ولد الشيخ يخرج عن النزاهة وينحاز للسعودية
دائمًا ما تحوم الشكوك حول نزاهة وحيادية مبعوث الأمم المتحدة لليمن، إسماعيل ولد الشيخ، لانحيازه للسعودية، وعادة ما كانت سهام الانتقاد تنطلق عليه من معسكر الرئيس السابق لليمن، علي عبد الله صالح، أو من حركة أنصار الله، وكانت التهمة الموجهة إليه هي أنه يسير في الركب السعودي.
ويبدو أن المبعوث الأممي يريد تثبيت هذه التهمة عليه، فمن المفترض لكونه طرفًا حياديًّا في الأزمة اليمنية، أن يتجنب محاباة طرف على حساب الآخر. لكنه بالأمس قال “ندعو الدول للاقتداء بالسعودية في تقديم المساعدات”، وأكمل “من الضروري تحسين عمل الدولة والخدمات في اليمن”، متابعًا “ندعو لاستئناف الرحلات الجوية إلى صنعاء”، مؤكدًا أن هناك مقترحًا أمميًّا لتأمين ميناء الحديدة.
الجدير بالذكر أن مجمل ما قدمته السعودية في مؤتمر المانحين الذي عقدته الأمم المتحدة لا يتعدى بضعة ملايين، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الدول المشاركة في مؤتمر المانحين حول اليمن تعهدت بتخصيص 1.1 مليار دولار من أصل المليارين الضروريين لدعم جهود الإغاثة في البلاد.
وكانت السعودية قد تعهدت، خلال المؤتمر، بتقديم 150 مليون دولار من أجل تمويل العمليات الإنسانية في اليمن، وذكرت وكالة الأنباء السعودية، أن المساعدات التي تعهدت بها السعودية تأتي بالإضافة إلى 100 مليون دولار خصصتها الرياض لمركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية منذ بداية العام الحالي، لدعم جهود الإغاثة في اليمن.
طبعًا لا يتحدث ولد الشيخ عن المنح السعودية لواشنطن، والتي قاربت 500 مليار دولار، وهو الرقم الذي تتطاير أمامه أي أرقام تدعي السعودية أنها قدمتها كمساعدات لليمن، بما في ذلك مزاعم عبد الله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان، والتي يقول فيها إن المساعدات التي قدمتها السعودية لليمن خلال عامين تزيد على 8 مليارات دولار، فالجميع يعلم أن المناطق اليمنية التي تخضع للسلطة اليمنية التابعة للتحالف السعودي، والمتمثلة في شخص الرئيس اليمني المستقيل، عبد ربه هادي منصور، كمدينة عدن، لا يتوافر فيها الحد الأدنى للمعيشة، كما أنها أصبحت هي الأخرى مرتعًا للكوليرا.
حديث ولد الشيخ عن مساعدات الرياض فيه الكثير من الإجحاف بحق الشعب اليمني، وكأنه يشيد بدور السعودية العدواني على اليمن، حيث تفقأ السعودية عين المواطن اليمني، وتضع مكانهما جوهرتين، فملايين الدولارات السعودية لا تقارن بملياراتها لشراء الأسلحة التي تدمر بها اليمن، فهي قد عقدت مؤخرًا صفقة مع واشنطن لتسليح بقيمة 110 مليار دولار، وتشمل شراء 84 مقاتلة “إف 15” وتحديث 70 أخرى، بالإضافة إلى شراء 3 أنواع من المروحيات: 72 “بلاك هوك”، و70 “أباتشي” و36 “ليتلبيرد”. وقد تضاف إليها صفقة أخرى بقيمة 30 مليار لتطوير القدرات البحرية للسعودية، ويدور الحديث عن أن المملكة أنفقت مليارات على حرب اليمن، ففي تقرير نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية وبعد ستة أشهر من العدوان، قالت إن “725 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب أنفقها آل سعود لقتل أطفال ونساء اليمن”.
ومع الحديث عن الكلفة الباهظة التي أنفقتها الرياض في العدوان على اليمن، فإن اليمن يحتاج ووفقًا لوزير التنمية اليمني، عبد الرقيب سيف، إلى 70 مليار دولار لإعادة الإعمار، وهو رقم لن تدفعه السعودية لإعادة ما أفسدته في اليمن، فالرياض تقدم مساعدات بملايين الدولارات، بينما تحتاج اليمن لمليارات لتعويض الخراب المادي فقط، والذي لحق باليمن جراء العدوان السعودي البشع عليه، فأكثر من أربعة عشر مليار دولار هي حصيلة الأضرار والخسائر التي أصابت اليمن منذ دخلته السعودية.
ومن جهة أخرى من يعيد آلاف الأطفال والنساء والرجال الذين أزهقت آلة الحرب السعودية أرواحهم في سبيل تركيع اليمن للأجندة الأمريكية؟ ففي الوقت الراهن قالت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إن عدد الوفيات بسبب تفشي مرض الكوليرا في اليمن ارتفع إلى 1500 حالة، وفي مؤتمر صحفي بالعاصمة صنعاء قال ممثل المنظمة في اليمن نيفيو زاغاريا إن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا بلغ 246,000 إلى يوم 30 يونيو.
وقدّرت الأمم المتحدة عدد القتلى إثر النزاع في اليمن إلى حوالي 7700 شخص، وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” أن 1546 طفلاً قتلوا في اليمن، وأصيب 2450 شخصًا، وذلك منذ تدخل التحالف بقيادة السعودية في الحرب.
مطلب ولد الشيخ بالاقتداء بالسعودية لم يرقَ حتى لتصريحات زميله في الأمم المتحدة، وهو وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق شؤون الإغاثة الطارئة، “ستيفن أوبراين”، والذي قال “علينا أن نشعر بالخزي، وعلى من وصفهم بأطراف الصراع في اليمن أن يشعروا بنفس الخزي أيضًا، أولوياتنا الأولى ينبغي أن تستهدف حماية المدنيين وإنقاذهم”.
ولد الشيخ يدعو للاقتداء بالسعودية في الوقت الذي تتهمها حليفتها واشنطن بأنها تقدم المساعدات والتمويل للجماعات الإرهابية، ففي الأزمة الخليجية الأخيرة وصفت أمريكا أطراف الأزمة الخليجية بأن أيديهم ليست نظفية في مجال تمويل الإرهاب، وكان الأجدر على السعودية أن تقدم مساعداتها للداخل السعودي، الذي ترتفع فيه نسب البطالة والفقر، كما أن الوافدين إليها تفرض المملكة عليهم رسومًا لا يستطيعون الإيفاء بها، فدخولهم المحدودة وعدد أفراد أسرهم وارتفاع الأسعار تشكل ضغطًا كبيرًا عليهم.
وحتى فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لليمن فإن للسعودية دورًا كبيرًا في تعطيلها، حيث قال محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي لحركة أنصار الله، إن اليمن يعتمد على 80% من المواد الغذائية من الخارج في ظل توقف المنشآت الحيوية عن الإنتاج، مشيرًا إلى أنه كان يتم دخول المواد عن طريق ميناء الحديدة، ولكن بسبب الحصار السعودي تعطل الميناء، وهدمت الروافع التي تنقل البضائع ومستلزمات الصناعة، وبالتالي قل الإنتاج.
وفيما يتعلق بالمقايضة المشبوهة التي يشرف عليها ولد الشيخ في اليمن، قال البخيتي إن مقترح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بأن يتم تسليم ميناء الحديدة للسعودية مقابل دفع مرتبات الموظفين هو مقترح منحاز لابتزاز الشعب اليمني وتجويعه، وقد تم رفضه، حسب تعبيره.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق