واشنطن والرياض حين تبرران للهزيمة في اليمن
بقلم: وديع العبسي...كل ما شعر النظام السعودي والنظام الأمريكي بالحرج، جرّاء التفوق الذي يُظهره الجانب اليمني في إدارة وقيادة المعركة، اوعزوا لأدواتهم الاعلامية حول العالم لإعادة اسطوانة الدعم الإيراني، وهي الاسطوانة التي أصبحت موضوعا للتندر والسخرية لدى الشعب اليمني، يستخدمونه كلما أرادوا الضحك على خيبات التحالف السعودي الدولي ضدهم، وحين فاز منتخب اليمن للناشئين على المنتخب السعودي وانتزعوا كأس بطولة آسيا، بدأ اليمنيين أنفسهم يتقمصون طريقة السعودية للتعبير عن الخيبة ليقولوا “مدرب الحارس اليمني، كان ايرانيا”، أو “هذا بسبب ايران، لو انها تكف عن دعم اليمنيين” والى آخر ذلك.
مؤخرا، يظهر تقريرا قيل إنه دولي، حاول ادعاء الحيادية في التناول، فقط من أجل إحياء فكرة أن اليمنيين يتلقون الدعم بالسلاح من إيران وأن أيران تهرب السلاح إلى اليمن وهكذا.
التقرير المنسوب لموقع بوليتيكس توداي (Politics Today) الأمريكي، تناول تحول “اليمن إلى محور لتجارة الأسلحة”، وأعاد كلاما عن حجم مشتريات السعودية من السلاح ولا يبدو أنه الفكرة المقصودة من التقرير ولكنه مدخل للانتقال والحديث عن الشق اليمني بمقارنة هزيلة تتجاهل الفارق الموضوعي بكون اليمن الأفقر، وانها الأضعف من حيث الامكانات، مع ذلك فإن المقارنة أعطت اليمن ميزة التعامل معه كندّ قوي، وان كان التقرير اتبع نفس الطريقة الأمريكية في عدم إطلاق الأحكام بصورة مفتوحة الى الحد الذي يجعلها تبدو الأضعف، فالتقرير يزعم “بأن الأسلحة الإيرانية أصبحت اليوم موضوعًا يشغل بال الولايات المتحدة الامريكية التي أصبحت أكثر تفهمًا وإدراكًا لتأثير إيران الخطير على الحرب في اليمن” إلا أنه يضيف القول “ولكن ليس إلى حد الوصول الى امتلاك الردع.” من حيث لا يدركون، يكشف التقرير هشاشة التحالف وتقنياته فيتحدث عن “تهريب الطائرات بدون طيار والصواريخ المجنحة والأسلحة الموجهة المضادة للدروع والبنادق الهجومية الصينية والمدافع الرشاشة الروسية والقناصة وقاذفات الصواريخ والعديد من الأسلحة الأخرى إلى اليمن بشكل مستمر” فيما التحالف يطبق حصاره على البلد منذ اليوم الأول للعدوان.
ثم يعود ويرى بان الحوثيين استفادوا من مخزون الأسلحة “لخوض معركة طويلة الأمد، وللحفاظ على موقع متفوق من حيث العتاد العسكري والقوة النارية” مقارنة بمن اسماهم “بالجيش الوطني اليمني وجماعات المقاومة الشعبية المدعومة من السعودية والإمارات وأمريكا”، وكيف يعقل أن طرفا تقف معه هذه الدول الغنية عدة وعتادا، يبدو الحلقة الأضعف إلا أن كان ضعيفا بطبيعته لغياب العقيدة القتالية لديه.
ويحاول التقرير الإيهام بسبب منطقي لهذا الضعف بإشارته الى انه “توقفت حكومة هادي عن شراء الأسلحة، ليس لأنها لم تعد قادرة على تحمل تكاليفها، ولكن لأنه غير مسموح بها”، وهنا يبدو الأمر مريبا، اذ كيف يدعي التحالف عمليات تهريب سلاح الى صنعاء ولا يعمل على الحفاظ على حالة التوازن بين القوتين بالسماح لحلفاءه بشراء السلاح؟ وهل يمكن أن يكون هذا الأمر متاحا مع العلم بحالة الفساد المنتشر وسط حكومة هادي والتي اودت بالاقتصاد الى أسوأ حال في تاريخ اليمن، وصل فيه سعر الدولار إلى ما يقارب ال(٢٠٠٠) ريال فيما يستقر في صنعاء عند ال (٦٠٠) ريال للدولار الواحد؟ ثم إذا سمح لها بشراء السلاح، فأي نوع من السلاح مسموح لها شراؤه غير الذي تراه السعودية، وهي الأسلحة المختصة بالحروب البرية فيما يحظر عليها أي نوع من الأسلحة الجوية، بما فيها الدفاعات الجوية ومنظومة المراقبة، ما يشير الأمر إلى غياب الثقة.
وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، الفقرة 14 (15 أبريل 2015) للدول المجاورة، وبالتحديد التحالف العربي بقيادة السعودية، بإجراء عمليات تفتيش على الشحنات التي تصل إلى سواحل اليمن للتأكد من عدم حمل السفن.
أسلحة للأطراف الخاضعة للحظر. والحظر لا يشمل حكومة هادي، الا ان التقرير، ركز على ما يزعم بانها “الدول الثلاث الرئيسية التي شاركت في تهريب الأسلحة ، بشكل مباشر وغير مباشر”، الغريب أنه يضع السعودية والإمارات ضمن هذه الدول الثلاث ويحدد إيران كطرف ثالث، وهي طريقة بدائية للإيحاء بالمهنية والموضوعية، فالسعودية والامارات رأسا حربة في الحرب والحصار وليستا بحاجة لتهريب السلاح الى الحكومة التي يدعمانها، كما أنها غير مشمولة في قرار مجلس الأمن، بالتالي بإمكانهما ادخال السلاح على مرأى ومسمع من العالم. وفيما اكتفى التقرير برصد شيء من عمليات شراء الأسلحة من قبل السعودية والامارات، يقف ليتحدث بإسهاب عن عمليات تهريب واسعة تقوده ايران حسب زعمه، فيرى أنه تصل “الأسلحة الخاصة، وخاصة الصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى الأسلحة الموجهة المضادة للدروع، من خلال عمليات تهريب واسعة النطاق ومعقدة.”، وهنا تظهر المحاولات التبريرية لهزيمة السعودية وامريكا في المعركة، ومجالات الترويج لمبررات حشر إيران في زاوية التمرد على المجتمع الدولي، فيشير التقرير إلى أن هذه النوعية من الاسلحة، “هي مسؤولة بشكل أساسي عن التحول النوعي في مسار الحرب.
وتجسد ذلك منذ 2018 باستهداف العمق السعودي بالصواريخ والطائرات المسيرة.” لم يحاول التقرير المرور على منظومة الدفاع الأمريكية التي أثقلت كاهل النظام السعودي بالكلفة الباهظة ولم تفعل شيء في مواجهة أسلحة محلية الصنع كلفتها الآلاف الدولارات؟!
ويشير التقرير إلى انه في 8 مايو 2021 “اعترض الجيش الأمريكي شحنة من الأسلحة المهربة، من قارب شراعي كان في المياه الدولية شمالي بحر العرب شملت “أسلحة محظورة” ويثير الحجم والنوع المرعب لهذه الأسلحة الريبة، اذ كيف لإيران الكيان الذي يخيف امريكا ودول الخليج أن تكون بهذا المستوى التهور والسذاجة وهي تعلم بعين امريكا عليها وبالوضع الحساس في اليمن؟
وبحسب التقرير، قال الأسطول الأمريكي الخامس في بيان إن الأسلحة تضمنت عشرات الصواريخ الروسية الموجهة المضادة للدبابات وآلافا من بنادق هجومية من نوع 56 وبنادق هجومية صينية ومئات من رشاشات بي كي (بوليميوت كلاشينكوفا) وقناصة وقاذفات صواريخ”، ويتعاطى التقرير مع بيان الأسطول الأمريكي بتسليم كامل لما جاء فيه، لا بل يزيد على ذلك بأن “هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن الأفراد أو الكيانات في إيران يزودون الحوثيين بكميات كبيرة من الأسلحة”.
فضلا عن كل ذلك الطرح الذي يتعامل بسطحية مع عقلية المتابع ويريد فقط التوافق مع كل ما يدين إيران وأن كان كلاما لا يستقيم مع معقل الاطفال، يبدو من الغريب النظر إلى شعب يُعتدى عليه على أنه منزوع الصلاحية في الدفاع عن نفسه.
فالمنطق هنا لا ينكر على شعب أن يلجأ للتهريب أن سمحت له الفرصة طالما وكل شيء محاصر وغير مسموح له بالدخول إلى البلاد، ثم إذا حدث تهريب بالفعل فإن العار سيلحق بأمريكا الى يوم يبعثون، اذ كيف يحدث هذا والحصار مطبق على اليمن برا وبحرا وجوا، وأجهزة الرقابة الحساسة تنتشر في الفضاء والبحر وعلى الارض؟! حتى الطرح بأن الحملة تستهدف الحوثيين، يبدو أحمق، فالوقائع أثبتت غير ذلك، فكم هو عدد هؤلاء الذين اسمهوم بالحوثيين؟ وهل عجزت سبع سنوات من التخلص منهم؟ وإذا كانوا يختبئون حسب مزاعم السعودية وامريكا في التجمعات السكنية، فمن هم هؤلاء الذين يقاتلون في الجبهات؟ ولماذا يظهر الاعلام السعودي بين الحين والآخر ليدعي أنه قال “عدد قيادات الحوثيين”؟!، انهم يقتلون مدنيين.
ارسال التعليق