. لهذا فبرك التحالف السعودي فيديو الحديدة
في محاولة من السلطات السعودية لخداع الرأي العام الداخلي والخارجي وشرعنة الحرب التي تخوضها في اليمن منذ مارس/آذار 2015 وتبرير استمراها للعام الثامن على التوالي، عمدت إلى فبركة لقطات في مقطع فيديو استعرضه الناطق باسم قوات التحالف العميد تركي المالكي، أمس، زاعما أنها لمستودع صواريخ باليستية للحوثي بميناء الحديدة.
وتكشف لاحقا أن المقاطع مجتزأة من فيلم أميركي وثائقي حول غزو العراق يحمل اسم “SEVERE CLEARE”، ما فتح بابا للتساؤلات حول الأسباب التي تدفع التحالف الذي تقوده السعودية إلى فبركة الأحداث خاصة بشأن ميناء الحديدة الذي يتمتع بأهمية استراتيجية كونه يمثل شريان الحياة لملايين اليمنيين؟ وما هي أطماعها هناك؟ وهل تقف وراءه أطراف أخرى؟
ميناء الحديدة:
الميناء يقع على ساحل البحر الأحمر، ويعد ثاني أكبر موانئ اليمن، بعد ميناء عدن، ويحتل موقعا استراتيجيا لقربه من خطوط الملاحة العالمية، وهو شريان الحياة لأكثر من 8 ملايين يمني في محافظات الحديدة وتعز وصعدة وصنعاء، ويحتوي على ثمانية أرصفة بطول 1461 متراً ورصيفين في حوض الميناء بطول 250 متراً.
ويستقبل الميناء 70% من حجم الواردات اليمنية التي ترتكز على الغذاء والدواء والوقود، وسيطر عليه الحوثيون أواخر 2014، عقب اجتياحهم للعاصمة صنعاء بالتحالف مع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ولأنه يلعب دور حيوي في تمكين الحوثيين من الاستمرار في الحرب، سعت قوات الشرعية والتحالف إلى التحرك لانتزاعه منهم والسيطرة عليه.
وفي أواخر 2018، قبلت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين اتفاقا برعاية الأمم المتحدة في آخر محادثات سلام لليمن في السويد على هدنة في الحديدة وإعادة انتشار لقوات الجانبين، وهو ما عُرف باتفاق ستوكهولم وتأسست على إثره البعثة الأممية التي تشرف على تنفيذ الاتفاق بين الأطراف المتقاتلة.
وتخضع مدينة الحديدة لسيطرة الحوثيين منذ سنوات، لكن القوات المشتركة الموالية للحكومة اليمنية كانت تنتشر في محيطها من الجهة الجنوبية وجزء من الجهة الشرقية إلى أن تراجعت في نوفمبر/تشرين الأول 2021، عشرات الكيلومترات من دون إعطاء أسباب واضحة لذلك، فيما عُرف بالانسحابات المفاجئة للتحالف.
الخطوة التي مكنت الحوثي في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، من السيطرة على ميناء الحديدة، وتجددت التوترات بين الأطراف، وبرز ذلك مؤخرا في سيطرة الحوثي على سفينة شحن ترفع علم الإمارات قالت إنها تحمل معدات عسكرية قبالة الميناء، وتُشارك في أعمال عدائية تستهدف أمن واستقرار الشعب اليمني، فيما قال التحالف إن السفينة تحمل معدات طبية.
خطة دولية:
وبدوره، قال الناشط السياسي اليمني معاذ الشرجبي، إن نشر لقطات تبين استخدام الحوثي لميناء الحديدة كمستودع للصواريخ الباليستية وأزمة السفينة التي اختطفتها الحوثي يأتيان في سياق تمرير خطة تنفذها الدول الكبرى وعلى رأسها بريطانيا مستخدمة التحالف والحوثي كأدوات لتمريرها، تستهدف جعل ميناء الحديدة مصدر لتهديد الملاحة الدولية.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن الدول الكبرى تستهدف من ذلك خلق حجة لتدويل القضية وتسليم الميناء لقوات دولية، بهدف السيطرة عليه والتحكم بممر الملاحة بالبحر الأحمر المتمثل في “ميناء الحديدة وميناء المخا وباب المندب” لأن من يسيطر عليهم يسيطر على البحر الأحمر بأكمله.
اختراق استخباراتي:
ورجّح الشرجبي، أن السعودية لم تتعمد استخدام المشهد المفبرك من الفيلم الأميركي لأنه ودون شك أوقعها في حرج كبير واهتزت مصداقيتها بعد ما تم عرضه أمام الإعلام الغربي والمؤسسات الدولية، متوقعا أن الحوثي استطاع خداع الرياض بإعطائها هذا المشهد وإيهامها أنه مخازن للصواريخ الباليستية في ميناء الحديدة ودفعت هي مقابله مبالغ كبيرة لمن سربه لها.
وأضاف: “بهذا اهتزت مصداقيتها بشأن روايتها عن سفينة روابي ونسف ادعائها بشأن ميناء الحديدة بغض النظر عن مصداقية ما يدعيه الطرف الآخر”، مشيرا إلى أن نشر المقطع كان تمهيد من التحالف لاستهداف الميناء لكن الحوثي استطاع إيقاعه في الفخ وإفشال خطته لاستهداف الميناء.
وأكد الشرجبي، أن الحوثي لا يهمه من كل ذلك إلا أن يبقى ميناء الحديدة تحت سيطرته فقط لإدخال السلاح والصواريخ والمسيرات، مستطردا: “إن بقي الميناء بيد الحوثي يعني مزيد من السلاح والدماء والحرب وإن سيطرت عليه قوى دولية فلينس اليمنيون شيء اسمه السيادة على باب المندب والجزر والممر البحري في البحر الأحمر لمئات السنيين”.
مسرحية هزلية:
وبدوره، قال الإعلامي اليمني أنيس منصور، إن استخدام التحالف لمقاطع مفبركة ومجتزأة من فيلم وثائقي أميركي، يأتي ضمن مسرحية هزلية سمجة ومؤسفة، يختلقها لإيجاد مصوغ قانوني ليكسب مصالحه العامة، وذهب لاستخدام الأكاذيب والفبركات لشرعنة وجوده في اليمن، والبحث عن مبررات لقصف الحديدة.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن فبركات التحالف ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لافتا إلى أن لقطات الحديدة سبقها استعراضات كثيرة قدمها الناطق باسم قوات التحالف العميد تركي المالكي، مستخدما التكنولوجيا في تمريرها، منها فبركة مشاهد وتقديمها للرأي العام على أنها اختراق استخباراتي تم تصويرها في مطار صنعاء.
ونشر أنيس، قبل 20 يوماً وتحديداً عقب ليلة قصف التحالف لمطار صنعاء في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، تغريدة أكد خلالها أن التحالف يبحث عن مبررات لقصف ميناء الحديدة، قائلا: “ليلة أمس قصف مطار صنعاء وتحدثوا عن مشروعية القصف لوجود خطر وبعد يومين سيتم قصف ميناء الحديدة لوجود خطر”.
كما توقع أيضا قصف عبّارات السيول في طريق نقيل سمارة بنفس مبرر وجود خطر، مستنكرا ابتهاج بعض من وصفهم بالغاغة والمرتزقة شماتتة بالحوثي دون أن يعلموا أن القصف تدمير مصالح عامة لا علاقة لها بالحوثي الذي رآه حقق انتصارا بفبركة التحالف لصور ميناء الحديدة التي نشرها أمس.
يشار إلى أن تقارير للأمم المتحدة، أفادت بأن القتال قرب ميناء الحديدة، تسبب في نزوح نحو 700 عائلة (حوالي 4900 شخص) إلى الخوخة، على بعد أكثر من 100 كيلومتر (60 ميلاً) جنوب الحديدة، بينما نزحت 184 عائلة أخرى (حوالي 1300 شخص) إلى الجنوب عند مدينة المخا الساحلية المطلة على البحر الأحمر.
ارسال التعليق