هل القبض على كرسي الملك بالسعودية يحتاج حرب في لبنان.. أم الهدف قطر؟
إلى وقت كتابة هذا التقرير لم تتضح الأسباب الحقيقية، لفتح السعودية النار على لبنان بهذا الشكل العنيف وتهديد استقراره الهش أصلاً تحت شعار محاربة حزب الله المتهم من قبل المملكة بأنه يزعزع أمن المنطقة واستقرارها، ويسيطر على القرار السياسي في أرض الأرز.
كثير من المراقبين أرجعوا هذه الهبّة السعودية على لبنان إلى هدف تسعى له الإدارة في المملكة، وهو تصدير مشاكلها الداخلية وغض البصر عن الإجراءات التعسفية التي تم اتخاذها في الآونة الأخيرة باعتقال عدد من رجال السياسة والاقتصاد بتهمة الفساد وتبديد المال العام، خاصة وأن هذه الإجراءات جاءت متوازية مع التهديد السعودي للبنان وحزب الله...
وهي أي السعودية منهمكة اليوم في حسم ترتيب البيت الداخلي بعد القضاء على صراع الأجنحة بين صقورها سياسياً وإقتصادياً وحتى أمنياً، إضافة إلى وضعها الاقتصادي الذي يعاني أزمات غير مسبوقة، ناهيك عن معركتها اللامنتهية في اليمن، والتي أنهكت السعودية وأفقدتها صوابها، بعد وصول صواريخ الحوثي إلى مابعد ما بعد منطقتي نجران وعسير لتصل إلى قلب الرياض..!!
هل فتحُ النار في لبنان، الهدف منه تيسير انتقال الحكم في السعودية من ... إلى؟
المعطيات هنا تشير إلى أن الصراعات في السعودية بين من يرغب في السيطرة على كرسي الملك، ومعارضيه من أمراء ورجال أعمال وصقور الجيش والأمن، محسومة بشكل كبير، ولا تحتاج لفتح جبهة حرب جديدة في لبنان، خاصة وأن الموقف الأمريكي يبارك هذه السيطرة المطلقة على كرسي الملك، فواشنطن لم تعترض على خلع محمد بن نايف من منصبه واللعب في تراتبية الحكم، ولم تعترض على اعتقال أمراء ورجال أعمال وقادة عسكريين بحجة الفساد معتبرة الأمر شأن داخلي بشكل أو بآخر...
الأبواب تؤدي إلى قطر...
"قطر قضية صغيرة جداً جداً جداً"، عبارة رددها ساسة السعودية كثيراً في الأيام الأخيرة، ويرى مراقبون أن هذه العبارة الهدف منها، ربما تصغير الحصار المفروض على قطر إقليمياً ودولياً، ووضع الأزمة الخليجية في قمقم النسيان والإنصراف لأزمات أكثر أهمية، إلا أن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قرأ ربما المشهد مبكراً، خاصةً عندما صرح بأن دول الحصار تريد تطبيع الحصار على قطر... وتطبيع الحصار هنا تعني التطبع به والاعتياد عليه وكأنه أمرٌ واقعٌ لا مفر منه... ولكن كيف المفر من أزمة تهدد مستقبل الخليج أمنياً وإقتصادياً وسياسياً، وتأخذ الجزيرة العربية إلى مكامن التفكك والإنهيار لأهداف شخصية ومكاسب فردية غير محسوبة.
من الواضح أن أسلوب تطبيع قضية الحصار على قطر لم تنجح بالشكل المطلوب، فكان لابد من استخدام أسلوب آخر وهو الصدمة المباشرة، وهذا ما إتبعته السعودية خلال الأيام القليلة الماضية وذلك من خلال قرارات تعسفية سريعة تشبه في شكلها ومضمونها أسلوب الصدمة، فما كان الشارع الخليجي والعربي يستفيق من قرار اعتقال شخصيات بارزة في المملكة، ليصطدم بفتح السعودية الهجوم على لبنان واحتجاز رئيس حكومته وتهديد حزب الله بحرب قريبة، الأمر الذي حقق مكاسب ضخمة لمن خطط ونفذ هذا السيناريو المتقن في توقيته وساعة الصفر في تنفيذه...
فماذا استفاد من يقود السعودية من إشعال الملف اللبناني؟
1 - تصدير الأزمات والصراعات الداخلية إلى الخارج
2 - صرف الأنظار عن ما يخطط له من سيطرة مطلقة على مفاصل الحكم والدولة.
3 - إبعاد السلطة الدينية المنتقدة له، عن المشهد بعد موجات الانفتاح والعلمانية المرفوضة مجتمعياً.
4 - الظهور بمظهر المسيطر إقليمياً بعد تلاحق الهزائم عليه في اليمن وسوريا وقطر.
5 - النجاح في إبعاد الأنظار عن الأزمة الخليجية وحصار قطر بأزمة جديدة أكثر سخونة عنوانها الحرب والتهديد واعتقال رئيس حكومة دولة ذات سيادة...
لا يمكن الإنكار بأن من يقود السعودية اليوم، نجح في تغيير البوصلة العالمية والإقليمية والإعلامية عن أزمة حصار قطر بشكل أو بآخر، والالتفات إلى ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في لبنان..
ولكن إلى متى ستبقى سياسة الهروب إلى الأمام منجية للسعودية، بعد كل أزمة تضع نفسها فيها، فهل المشكلة حقاً في أسلوب السعودية السياسي بالتعاطي مع أزمات المنطقة، أم المشكلة في دول المنطقة نفسها؟
هل سيصل الأمر بالسعودية لاحتجاز دول المنطقة كلها في الريتز كالتون لتحقق أهدافها وغايتها غير المفهومة أصلاً...!
بقلم : احمد ابراهيم
ارسال التعليق