هل السعودية جادة في "إزالة المشاكل" مع تركيا
التغيير
يظهر أن العلاقات التركية مع المملكة لن تكون على نفس النسق الذي كانت به خلال العامين الماضيين، وما تخللته تلك السنوات من توتر وتصعيد سياسي وإن لم يصل لحد القطيعة الرسمية.
فقد اتسمت الفترة الماضية بعلاقات أقرب للتوتر، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول (2 أكتوبر 2018)، وسط هجوم إعلامي شرس ضد تركيا رافقه حملات تحريض شعبية على وسائل التواصل الاجتماعي ضد أنقرة بدت مدعومة من السلطات.
وهو ما يفتح تساؤلات عن أسباب التحولات المفاجئة في "سياسة المملكة "، التي بدت أنها متغيرة في زمن قصير، خلال أقل من شهر تجاه تركيا، الدولة الإقليمية الصاعدة والمحورية في الشرق الأوسط.
إزالة المشاكل
ولعل الجديد الذي يرجح إذابة الجليد بين البلدين هو اتصال هاتفي أجراه الملك سلمان بن عبد العزيز، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إطار الحديث عن قمة العشرين.
واتفق الجانبان،على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية وإزالة المشاكل.
وهو تطور ملحوظ في سير العلاقات التركية مع المملكة بعد تحركات إيجابية من قبل المملكة تجاه تركيا خلال شهر نوفمبر الذي شهد إجراء الانتخابات الأمريكية.
ويبدو أن الرياض في طريقها للتقارب مع أنقرة، خاصة بعد الاتصال الذي جرى بين الطرفين، والذي يعد خطوة متقدمة بعد إرسال المملكة لمساعدات مستعجلة إلى تركيا بعد حدوث زلزال إزمير الذي خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى وخسائر مادية.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "واس"، في 6 نوفمبر 2020، أن "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية سيقوم بتقديم هذه المساعدات انطلاقاً من حرص الملك سلمان على الوقوف إلى جانب الشعب التركي".
كما تخلل الفترة بين حديث أردوغان والملك سلمان، وإرسال المساعدات، اتصال هاتفي بين أردوغان والعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، حيث تطرق الجانبان لإمكانية تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء البحرينية "بنا"
ولعل التقارب البحريني التركي متصل بتقارب تركي مع المملكة، حيث إن المنامة حديقة خلفية للرياض، وتمرر عبرها الكثير من المواقف.
رحلة توتر العلاقات
ولم تكن العلاقات التركية مع المملكة بأحسن أحوالها خلال العامين الماضيين، خاصة ما بين أكتوبر 2018 وأكتوبر 2020، حيث شهدت توتراً متنامياً بين صعود وهبوط، بدا وكأنه باتجاه القطيعة.
وبدأ توتر العلاقة مع اغتيال خاشقجي في أكتوبر 2018، وصولاً إلى شن المملكة حملة غير رسمية واسعة على مقاطعة البضائع التركية، في هجمة على وسائل التواصل الاجتماعي كانت من الأشرس.
وأكّد رئيس مجلس الغرف التجارية في المملكة، عجلان العجلان، في أكتوبر 2020، أن مقاطعة بلاده للمنتجات التركية مستمرة، مهما حاولت أنقرة التأثير.
ومجلس الغرف التجارية هو هيئة غير حكومية تضم رجال أعمال من القطاع الخاص، وسبق أن دعا رئيسه إلى مقاطعة المنتجات التركية.
وبالرغم من أن الحكومة في المملكة أكّدت، في أكتوبر 2020، أن السلطات لا تفرض أي قيود على البضائع التركية، فإن مجلس غرف التجارة لا يمكنه أن يقوم بخطوة كبيرة مثل هذه دون إذن مفتوح.
وفي فبراير 2020، اتهم وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، تركيا بتمويل ورعاية "المليشيات المتطرفة" في الصومال وليبيا وسوريا، كما تحركت الرياض لحجب جميع المواقع التركية في المملكة، ورداً على ذلك، أعلنت أنقرة أنها ستحجب جميع المواقع التابعة للمملكة والإماراتية في البلاد.
هل من دوافع أخرى للتقارب؟
وقد يكون فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة حمل العديد من التغيرات بالعلاقات الدولية في المنطقة، حيث بدأ اختلاف تعاطي الدول مع سياساتها الخارجية كما كانت زمن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحمل عقيدة سياسية بعيدة عن مبدأ الرئيس الديمقراطي الجديد المنتخب ضمن الإطار المعلن على الأقل.
فقد ساءت العلاقات التركية مع المملكة زمن ترامب، في حين كانت ضمن وضع ممتاز و"دافئ" خلال ولاية الرئيس الأسبق باراك أوباما، وما تضمنته تلك المرحلة من قمم وزيارات متبادلة، وتوقيع اتفاقيات بمختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وغيرها.
كما أنّ موقف بايدن من إيران والاتفاق النووي معها قد يعجل من بحث الرياض عن بدائل قوية في المنطقة، وهو ما قد تمثله أنقرة بشكل واضح، بالإضافة إلى رغبة تركيا في حصول توافق مع دولة عربية كبرى بوزن المملكة.
ارسال التعليق