ماذا تريد السعودية من قطر؟
أكد أندرياس كريغ، محلل الأمن الاستراتيجي في كلية الملك الجامعية King’s College وكلية الدفاع البريطانية، أن الأزمة الخليجية تضمنت منذ بدايتها «خطة لدخول قوات إماراتية إلى الأراضي القطرية والإطاحة بأمير البلاد».
ويشير إلى أن «الجيش القطري في طور التحديث إذ يستثمر القطريون في قدراتهم العسكرية بشكل هائل، وأن الدوحة في طريقها لسد الفجوة مع الإمارات عسكرياً؛ رغم أن مسرح الصراع الحقيقي هو في صراع القوة الناعمة بين البلدين لا الجيوش ولا المعدات».
وقال كريغ في حديث إلى البيت الخليجي للدراسات والنشر أن قطر كانت قوية في تخطيها آثار الحصار المفروض عليها من خلال ضخ مليارات الدولارات للتخفيف من حدة الأزمة، مشيراً إلى أن الدوحة حافظت على معدل نمو عند 2.6% وبيئة استثمارية مميزة، وأنها استطاعت اجتماعياً مقاومة ما أسماه بمحاولة «إحداث نوع من الانقسام في الداخل القطري بين المجتمع والقيادة»، بحسب تعبيره.
واعتبر الخبير البريطاني الذي يعمل أيضا مستشاراً في الديوان الأميري ووزارة الدفاع القطرية، أن الأزمة سرّعت من الإصلاح الاقتصادي في قطر بعد أن كانت محافظة نسبياً.
وفيما يتعلق بالسياسة الدولية، يؤكد كريغ أن قطر أصبحت أقرب إلى العواصم الغربية بعد تفنيدها رواية دعم قطر للإرهاب ومرونتها في إجراء إصلاحات حقيقية في قوانين العمل والرقابة على الأموال في ملف الإرهاب.
وأشار إلى أن الدوحة منحت واشنطن مذكرة تفاهم سمحت للأخيرة بدخول كامل على جميع السجلات والأصول المالية في البلاد وتمويلات الخارج، وهو ما منح الشركاء الغربيين المزيد من الاطمئنان.
وشدد أندرياس كريغ على أن الأزمة الخليجية هي «وليدة العام 2011 في صراع أيديولوجيات بين الإمارات التي تؤمن بالاستقرار السلطوي قبالة قطر التي تؤمن بأيديولوجية تمكين الشعوب من إحداث التغيير، وهو ما يحدث في القرن الأفريقي حيث تمول قطر والإمارات الدول وفق سردياتهما الخاصة».
من جانب آخر، يؤكد كريغ أن سلطة الأخ الأكبر في السعودية «بدأت في التآكل منذ التسعينات حين سعت الدوحة وأبوظبي إلى التحرر منها»، مشيراً إلى أن فقدان قطر لم يكن محل ترحيب في الرياض التي بدأت في التدخل وصولاً إلى محاولة الإطاحة بالحكم هناك».
واعتبر كريغ كلاً من السعودية والإمارات وقطر الدول الخليجية الأهم والأكبر، مؤكداً أن السعودية «رغم ثقلها الاقتصادي وقوتها العسكرية إلا أن هذه القوة العسكرية غير ملائمة للأغراض المطلوبة؛ لا لتأمين الدفاع عن البلاد ولا لتوفير قدرات استكشافية».
واستشهد بالحرب في اليمن وهي «صراع بسيط نسبياً إلا أن السعوديين في مأزق لا يمكنهم الخروج منه بمفردهم؛ تعاني السعودية من دمج القوات المختلفة، وتنسيق العمليات العسكرية، وكذلك الاتصالات».
أما عن الإمارات فيرى أندرياس كريغ أنه «رغم صغر الإمارات إلا أنها تلعب دوراً أكبر من حجمها إذ تمتلك أكثر الجيوش فعالية في المنطقة بعد إسرائيل إلا أنهم بالغوا في استخدام هذه القوة في الإقليم، في ليبيا واليمن والقرن الأفريقي وحتى في السودان وجيبوتي. هذه التدخلات أجبرت الإماراتيين على التعامل مع وكلاء محليين غالباً ما يفقدون السيطرة عليهم كما هو الحال في اليمن».
أما عن سينايوهات نهاية الأزمة الخليجية، اعتبر كريغ جهود الوساطة الكويتية بأنها «انتهت إلى الموت تقريباً، ليس لأن الكويتيين لم يبذلوا جهداً كافياً بل لانعدام الشركاء والرغبة في الحوار».
وأكد أن قطر تلقت وعوداً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنه شخصياً سوف يبذل جهده من أجل إنهاء الأزمة والضغط على كافة الأطراف.
وأكد أيضا أن سفارة سلطنة عمان تمثل اليوم مصالح السعودية والبحرين في الدوحة وبأنها قناة اتصال غير مباشرة، واتهم الإمارات بعدم احترام الرئيس الأميركي بعد عديد المكالمات بين دونالد ترامب وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان حيث كانت «وجهة النظر الإماراتية هي رفض الوساطة الأميركية، وهو ما تسبب في رفض واشنطن زيارة بن زايد المقررة إلى البيت الأبيض مايو الماضي».
وخلاف الموقف الإماراتي الذي يبدو معطلاً، اعتبر كريغ أن التغيير في موقف السعودية هو بوابة الحل للأزمة، ذلك أن أي تغيير في الموقف السعودي سيتبعه تغيير في الموقفين البحريني والمصري، مضيفاً:
«التركيز على السعودية ضروري خصوصاً وأنها تخسر الكثير، هي مثقلة بدين عام كبير ومشاريع استثمارية لم يكتب لها النجاح مثل مشروع نيوم»، مؤكداً أن قطر «قد تلعب دوراً استثمارياً مهماً في السعودية في حال انفراج الأزمة».
ارسال التعليق