هل سينقذ الإرشاء ملك بن سلمان أم ينزلق مثل غريمه ؟!
الدعوة للإرشاء أضحت اليوم بالعلن يلعبها الطائشون والمتهورون والخائفون على ملكهم مع الصغار والكبار لشراء الوقت الخروج من الضغوط والتهديدات الكبيرة المحلية منها والدولية التي تهدد سلطانهم، وسط مسلسل الفشل العارمة الذي يجتاح سياسة سلمان ووليي عهده في داخل المملكة ومحيطها الاقليمي والدولي.
تمسك أبناء عبد العزيز واحداً بعد آخر بشعارهم المألوف «قادرون على شراء كل شيء بالمال» والذي حفظ لهم سلطانهم طيلة العقود الماضية وتستر على إجرامهم ومساوئهم وعنفهم وقمعهم لأي تحرك ديمقراطي مطالب بالمساواة وحقوق الانسان وحرية التعبير في داخل المملكة والبلاد العربية وكانت الفوضى الخلاقة والإقتتال والدمار هي نصيب من خرج عن طاعة الولي المخرف والمتبختر أقليمياً، وحد الحرابة وقطع الرؤوس بالسيف داخلياً ومسلسل الاعدامات التي تطال الناشطين من ابناء الجزيرة العربية حسب تقارير العفو الدولية وأجندة حقوق الانسان خير دليل .
هذه السياسة لم تعد تنفع سلمان وملكه بعد اليوم حيث طمع الحليف الكبير راعي البقر آخذ في تزايد ولم يعد يكتفي بمئات المليارات من الدولارات التي قدمها محمد بن سلمان خلال زيارته الأخيرة الى واشنطن، أو سماحه بتصرف الادارة الأمريكية بتلك المودعة لدى الخزانة الأمريكية (750 مليار دولار) كسندات للتعويض عما جرى في حادثة 11 سبتمبر الارهابية، وحتى الحصة الكبيرة التي من المقرر أن يتصاحبها "ترامب" من بيع اسهم "آرامكو"، ليرفع صوته بمطالباً بالمزيد وأن الولايات المتحدة الأمريكية تدفع أكثر من ذلك بكثير من أجل بقاء ملك آل سعود .
داخلياً، الحراك الشعبي المطالب بحرية الرأي والتعبير وتساوي الحقوق والعدالة آخذ بالاتساع مستغلاً تغافل السلطة وتنامي صراع المحمدين على ملك وإرث المخرف المصاب بالزهايمر وجنون العظمة الآيل الى الزوال عما قريب؛ الى جانب إرتفاع الدعوات المطالبة بالحد من البطالة المتفشية وسط الشباب السعودي وفي مقدمتهم المتعلم حيث تجاوزت الـ 40% للذكور و60% للأناث، ووزارة الصحة تطال مئات الموظفين من أبناء المملكة، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تلقي باللائمة على وزارة المالية بشأن عدم تطبيق فرع المعاشات على السعوديين العاملين بالجهات الحكومية والمؤسسات العامة غير الخاضعين لنظامي التقاعد المدني والعسكري الذين لم يمتد إليهم التطبيق بعد، وأكدت في تقريرها السنوي الأخير أن الوزارة لم تلتزم بتحمل حصة صاحب العمل (الأمراء) للعاملين لدى الجهات الحكومية من هذه الفئة.
المراقبون للوضع الداخلي في بلاد الذهب السود يؤكدون السياسة التي أنتهجها عبد الله بعد «ثورة حنين» التي أجتاحت البلاد في يوم ١١ مارس ٢٠١١، أي بعد أسبوع فقط وفي ١٨ مارس باصداره قرارت ملكية غالبيتها وهمية هدفها تطميع الشارع الهائج وأسكاته وتكميم الأفواه وزج الناشطين في السجون وقطع رقابهم بدعوى «مكافحة الارهاب»، لم تعد نافعة مهما بلغ القمع والظلم والتهميش وأن الساعة لقريبة والعرش آخذ نحو التزلزل حتى لو واصلت الأنظمة الغربية والمنظمات الدولية المتشدقة بحرية الرأي وحقوق الانسان إلتزام الصمت بحقائب دولارات النفط المنهوبة من لقمة عيش المواطن، وحتى لو تم إستخدام أفضل شركات الدعاية العالمية لتحسين صورة سلمان والمحمدين؛ حيث حين يتحرك الناس تأتي النتيجة .
عشرات القرارات التي أصدرها ملك جنون العظمة أخيراً جاءت لتعزيز سلطان نجله الأرعن الطائش على حساب خصمه بن نايف وهو انقلاب داخل الأسرة الحاكمة ما يعكس مدى تدهور الوضع العائلي، وليس خدمة لرقي البلاد وعيش شعبها حتى التراجع عن قرار سابق وقف خلفه محمد بن سلمان بالغاء البدلات والعلاوات لمواطني الدولة الذين يشكلون ثلثي الشعب السعودي (21 مليون نسمة)- حسب وسائل الاعلام الغربية منها “الايكونوميست” البريطانية .
الماما ماي تيريزا التي زارت المملكة مؤخراً وهرجت بتصريحات شبكة الحابل بالنابل إرضاءً لسلمان المخرف ووزير دفاعه المتهور، سعياً منها لإنقاذ اقتصاد بلادها المتدهور وهي على وشك الخروج من الاتحاد الاوروبي؛ ما دفع بالشاب الارعن الى عقد صفقات شراء اسلحة يريطانية بقيمة 44 مليار دولار؛ لم تعد تهتم بما يدور في الوسط الحاكم بالمملكة بل كل ما يهمها أن تكون السلطة بيد أمراء يخضعون لسياسة لندن كما لواشنطن وأن لا ينسوا أن بريطانيا هي الأم الحنون الراعي لهم حتى يومنا هذا - حسب ما نقله السير ديفيد ايمس الرئيس المشترك للجنة البرلمانية البريطانية عن تيريزا خلال لقاء خاص في مجلس الشيوخ البريطاني قبل أيام.
أما إرشاء الطرف الآخر مثل روسيا فقد واجه بسند منيع وباب مؤصدة لم تلقي آذاناً صاغية حتى الآن بل جاء بعكس ما تشتهيه سياسة الرياض، حيث جربها أول مرة بندر بن سلطان مع الدب الروسي برشوة قدرت بأكثر من 16 مليار دولار فما كان حتفه إلا أن وضع في زاوية مزبلة التاريخ، أما محمد بن نايف هو الاخر فقد جربها مع موسكو عبر الوسيط العثماني بدياة ومن ثم جهاراً، فكان الرد أن الصواريخ الروسية إستهدفت القصور الملكية ولن تتوانى موسكو في محو آل سعود عن بكرة أبيهم وإسقاط ملكهم القائم على إراقة الدماء؛ فسارع بن سلمان لعقد اتفاقيات شراء سلاح روسي بقيمة عشرات المليارات من الدولارات من جهة، والهرع الى الحليف الكابوي ليعطيه ما يشاء ويرضى بوصفه «البقرة الحلوب» ويسمح بإستحلاب حتى ضرعها من أجل البقاء من جهة اخرى .
ثم لا ننسى إرشاء الرياض للأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون لإخراج اسم آل سعود وتحالف عدوانهم على اليمن من قائمة "قتلة الأطفال" لكن سرعان ما عادت المطالبة تطرح على منابر المنظمة الأممية، ثم انتخاب السعودية لرئاسة لجنة حقوق المرأة والمساواة في الأمم المتحدة وهي في مقدمة الدول المنتهكة لحقوق المرأة، والتي انتقدها «هيليل نوير»، المدير التنفيذي في منظمة مراقبة الأمم المتحدة (UN Watch)، قائلا: إن «انتخاب السعودية لحماية حقوق المرأة هو كمن يضع مشعل الحرائق مسؤولا عن إطفائها»، وذلك في إشارة إلى وضع المرأة في السعودية- حسب "الإندبندنت" البريطانية، ومن قبل اختيار المملكة في عام 2013 عضوا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ما أثار في حينها انتقادات واسعة للمنظمة الدولية حيث سجل آل سعود يزداد سواداً ودموية يوماً بعد آخر في انتهاكات حقوق الانسان والتمييز الطائفي داخلياً واقليمياً، ودورهم الواسع والكبير في تأسيس الارهاب ونموه ودعمه ونشره .
"سلمان ووليي عهده يعيشون القلق والخوف المستديم لما ستؤول اليه أوضاعهم ومستقبلهم بعد اندحار الارهاب من العراق وسوريا على عكس ماخططوا له، مما سيضعهم ليس في مظان الاتهام بل انهم سيكونوا وحسب الاعراف والقوانين الدولية مجرمي حرب بما تحمل هذه العبارة من معنى، لما خلفوه من أزمات أشعلت نار الحرب والدمار والقتل على الهوية الطائفية في المنطقة ذهب ضحيتها مئات آلاف الابرياء" - فورين بوليسي نقلاً عن الخبير الأمريكي الكبير ستيفن بانون.
بقلم : جمال حسن
ارسال التعليق