هكذا تلاحق حسابات سعودية المقيمين العرب اعتقال وترحيل
تصاعدت خلال الشهور الأخيرة موجة التحريض على مقيمين عرب في السعودية، من قبل حسابات تحمل أسماء وهمية، وتتبع منشورات أشخاص من جنسيات معينة يقيمون في المملكة.
ورصدت عدة حسابات تستهدف مقيمين عربا من جنسيات (مصر، فلسطين والأردن، اليمن، سوريا، لبنان)، وتقوم بنشر البيانات الشخصية لموظفين من هذه الجنسيات يعملون في المملكة، بمجرد التقاط أي منشور لهم يحمل انتقادا للحكومة السعودية.
وتحمل جل هذه الحسابات أسماء متشابهة مثل "اليمنيين Out Of Context، المصريين Out Of Context، اليمنيين Out Of Context السوريين".
وخلال الشهور الماضية، رصدت "عربي21" تزايد حملات التحريض لا سيما ضد المقيمين المصريين، حيث تم استهداف عشرات الموظفين العاملين في شركات سعودية، وذلك بسبب منشورات لهم في صفحاتهم عبر "فيسبوك" تنتقد حفلات "موسم الرياض" في ظل العدوان على قطاع غزة، أو بسبب منشورات اتهموا من خلالها بالإساءة إلى الشعب السعودي.
وعلى الفور، تفاعلت الشركات التي ينتمي إليها الموظفون بإعلان فصلهم، فيما جرى اعتقال آخرين وتحويلهم إلى النيابة العامة.
المعارض السعودي ناصر بن عوض القرني، قال إن من يقف خلف هذه الحسابات هو أحد مستشاري الدولة.
واستدل القرني في اتهامه على نشر هذه الحسابات معلومات شخصية للغاية حول الأشخاص المستهدفين، مثل رقم الهاتف، وعنوان السكن بالتفصيل.
وقال القرني إن الهدف من هذه الحسابات هو "محاولة عزل الشعب السعودي عن محيطه، وصنع عداوات له من لا شيء".
لا يقتصر عمل هذه الحسابات على استهداف المقيمين في المملكة، إذ تعمل أيضا على محاولة التشكيك في بعض ثوابت الدول العربية، لا سيما مصر، وسوريا، وفلسطين.
فعلى سبيل المثال، قام حساب "المصريين Out Of Context" بالتشكيك في كون طبق "الكشري" مصري النشأة، قائلا في تدوينة: "طبق الكشري المصري الشهير أصله من الهند، كشري كلمة هندية لا وجود لها باللغة العربية".
فيما قام حساب "الفلسطينيين Out Of Context" بالتشكيك في نوايا الفعاليات المناصرة للشعب الفلسطيني والرافضة للعدوان على غزة.
ونشر الحساب مشاهد من مظاهرات وفعاليات في دول أوروبية والولايات المتحدة مناصرة للشعب الفلسطيني، مشككا في كون المشاركين فيها قاموا بالتبرع لفلسطين.
الكاتب السعودي عبد الله المزهر أبدى استياءه الشديد من تحريض حساب مشابه هو "السوريين Out Of Context" على مقيم سوري لمجرد نشره صورة من السعودية وكتابته عليها "لحظة إدراك، لازم أتقبل العيشة بالسعودية ما عاد أقدر أرجع أعيش بسوريا".
وقام "السوريين Out Of Context" بنشر صورة قديمة لذات المقيم في أحد مخيمات اللجوء، وعلق عليها "ما ألومك متعود على مخيمات سوريا".
وعلق المزهر على هذه الظاهرة المتنامية قائلا: "هؤلاء السفلة تمادوا إلى حد مخيف..! الشماتة في مصائب الناس، وبطر النعمة والتعالي على خلق الله أمور لا يجب أن نعتاد عليها وتألفها أعيننا وأسماعنا. نحن لسنا كذلك ولا يجب أن نقبل بهكذا أشياء".
وأن بعض ضحايا حملات التحريض من قبل هذه الحسابات، تم استهدافهم بناء على منشورات دونوها قبل سنوات طويلة.
وتعرف هذه الظاهرة في السعودية بـ"نبش التغريدات"، حيث يتم عمل حملة منظمة تستهدف شخصا بعينه بسبب منشور كان قد كتبه قبل سنوات قد تصل إلى العشر، مع وضع إشارات عديدة للحسابات الرسمية الخاصة برئاسة أمن الدولة، والنيابة العامة، والأمن العام.
وفي العديد من المرات تقوم النيابة العامة بالتفاعل مع هذه الحملة، واعتقال الأشخاص المعنيين، والذين غالبا ما كانوا مواطنين سعوديين خلال السنوات الماضية.
وقال رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، علي الدبيسي، إن الحكومة من صنعت هذه الحالة، من التحريض بين المواطنين، وبمباركة منها.
وأضاف، أن "هذا السلوك قديم قبل الإنترنت، ومواقع التواصل، وهذا الأسلوب في المظهر القديم".
وأردف قائلا: "السعودية في كثير من الأحيان تؤكد على مواطنيها برفض أحدهم دور الدولة، لكن في بعض المسائل مثل هذا التحريض، تريد منهم القيام بدور الدولة، وهذا التحريض ينمي القمع، ويعطي للقمع مشروعية اجتماعية، وينمي حالة الجاسوسية بشكل أو بآخر، مثل تطبيق (كلنا أمن) الذي يمكن أن يصنع من كل مواطن جاسوسا".
في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، تداولت حسابات أنباء أن بعض هذه الحسابات ولا سيما "المصريين Out Of Context" تدار من قبل جهات إسرائيلية يشرف عليها الإعلامي إيدي كوهين.
وبحسب منصة "إيكاد" للتحقيقات، فإن خريطة التفاعلات الخاصة بهذا الحساب وغيره، كشفت أن "من يريد تصدير هذه الحسابات وتضخيم التفاعل عليها هم أنفسهم من يريدون تضخيم التفاعل على حساب إيدي كوهين، وتمرير أجندته".
وكشفت المنظمة أن هذه الحسابات ربما تكون على صلة بالمغردة الإسرائيلية "موران" والتي تعرف نفسها بأنها إسرائيلية صهيونية، محبة للموسيقى العربية، للفلكلور التراثي والأغاني الطربية وهي متقنة للغة العربية ولهجاتها بدقة.
ووثق الحساب نشر "موران" صورة في 2020 تكشف خلالها مشاركتها بندوة تحت عنوان "شبكة النجوم التي تربط إسرائيل بالعالم العربي" وقد أجريت مع موران و٣ سيدات، إحداهن هي سايبر ليفني المسؤولة عن الحسابات الناطقة بالعربية في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وفي هذه المقابلة أكدت موران أنها معلمة لغة عربية وأنها تستخدم معرفتها باللغة العربية لمحاربة الرواية العربية الإعلامية المؤيدة لفلسطين عند اندلاع الحروب.
بينما قالت "سايبر" إن حملتهم الإعلامية لدعم رواية التطبيع تتم من خلال "طرق وإستراتيجيات موجهة حسب كل جمهور عربي بناءً على المنصة الرقمية المستخدمة تزامنًا مع تحليل تفاعلات الجمهور العربي وردود أفعالهم مع الحملات الإسرائيلية للتأثير على الوعي العربي".
ارسال التعليق