نتنياهو يساند ديكتاتور السعودية جديد
سلط نائب رئيس تحرير صفحة الرأي في "واشنطن بوست"، جاكسون ديهل، الضوء على الأطراف التي تبذل مساعي حثيثة لمساعدة ولي عهد السعودية بن سلمان لتفادي عواقب جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وعبر مقال نشرته الصحيفة الأمريكية أمس وضع الكاتب على رأس قائمة من يحاولون إنقاذه، وانتقد طريقتها في التعاطي مع قضية خاشقجي، وتساءل ديهل، عن الأسباب التي تجعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يمدّ قتلة الكاتب السعودي جمال خاشقجي بأسباب النجاة؟ وقال ديهل: في الوقت الذي يحاول فيه ولي العهد السعودي بن سلمان الهروب من عواقب قتل خاشقجي في قنصلية الرياض في إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر الماضي، فإن هناك من يحاول أن يساعده، ومنهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس وزراء إسرائيل. ويقول الكاتب الأمريكي إنه بالإضافة إلى السيسي وبوتين فهناك نتنياهو الذي لم تعترف السعودية بحق دولته في الوجود، يسعى الأخير بشكل صريح لمصادقة الديكتاتور الجديد في منطقة الشرق الأوسط، وهو بن سلمان.
ولم يخطر ببال أي شخص أن تبادر إسرائيل، في موقف مناقض لكل ديمقراطية غربية، لإنقاذ بن سلمان من جريمة خاشقجي ومع ذلك برز نتنياهو بوصفه صديقاً لـ"بن سلمان" عند الضيق. وفي الوقت الذي التزمت فيه الحكومة الإسرائيلية الصمت طوال الشهر الأول من اختفاء خاشقجي، اتصل نتنياهو بعد يوم أو يومين من الاعتراف بمقتل خاشقجي في السفارة بالبيت الأبيض ليتوسط لصالح بن سلمان، وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: إنه على الرغم من أن ما جرى داخل القنصلية في إسطنبول مريع، وينبغي أن يتم التعامل معه بما يستحق، إلا أن من المهم جداً من أجل الحفاظ على استقرار العالم أن تبقى المملكة العربية السعودية مستقرة.
ويقول ديهل: أصابع الاتهام تتجه نحو بن سلمان بأنه الشخص الذي أمر فريق الاغتيال المكون من 18 شخصاً بقتل خاشقجي، وسط مطالبات دولية بمحاسبة من أمر بتنفيذ عملية الاغتيال البشعة.
وفي مقابل تلك العبارات الفضفاضة التي استعملها نتنياهو في اتصاله، كان سفيره لدى واشنطن، رون ديرمر، أكثر صراحة عندما قال إن على واشنطن والمجتمع الدولي عدم إبعاد بن سلمان بسبب مقتل خاشقجي. ويضيف الكاتب: السؤال هنا، لماذا يرمي نتنياهو بشريان الحياة لهذا القاتل؟ ويجيب على ذلك قائلاً: "بالنسبة لنتنياهو يعتبر أزمة خاشقجي تهديداً بإلغاء استراتيجية إقليمية مبنية بعناية ومصممة لولي عهد السعودية والرئيس دونالد ترامب، وتتمثل بفكرة إقامة تحالف فعلي بين إسرائيل والجيل الجديد من الديكتاتوريين العرب بالشرق الأوسط". ويوضح ديهل أن هذا التحالف المضاد لإيران، يمكن أن يوفر المزيد من الجهود بالنسبة لواشنطن، ويأتي بمنفعة جانبية. إن بن سلمان سيدعم خطة ترامب المتعلقة بالشرق الأوسط التي لم يكشف عنها بعد، ويبدو أنها تتضمن إجبار الفلسطينيين على القبول بشروط إسرائيل.
ويعتقد الكاتب أن الخطة كانت تسير بسلاسة لولا اختفاء خاشقجي، فقد انسحب ترامب من الصفقة النووية مع إيران، وأعاد العقوبات الاقتصادية عليها، وقطع المساعدات الأمريكية المخصصة للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، ونقل سفارة أمريكا إلى القدس المحتلة بصفتها عاصمة "إسرائيل"، واستأنف دعم الولايات المتحدة للحملة السعودية ضد الحوثيين باليمن، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف من المدنيين. ويشير ديهل أن لدى "إسرائيل" تاريخاً طويلاً في زراعة الديكتاتوريين السيئين، وأيضاً بعض شاغلي البيت الأبيض، ومشكلة نتنياهو هي أنه يراهن بشدة على بن سلمان وترامب، وهذا يعرضه لخطر التعامل مع قادة غير مستقرين، وإذا نجا بن سلمان، وهو أمر يبدو أكثر احتمالية، بالنظر إلى تمسك إدارة ترامب به، فإنه سوف يكون ضعيفاً وأكثر حذراً، ولن يتمكن من تسليم الفلسطينيين خطة سلام ترامب".
وبات واضحاً أيضاً، أن ترامب الذي يراهن عليه نتنياهو أخذ يضعف بسبب سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، وكذلك نتنياهو لم يعد يحظى كما كان سابقاً بدعم الحزبين الأمريكيين، ففي أحدث استطلاع لمركز بيو للأبحاث فإن 18% فقط من الديمقراطيين يؤيدون رؤية نتنياهو، في حين حصل على تأييد 52% من الجمهوريين.
ويذهب الكاتب إلى القول، أنه سيتم التصدي لمحاولات نتنياهو لإنقاذ بن سلمان، وأن مشهد "قيام زعيم إسرائيلي بممارسة الضغط من أجل إعفاء ديكتاتور عربي من تهمة القتل لن يؤدي إلا إلى مزيد من الضرر بعلاقته مع الولايات المتحدة".
ارسال التعليق