لهذه الأسباب فزع آل سعود ووعاظ سلطتهم من مؤتمر غروزني
لهذه الأسباب فزع آل سعود ووعاظ سلطتهم من مؤتمر غروزني
* جمال حسن
ضربة موجعة تتلقاها السعودية بمؤسستيها السياسية والدينية من قبل كبار علماء أهل السنة والجماعة في ظاهرة غير مسبوقة بهذا الحجم والكم الهائل، معتبرين الوهابية لاتنم للاسلام بصلة وهي العامل الأساس في تفريق الأمة وتقسيمها وتدميرها، والأهم من كل ذلك انها لا تمثل أهل السنة جملة وتفصيلاً .
الضربة سددت بشكل ذكي مصيبة الهدف بدقة عالية، مضيفة صفحة جديدة كبيرة في مسلسل الفشل الذي يطارد آل سعود وسياستهم القمعية التدخلية الفتنوية داخلياً واقليمياً ودولياً، وعلى مختلف الصعد مؤخراً والتي بدأت بالتقارب بين انقرة وموسكو والذي صاحبه تغيير الوضع الميداني على الساحة الشامية والعراقية واليمنية والليبية و.... لتحقق انجازات جديدة ضد الجماعات الوهابية التكفيرية السلفية المسلحة الناشطة بدعم سعودي أمريكي منذ سنوات عدة كلفت أبناء المملكة عشرات مليارات من أموال بترولهم المسروقة فيما هم يعانون الفقر والجوع والبطالة وفقدان السكن بنسب متزايدة يوماً بعد آخر وسط سياسة التقشف للسلطة الحاكمة .
أن تأتي الضربة هذه المرة من قبل مئات العلماء من أبناء أهل السنة والجماعة وبمباركة من الأزهر الشريف، لتنفي قيادة السعودية للعالم السني وتعلن أن مذهبها الذي تتمسك به وتروج له منذ عقود طويلة، مذهب لا ينم للاسلام بصلة لا من قريب ولامن بعيد وإنما هو بدعة إبتدعت لمآرب سياسية استعمارية، يشكل بحد ذاته أمراً بالغ الخطورة على مكانة آل سعود ومؤسسة آل الشيخ الدينية بكل الأبعاد الدينية والسياسية والمكانية والزمانية فيما الرياض تعاني الأمرين أشدهما بدء الحليف الأمريكي بسحب الدعم منهم وإرغامهم القبول بالحلول السلمية بدلاً من فرض القوة العسكرية والعبث بمقدرات الشرق الأوسط، وأن سياستهم فشلت مرة اخرى فشلاً ذريعاً في خدمة السيد راعي البقر ولا يعد بمقدروهم لعب دور الشرطي في المنطقة .
مؤتمر غروزني لعلماء أهل السنة والجماعة والذي لم يتم دعوة أي من العلماء السلفيين البارزين اليه، شكل ضربة قاضية لمكانة ودور المملكة في العالم الاسلامي، ليدفع الهيئة العامة لكبار العلماء بالسعودية الى الإسراع لإصدار بيان ينم عن أنفعالية وإحساس بالخطر والخوف واصفة المؤتمر ب "دعوات تهدف إلى إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية"، وأن "الذين لا يريدون لهذه الأمة خيرا، ويراهنون على تحويل أزماتنا إلى صراعات وفتن سياسية ومذهبية وحزبية وطائفية".. متجاهلة ليس عشرات بل مئات فتاوى التحريض الطائفي التي أصدرتها ولا تزال تصدرها وسائر الدعاة الملتفين من حولها عبدة الريال ودولار البلاط الملطخة برائحة البترول المنهوب والدماء البريئة، المحرضة والمشجعة والدافعة على الإقتتال المذهبي في العراق وسوريا واليمن .
إحساساً بخطر إنتزاع حلة قيادة العالم السني دفع بالهيئة السعودية السياسية قبل أن تكون دينية لتضيف أن "أمة الإسلام أمة واحدة، وتفريقها إلى أحزاب وفرق من البلاء الذي لم تأت به الشريعة، وعلى الإسلام وحده تجتمع الكلمة، ولن يكون ذكر ومجد لهذه الأمة إلا بذلك".. محذرة من "النفخ فيما يشتت الأمة ولا يجمعها، وعلى كل من ينتسب إلى العلم والدعوة مسؤولية أمانة الكلمة، ووحدة الصف، بخلاف أهل الأهواء الذين يريدون في الأمة اختلافًا وتنافرًا وتنابذًا وتنابزًا، يؤدي إلى تفرق في دينها شيعا ومذاهب وأحزابًا"؛ فيما لم يمض وقتاً طويلاً على بيان الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ودعوته لدعم المجهود الحربي في العدوان على اليمن وأعتباره قتلى الجيش السعودي والحرس الوطني وحتى المرتزقة اليمنيين والأجانب المرابطين في سوح القتال ضد الشعب اليمني بمال بترولنا المنهوب، هم "شهداء" رغم وقوفه على عدوانيتهم وغزوهم وبطلان مدعاهم، وإنما رغبة لطلب "سلمان" ونجله ولا تمت للاسلام وأحكامه من صلة أبداً !! .
حرص هيئة كبار العلماء في السعودية والذي جاء في ختام بيانها بقولها "لنحرص في عالمنا الإسلامي على بناء الصف وتوثيق اللُحمة وترسيخ المشترك، مع تعزيز الإنصاف والعدل في القول والحكم، في محيط من المحبة وسلامة القصد"، لم ولن يأتي كما تدعيه حفاظاً على وحدة الأمة ورص صفوفها ووحدة كلمتها، بل نابع عن خوفها وفزعها من تعالي الاصوات المماثلة لمؤتمر غروزني هنا وهناك ضد المكتب الوهابي السلفي المتطرف الدخيل وإنتزاع السيادة في العالم الاسلامي منها ومن أسيادها آل سعود ويقضوا منعزلين عن الأمة والمنطقة والعالم منحصرين في زاوية التطرف والقتل والدمار الذي سيقض مضاجعهم عما قريب، وسينقلب السحر على الساحر وتتحقق مقولة بشر القاتل بالقتل تلك التي بدأت تتجلى في عمليات الدواعش داخل المملكة خاصة في مناطق القصيم والرياض وجدة .
يؤكد المراقبون أن تعريف المشاركين في المؤتمر لاهل السنة والجماعة كان صادما فعلا للمملكة العربية السعودية، التي كانت الراعي الدائم لمثل هذه المؤتمرات، حيث تم حصر هؤلاء، أي أهل السنة والجماعة، في كل من “الاثرية وامامهم احمد بن حنبل، والاشعرية وامامهم ابو الحسن الاشعري، والماتريدية وامامهم ابو منصور الماتريدي”، حسب ما جاء في بيان رسمي للازهر الشريف في رد على الهجمات التي استهدفته.
تأكيد مئات العلماء المسلمين من البلدان العربية والاسلامية المشاركين في مؤتمر العاصمة الشيشانية غروزني، تلك التي شهدت إقتتال دامي لسنوات عديدة بين التطرف الوهابي المدعوم سعودياً وبين القوات الروسية، وفي ظل الظروف العصيبة الراهنة التي تمر بها الأمة والمنطقة وتطورات الساحة السورية والعراقية، وفي مؤتمر حمل عنوان «من هم أهل السنّة والجماعة؟» بمباركة من الأزهر والشيخ الطيب؛ على أن إجتماعه هذا هو «نقطة تحول مهمة وضرورية لتصويب الانحراف الحادّ والخطير الذي طاول مفهوم أهل السنّة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه».. وأنّ «أهل السنّة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكية» ما يعني أن الوهابية المتطرفة خارج إطار الأمة وديانتها .
مؤتمر غروزني إنطلاقة فريدة من نوعها في العالم السني يعكس الوعي واليقظة التي تحلى بها المشاركون وخوفهم وفزعهم الكبيرين من تصدع الأمة وتفرقها أكثر مما هي عليه الآن بسبب الوهابية والتكفيرية التي تعيث الفساد في الأرض والعباد حباً لسلطة مخرف وجاهل وأرعن وحقود وبدوي قبلي لا يزال يعيش عصر الظلمة، ويكفر أخيه المسلم الشيعي فكفره أخوانه من أهل السنة والجماعة – حسب تفسير صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قبل يومين .
ارسال التعليق