واشنطن بوست: هذا هو الهدف من إقامة منتدى الإعلام السعودي
التغيير
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للكاتب في قسم الآراء الدولية جيسون رضائيان، يقول فيه إن حكومة آل سعود تسير نحو المرحلة المقبلة من حملة العلاقات القوية الهادفة لإعادة تشكيل صورة واحد من أكثر المجتمعات قمعا في العالم، وتقديمه على أنه جنة لحرية التعبير.
ويقول رضائيان في مقاله، إن "حكومة آل سعود تقوم باستثمار مبالغ كبيرة، وتنفق جهودا كبيرة لتبييض سجلها الرهيب في مجال حرية الصحافة، لكن منظمات حقوق الإنسان ليست مقتنعة، ولو كان هناك إصلاح حقيقي لتم الترحيب به، وفي الواقع فإن القمع ضد ناشطي المجتمع المدني والأصوات المستقلة أصبح أشد مما كان في السابق".
ويشير الكاتب إلى أن هذه هي خلفية "منبر الإعلام السعودي"، الذي عقد في الرياض هذا الأسبوع، لافتا إلى أنه حدث أعلن عن وعود كثيرة لا نية للسلطات للوفاء بها.
وتنقل الصحيفة عن رئيس المنتدى محمد فهد الحارثي، قوله في بيان له: "تقدم لنا هذه المناسبة فرصة لخلق منبر يستطيع فيه الصحافيون من أنحاء العالم الحديث كله التعبير عن رأيهم بحرية في القضايا التي تتعلق بصناعة الإعلام".
ويعلق رضائيان قائلا إن "هذا كلام مزخرف، أصبح علامة واضحة لجهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في إقناع العالم بأنه يقود دولة عادية، وليست تلك الدولة الشريرة والقمعية التي يعرفها معظمنا".
ويعبر الكاتب عن قلقه من حضور ممثلين لعدد من المؤسسات الصحافية الغربية، التي وافقت على المشاركة في مناسبة هدفها الرئيسي هو إظهار السعودية على أنها مجتمع مفتوح.
ويلفت رضائيان إلى أن صحافيين من "الغارديان" البريطانية، و"لوفيغارو" الفرنسية، و"فرانكفورت ألجمين زيتونغ" الألمانية، من بين الذين سيتحدثون في المناسبة، بالإضافة إلى أن ممثل الصحيفة الألمانية "راينر هيرمان" شارك في ندوة يوم الثلاثاء، حول "المخاطر التي تمثلها الأخبار المزيفة"، مشيرا إلى أنه أرسل رسائل لممثلي الصحيفة الفرنسية والألمانية طالبا التعليق منهما على سبب المشاركة، لكنهما لم يردا.
ويفيد الكاتب بأن المدير التنفيذي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، التي تتخذ من فرنسا مقرا لها، كريستوفر ديلوار، زار السعودية في بداية هذا العام، والتقى مع أعضاء اتحاد الصحافيين، الذي نظم منبر الإعلام السعودي، وقال إنه عقد جلسة مصارحة مع أعضاء المنظمة، والتقى مع مسؤولين بارزين في نظام آل سعود، وناقشوا مقتل الصحافي في "واشنطن بوست" جمال خاشقجي والصحافيين المعتقلين في المملكة، الذين تعتقد المنظمة أن عددهم 23 صحافيا.
ويذكر رضائيان أن ديلوار لاحظ في أثناء الزيارة ما قال عنه إشارات على النقاش الداخلي حول المدى المسموح به للصحافة، لكنه لم يلاحظ بعد أي تغييرات نحو الأفضل، إن كان هناك تحول، بل "إن الأوضاع ازدادت سوءا" كما يقول، ولهذا السبب اعتذر عن المشاركة في المنبر بعد تلقيه دعوة.
ويورد الكاتب نقلا عن ديلوار، قوله: "بالطبع لن أشارك في هذه المناسبة في ظل هذه الظروف"، مشيرا إلى أن مرتبة حكومة آل سعود في مؤشر حرية الصحافة الدولية هي 172 من بين 180 دولة، و"هو ما يجعل من المشاركة مستحيلة".
وقال ديلوار إنه كان يأمل بتغيير آل سعود سلوكهم بحلول الذكرى الأولى على مقتل خاشقجي، الذي نظمت "مراسلون بلا حدود" احتجاجات أمام السفارات السعودية حول العالم، من أجل الاحتفاء بذكراه، لكن الأوضاع للإعلام في المملكة تدهورت أكثر.
وتنقل الصحيفة عن ديلوار، قوله: "تحتاج إلى مناسبة مثل الذكرى الأولى لتبدأ بالتقدم أماما، ولسوء الحظ لم نر أي إشارات على التقدم، بل سمعنا في الأيام القليلة الماضية عن موجة اعتقالات جديدة"، في إشارة لاعتقال سبعة صحافيين في منتصف الشهر الماضي.
وينوه رضائيان إلى أن ديلوار عبر عن قلقه من تلاشي التضامن الصحافي العالمي، فـ"الصحافي الغربي الذي يشارك في لقاء الرياض عليه (واجب) التعبير وبوضوح عن قلقه على وضع الصحافيين في السعودية، التي تعد من أسوأ دول العالم تعاملا مع الصحافة، ولهذا السبب فلا يمكن التعامل مع هذه المناسبة بصفتها منتدى إعلاميا طبيعيا"، وهو الموقف ذاته الذي أكده صحافيون في مجتمع الصحافة الدولية.
وتنقل الصحيفة عن منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "لجنة حماية الصحافيين" شريف منصور، قوله إن مشاركة عدد من ممثلي الصحافة الدولية لا تلغي حقيقة أنه اجتماع لشركات الصحافة السعودية.
ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى قول منصور بأن الرسالة التي تريد آلة العلاقات العامة توصيلها من خلال عقد مؤتمر كهذا واضحة، "إنهم يحاولون إخبار العالم أن الوقت قد حان لتجاوز جريمة مقتل خاشقجي، وهو ما لا أتفق معه بالمطلق".
ارسال التعليق