هل يتخلى آل سعود عن صفقات السلاح الجديدة بعد أزمة كورونا؟
التغيير
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا تحدثت فيه عن مصير صفقات السلاح الجديدة التي وقعتها مملكة آل سعود، في ظل تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها المملكة، بسبب انهيار أسعار النفط والاضطرابات العالمية التي نجمت عن انتشار وباء كورونا.
ونقلت الصحيفة، في تقرير توقع خبراء ومتخصصين أن تضطر مملكة آل سعود إلى تأجيل صفقات السلاح الجديدة، مؤكدين أن التأخير المتوقع لصفقات الأسلحة سيترك تداعيات سياسية على بلد شن حربا مدمرة على اليمن.
وقال بروس ريدل، الزميل في معهد واشنطن والذي خدم 30 عاما في الوكالة المركزية للاستخبارات الأمريكية وعمل مستشارا للحكومات الأمريكية المتعاقبة: "ليس لدي أي داع للشك أن هذه هي نهاية عصر، عصر امتلاك دول الخليج كل هذه الأموال".
وبلغت النفقات العسكرية لآل سعود على السلاح في العام الماضي 62 مليار دولار مما جعلها خامس أكبر مشتر للسلاح على مستوى العالم.
وبمقارنة أرقام العام الماضي مع العام الذي سبقه فهي تبدو أقل ولكنها تظل تمثل نسبة 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي أن المملكة تنفق جزءا كبيرا من ثروتها على الأسلحة وأكثر من الولايات المتحدة (3.4%) والصين (1.9%) وروسيا (3.9%) والهند (2.4%)، وفقا لإحصائيات معهد استوكهولم الدولي للسلام.
وتتابع الصحيفة أن نفقات آل سعود على السلاح أعطاها نفوذا سياسيا، وتراجعها يعني تراجع نفوذ المملكة السياسي.
ويقول أندرو فاينستاين الخبير في الفساد وتجارة السلاح الدولي: "لو لم تكن مملكة آل سعود هي أكبر مشتر للسلاح فإنها لم تكن لتعول على الدعم المطلق للقوى الغربية. ومن نتائج شراء الأسلحة أنك تشتري علاقات".
وفي الولايات المتحدة، أشار الرئيس دونالد ترامب في الماضي إلى أن مملكة آل سعود عبرت عن نيتها لشراء الأسلحة – وبتقديرات مبالغ فيها حول أثر الصفقات على سوق العمل الأمريكي- لكي يبرر رد إدارته على مقتل الصحفي جمال خاشقجي، الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" في قنصلية آل سعود في إسطنبول.
وتعتبر مملكة آل سعود أكبر زبون للسلاح البريطاني، وهي تشتري منها أكثر من أية دولة أخرى. وأكثر من 4.7 مليارات دولار منذ بداية الحملة الجوية التي شنها آل سعود على اليمن عام 2015.
وتعرض رئيس الوزراء بوريس جونسون لانتقادات بسبب سماحه لاستمرار الصفقات رغم المخاوف من اتهام بريطانيا بخرق القانون الإنساني الدولي عبر تقديم السلاح لحملة آل سعود في اليمن.
ويعتقد برول ريدل أن مملكة آل سعود وغيرها ستجد نفسها أمام خيار تأجيل النفقات العسكرية وفي بعض الأحيان لفترة دائمة.
ويقول أندرو سميث من الحملة ضد تجارة السلاح: "أتوقع أنهم على المدى القصير سيوقفون التزامهم بالصفقات الكبرى، مثل مجموعة من الطائرات العسكرية والتي تتفاوض بريطانيا معها منذ وقت طويل".
ويعلق خبير آخر وهو السفير الأمريكي السابق في اليمن جيرالد فاينستاين أن مملكة آل سعود تستطيع بسهولة تأخير أو تعليق الصفقات العسكرية لكنها بحاجة للحفاظ على العقود العسكرية لصيانة أسلحتها حتى تظل قابلة للتشغيل.
وأشار إلى أن مملكة آل سعود حاولت في الماضي التفاوض على تأخير الدفع للصفقات ولمدة طويلة. وقال: "تذكر عندما جاء محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، إلى البيت الأبيض وحمل ترامب لوحة مفصلة حول مشتريات آل سعود بقيمة 100 مليار دولار وكانت هذه مجرد توقعات" و"معظم تلك الصفقات لم تناقش أو توقع، وكان مجرد كلام على الهواء".
ولا يواجه محمد بن سلمان أزمة مالية عليه أن يتعامل معها فقط، ففي الولايات المتحدة يواجه أيضا منظور انتخاب جوزيف بايدن، المرشح الديمقراطي المفترض لانتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر. وقال بايدن إنه سيضع حدا على صفقات السلاح إلى مملكة آل سعود ووصف قيادة آل سعود الحالية بـ "المنبوذة".
وتقول كريستين فونتنروز التي عملت مديرة لشؤون الخليج بمجلس الأمن القومي في إدارة ترامب: "لا أعتقد بتأثير الأزمة المالية على نفقاتهم كلها". وبدلا من الإعلان عن وقف النفقات فقد تنتظر مملكة آل سعود إلى تشرين الثاني/نوفمبر ونتائج الانتخابات، وسيقطع بايدن النفقات حالة فوزه وسيتظاهرون بـ "القبول على مضض" وتضيف: "هذه واحدة من الطرق لتجنب التداعيات والحفاظ على علاقات مع القطاع الخاص".
ويتوقع ريدل أن من الشركات التي قد تتأثر بشكل واضح شركة أنظمة الدفاع "بي إي إي سيستمز" والتي تعتمد كثيرا على العقود مع مملكة آل سعود حيث ستضرر بي إي إي بشكل ضخم، وهناك آلاف من موظفيها تعتمد وظائفهم على دعم سلاج الجو التابع لنظام آل سعود بطريقة أو بأخرى، وعاجلا أم آجلا سيقال لهم: "لن نتمكن من دفع رواتبكم".
وفي تصريح تجنب المتحدث باسم بي إي إي التعليق حول إمكانية تخفيض آل سعود صفقات السلاح، ولكن الشركة التي تحصل على موارد بنسبة 13% من مبيعاتها إلى المملكة ستواصل تقديم "الدعم والتدريب" إلى آل سعود حتى 2022.
وتحتاج مملكة آل سعود لأن يكون سعر برميل النفط 85 دولارا حتى تحافظ على ميزانيتها بدون عجز. وبدلا من ذلك كانت المملكة تأخذ من احتياطها الأجنبي خلال السنوات الخمس والذي انخفض من 750 إلى 500 مليار دولارا. ومن الناحية العامة لم تخفف مملكة آل سعود نفقاتها، رغم ما أعلنته من زيادة غير مسبوقة في الضرائب وتخفيض في الميزانية.
وتحاول هيئة الاستثمارات العامة التي يسيطر عليها ابن سلمان الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد في بريطانيا واشترت حصصا بملايين الدولارات بشركة الشحن البحري "كارنيفال" و"لايف نيشين" التي تعد أكبر شركة عالمية لترويج الحفلات الموسيقية والمناسبات.
ولا يوافق جميع الخبراء على فكرة تخفيض آل سعود النفقات الدفاعية، فبحسب كريستين أورليكسن الباحث في معهد بيكر للسياسة العامة، بجامعة رايس فمملكة آل سعود ستضاعف من النفقات الدفاعية رغم الضغوط الاقتصادية ووسط الشكوك حول التزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي.
ارسال التعليق