مشهد جديد على سكانها.. احتفالات رأس السنة بالسعودية تثير جدلاً
التغيير
أخذت أشجار أعياد الميلاد ومواد الزينة الخاصة باحتفالات رأس السنة تظهر في المملكة ، في صورة اعتبرت "غريبة عن واقع وطابع المجتمع المعروف بالالتزام والتمسك بالشريعة الإسلامية".
كان السبب واضحاً وهو التحول التدريجي للمجتمع إلى الانفتاح الذي دفع به محمد بن سلمان، منذ توليه ولاية العهد، في صيف 2017، ونجح في هذا المسعى.
حيث سمحت الرياض للمرة الأولى بقيادة المرأة للسيارة، ودخولها الملاعب الرياضية، وحضورها الحفلات الموسيقية والغنائية، وهذه الممارسات لم تكن فقط غريبة عن عادات المجتمع، بل كانت مرفوضة من قبل طبقة واسعة من المواطنين، وتصل إلى حد التحريم عند البعض.
الغريب عن المجتمع المحافظ أيضاً كانت المملكة قد شهدته نهاية العام الماضي؛ حين احتفلت بعيد رأس السنة، التي كانت من المحرمات الدينية، وفي مناسبة هذا العام حيث يستعد مسيحيو الشرق للاحتفال بأعياد رأس السنة وميلاد المسيح، أواخر ديسمبر وأوائل يناير، بدأت مظاهر الاحتفال تظهر في المملكة؛ حيث تعرض متاجر أشجار عيد الميلاد ومختلف الزينة الخاصة بالمناسبة.
احتفالات سرية
وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، التي نقلت عن أحد سكان الرياض قوله: "لم أتخيل قط أن أرى هذا" في المملكة. وأضاف المواطن الذي لم تفصح الوكالة عن اسمه: "أنا مذهول!".
وكان من شبه المستحيل بيع هذه البضائع بشكل علني في المملكة قبل نحو ثلاث سنوات، ولكن شهدت المملكة أخيراً وضع حد لدور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت بمنزلة شرطة دينية في البلاد.
وعلى مدار عقود كان الناس يشترون المواد الخاصة بعيد الميلاد بشكل سري تقريباً، فيما كان المسيحيون من الفلبين ولبنان وغيرها من الدول يحتفلون بعيد الميلاد خلف الأبواب المغلقة، أو في المناطق التي يقيم بها الأجانب.
لبنانية مقيمة بالرياض تدعى ماري، قالت إنه في السابق "كان من الصعب للغاية العثور على مواد مشابهة"، خاصة بعيد الميلاد في المملكة.
وأضافت: "اعتاد عدد من أصدقائي على شرائها من لبنان أو سوريا ثم إدخالها سرّاً إلى البلاد".
من جهته أكد مدير المتجر الذي يبيع زينة عيد الميلاد في الرياض أنه قام أيضاً ببيع أزياء تنكرية في السابق بمناسبة عيد الهالوين، وهو احتفال يقام في دول كثيرة، ليلة 31 أكتوبر من كل عام، عشية العيد المسيحي الغربي.
حلم بعيد المنال
كان شراء زينة عيد الميلاد وتزيين الشجرة بها مجرد حلم بعيد المنال بالنسبة للبنانيين زياد ولميس حميدان، منذ انتقالهما للعيش في المملكة، في 2007، بحسب ما تذكر وكالة "رويترز".
يقول الزوجان إن هذا هو العام الأول الذي يسمح لهما فيه بذلك في المملكة؛ بعد أن خففت الحكومة تدريجياً القيود التي كانت تفرضها على بيع زينة وأشجار عيد الميلاد.
عمد الزوجان وأطفالهما إلى شراء الشجرة وتزيينها لوضعها في بيتهم بالعاصمة الرياض قبيل موسم احتفالات عيد الميلاد، التي ستكون مختلفة هذا العام في ظل إجراءات العزل العام بسبب تفشي فيروس كورونا في العالم.
يقول زياد إنهم سعداء كثيراً إذ وجدوا ما يحتاجونه من زينة الكريسماس، مشيراً إلى وجود فرق كبير هذا العام عن السنوات السابقة.
فيما قالت زوجته إن هذا العام هو أول عام يجدون فيه جميع المستلزمات المطلوبة للمناسبة. وتابعت: "شعرنا بوجود فرق كبير خلال هذا العام. نرى الكريسماس في جميع المحلات، نرى أشجار الميلاد والزينة، المحلات جميعها مزينة".
عجلان العجلان، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض يقول في هذا الشان: "اليوم يعيش في المملكة 15 مليون أجنبي بعائلاتهم وأطفالهم، يعيشون حياتهم بكل حرية، بكل أريحية، يمارسون عاداتهم، وأعيادهم، وطقوسهم، على كل المستويات وفي كل المناسبات، وهم مرحب بهم على كل وجه".
آراء متضاربة
منصّات التواصل الاجتماعي في المملكة تداولت صوراً للأشجار المخصصة لأعياد الميلاد تباع في متاجر المملكة.
وشهدت كذلك حالة من الشد والجذب والرفض والقبول في تعليقات المغردين حول وجود زينة الكريسماس بأسواق المملكة، أو الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية.
من بين التغريدات التي تداولها مغردون كانت تغريدة الجمارك في المملكة التي تعود للعام 2018، تظهر أن إدخال شجرة الميلاد إلى البلاد أو بيعها في الأسواق يعتبر من الممنوعات، وهي إشارة إلى ما كانت عليه الحال في البلاد إلى وقت قريب.
كثيرون ما زالوا مستغربين من التغيير الذي شهدته المملكة ، سواء سكانها المواطنون أم الوافدون، أو زوارها؛ فالمملكة كانت تحظى برقابة شديدة من قبل "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، التي كانت تفرض الالتزام بالتعاليم الإسلامية بصورة متشددة، وكان من بين هذه الصور منع المتاجر من بيع أي شيء متعلق بزينة الميلاد.
ارسال التعليق