نحن معك يا ......!!!
في بداية الثمينيات كانت مساجد السعودية تصدح: حي على الجهاد ضد الكفار السوفيات وكانت صورة المجاهد أسامه بن لادن تتصدر الصفحات الآولى للصحف هناك ولم يسأل كثيرون أنفسهم: ولماذا الجهاد في افغانستان وليس بفلسطين الأقرب والتي تضم أولى القبلتين أو ربما سألوا وكتموا أسئلتهم ذلك لأن نقد الشيوخ وأولياء الأمر في المملكة يعادل نقد الله الواحد القهار.
وما كانت أصلا الإجابة غائبة ولا السؤال يستحق أن يطرحه سوى الأعمى الذي لم يعرف ان إعلان الجهاد مرجعيته الأولى وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) وذلك في الفصل الأخير من حربها الباردة مع الاتحاد السوفيتي حيث دعمت ودربت وخططت للمجاهدين الذين سيجبرون “السوفييت” فيما بعد على الانسحاب ليلحقه انكسار القوة العظمى الثانية وتحول المجاهدين في البحث عن كفار جدد فكانت غزواتهم داخل السعودية نفسها التي دعمتهم وأرسلتهم إلى افغانستان وداخل أمريكا نفسها التي دربتهم وخططت لهم.
وفي بداية التسعينات وجراء غزو الكويت للعراق يقول قائد الجيوش الأمريكية “شوارزكوف” في مذكراته: أصبت بالصدمة لأنني ما توقعت أن الملك السعودي يوافق على انزال قوات أمريكية تقدر بربع مليون جندي في بلاده بهذه السرعة والسهولة.
لم يفكر الملك بأي حل سياسي مع صدام حسين الذي كان سينسحب سلماً لو اجبروا شيوخ الكويت على التعهد بعدم اتخاذ سياسات نفطية تضر بالعراق الذي كان قد دفع دماء شبابه في حرب الثماني سنوات ليحمي البوابة الشرقية من الثورة الفارسية التي أسموها زورا وبهتانا بالثورة الإسلامية. قرروا الحرب على العراق الذي انسحب من الكويت ليفرضوا عليه حصارا دوليا بعد ذلك خطف أرواح أكثر من مليون طفل عراقي.
لم يفكر الملك الذي حاصر صدام بأنه يقدم أفضل خدمة للمشروع الفارسي. انساق وراء الأمريكان الذين سيقررون غزو العراق بعد أكثر من عقد على الحصار ردا على “غزوة” نيويورك وواشنطن من قبل القاعدة نفسها التي أسسوها مع السعودية، وبحثا عن أسلحة دمار شامل يعرفون انه لا يملكها.
لم يفكر الملك السعودي ان اسقاط صدام سيستدعي إيران من أوسع أبوابها وان ملالي طهران يسنالون جائزتين الأولى: إعدام الرئيس العربي الذي جعل الخميني يتجرع كأس سم الهزيمة بعد ان عجزت حرب الثماني سنوات عن هزيمته والثانية: ستتمدد إيران داخل العراق فتحكمه بسياسات الولي الفقيه.
وربما فكر الملك السعودي بكل ذلك ولكنه لم يملك من أمره شيئاً والقرار للأمريكيين لا يناقش ولا يُرد. يأتيهم الأمر: أعلنوها جهادا ضد الكفار السوفيات فيعلنوها. اعلنوها حربا ضد صدام الذي ان سقط حكمه حلت مشاكل العرب فيعلنوها ويفتحوا أسوار بغداد بأيديهم من جهلهم للفرس الذين سيبدأون بسلخ اللحم العربي بعد ان احتلوا العراق قطعة قطعة.
ولم يصدق الملك السعودي ان إيران ليست طائفية بل أمة فارسية تستخدم المذهب الشيعي كي تتسلل من خلاله إلى عواصم العرب وان لا خلافا يستدعي ذبح ابناء المذهبين لبعضهما الآخر وانها ليست بحرب طائفية بل هي حرب استعمارية او عرقية بين الفرس والعرب. وما ينبغي ان تقع السعودية في فخ الحرب الطائفية التي تفيد إيران وتمزق العرب.
لكن الملك السعودي انساق وراء إيران ووقع بفخ إعدام شيخ كان ملالي طهران أكثر ما يتمنون اعدامه لسهولة اثارة الشيعة بمظاهرات واضطرابات وتحريك ميليشياتهم في أكثر من عاصمة عربية. ولو فكر الملك للحظة لعرف ان آخر ما يتمناه الحرب على جبهتين داخليا وخارجيا.
يحتار المرء منذ تأسست المملكة بمن يضع لها سياساتها وهل لديها رؤية استراتيجية حين تتخذ القرارات وتختار الاصطفاف أو هل بالأساس لديها قرار؟
بتسلسل التاريخ ستعرف كيف سادت مماليك وكيف تلاشت. وبمملكة آل سعود ستجد أمرا غريباً وهو أن عدوها الأول قبل الفرس هم آل سعود. أي اعداء أنفسهم. فكل الأزمات التي واجهت مملكتهم كانت من صنيعة أيديهم.
نادوا حي على الجهاد فانقلب المجاهدون عليهم فانشغلوا بمحاربتهم.
اتفقوا مع الأمريكيين كي يخلصونهم من صدام. فخلصهم الأمريكان من صدام وسلمهم وسلم العراق لإيران.
صدقوا أمريكا ووضعوا ثقتهم وأموالهم وقرارهم رهن ختم البيت الأبيض مقابل الحماية فكشف الأمريكان ظهورهم وبطونهم لإيران.
وقفوا ضد الثورات العربية واعلنوا حربا لا هوادة فيها ضد الإسلام السني فكشرت إيران عن أنيابها وحركت ميليشايتها في معظم الدول العربية.
طيب، نحن الشعوب الطيبة الذين لا نخالف لولي الأمر أمراً ماذا نحن فاعلون؟
ننساق لحرب قسمت العرب طوائف ونلحق ولي الأمر مثل كل مرة أم نصمت فتلتهمنا إيران لقمة سائغة بعد آن أكلت من جسدنا في سوريا واليمن والعراق؟
سيخرج سبعة آلاف من المشايخ يؤذنون حي على الجهاد ضد الشيعة ومقابلهم يلطمون: يا لثارات الحسين.
وما كان ينبغي لعربي أو مسلم سوى أن يؤذن: حي على الجهاد ضد جميع مشاريع هيمنة واحتلال إيران الفارسية لا الشيعية. فلا ينساق كما انساق ولي الأمر في مملكة آل سعود لحرب طائفية علمنا التاريخ ان عمرها لا يقل عن ثلاثين عاما.
ارسال التعليق