بن سلمان أراد السعودية " قوة كبرى"...فأصبحت ملطشة للحوثيين
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبدالعزيز المكي
كان من جملة أهداف التحالف السعودي الظالم على الشعب اليمني المسالم، هو أن يكون هذا عدوانه، انطلاقه للنظام السعودي، ليكون "القوة الكبرى" في المنطقة! التي من المقرر أن تصبح محوراً وقائداً لتحالف عربي سني وحتى إسلامي، برعاية ودعم أمريكي وصهيوني وحتى غربي، لخدمة المصالح الأمريكية والصهيونية في هذه المنطقة، لاسيما خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي يتحرك في المنطقة، ويعاني من التصدعات والتراجعات بفعل وعي الأمة وضرباتها الباسلة.. ذلك جاء على خلفية تصور، أن تلك الانطلاقة باتت محققة بعد شن العدوان، لأن هذا العدوان لا يستغرق أكثر من أسبوعين، أو شهر كحد أقصى بحسب تقديرات بن سلمان وجنرالاته في وزارة الدفاع التي يقف على رأسها !
وهذا أي، انطلاقه السعودية كقوة (كبرى)، ما أشار إليها المسؤولون السعوديون أو بعضهم بعيد شن العدوان، بل إن الإعلام السعودي والإعلام الغربي والصهيوني، تحدث يومذاك بشكل صريح، بأن القيادة الجديدة للمملكة السعودية- في إشارة إلى الملك سلمان وابنه الحاكم الفعلي- تريد أن تجعل من السعودية قوة عسكرية واقتصادية فاعلة في المنطقة، تقف بوجه إيران، مواجهة وتحجيماً لها، وظلّ هذا الإعلام يروج لهذه المقولات لأشهر بعد العدوان، لدرجة أن البعض في المنطقة، وعلى خلفية هذا الترويج الإعلامي، طالبوا القيادة السعودية " بعاصفة حزم" للبنان " للقضاء على حزب الله"، وأخرى لسوريا "لإزاحة الأسد" بل وطالبوا بعاصفة حزم لغزو العراق!!
غير أن حسابات بن سلمان، وحسابات أسياده الاميركان والصهاينة لم تكن دقيقة فسارت رياح العدوان بما لا تشتهي سفن هؤلاء، فلم يستطع السعوديون من حسم العدوان خلال المدة التي حددوها، إذ صمد الشعب اليمني والحوثيين وكبدوا المعتدين هزائم وخسائر فادحة، وما زالت القوى اليمنية الوطنية تراكم الانجازات العسكرية، الواحدة تلو الأخرى، بل ومنذ سنة تقريباً تفوقت جماعة الحوثي في هذه المواجهة القاسية مع العدوان، وراحوا يكيلون الضربات للقوى العدوان، سيما بعد ما تفجرت طاقاتهم الخلاقة وصنعوا أسلحة كاسرة للتوازن، وفتاكة، مثل الصواريخ البالستية بعيدة وقصيرة ومتوسطة المديات ومنها المجنحة " كروز" وكذلك سلاح الطائرات المسّيرة (الدرون) بكل أنواعها واشكالها، ومنذ أن هدد الحوثيين بتحديد300 هدف استراتيجي لقوى العدوان، وباستهداف هذه الأهداف، وضربات جماعة الحوثي تطال البعض منها، وأخيرها وليس آخرها استهداف منشأتين نفطيتين لشركة آرامكو العملاقة، في محافظة بقيق ومدينة هجرة خريص، اللتين تبعدان عن اليمن أكثر من 1200كم، بعشرة طائرات مسيرة، أصابت أهدافها بدقة، وتركت خسائر فادحة بهاتين المنشأتين بحسب ما ذكرته وكالة روتيرز للأنباء وصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، والتي نقلت عن الأقمار الاصطناعية صور الخراب الذي لحق بالبنية التحتية لهاتين المنشأتين..وتعتبر هذه العملية التي حصلت فجر يوم14/9/2019هي الثالثة من نوعها التي تستهدف منشآت نفطية تابعة لشركة ارامكو في السعودية، فكان جماعة الحوثي قد أعلنت في 17آب الماضي استهداف حقل الشبية النفطي بعشر طائرات مسيرة الواقع قرب الحدود مع الإمارات في شرق المملكة، وفي 10مايو الماضي قالت السعودية ان طائرات مسيرة مسلحة هاجمت محطتي (عفيف والدوادمي) التابعتين لارامكو في منطقة الرياض..
ورغم ان العمليات السابقة الحقت خسائر فادحة بالحقول النفطية بالرياض والدمام، إلا أن عملية بقيق وهجرة خريص، التي جاءت تحت اسم، عملية " توازن الردع الثانية" بحسب بيان المتحدث العسكري الرسمي لجماعة الحوثي.. رغم أن الخسائر في العمليتين السابقتين كانت فادحة.. إلا أن العملية الأخيرة كانت صفعة كبيرة لشركة ارامكو، وللنظام السعودي من جميع النواحي، وذات دلالات وأبعاد استراتيجية ضخمة وكبيرة على مستوى مملكة آل سعود، وعلى المستوى الإقليمي والعالمي، نذكر منها مايلي:
1ـ لأن الضربة كانت قاسية جداً، حيث ألحقت خسائر فادحة بالبنية التحتية في هذين الحقلين، كما قلنا قبل قليل وبشهادة وكالة رويترز والصحف الأميركية، ولأنها كذلك فهي أوقفت إنتاج النفط وتكريره في هاتين المنشأتين، لدرجة أن وزير الطاقة السعودي المعيّن حديثاً عبدالعزيز بن سلمان، اعترف بتوقف الإنتاج مؤقتاً، لكن المصادر الغربية والأمريكية تؤكد أن توقف العمل بهاتين المنشأتين سوف يستمر لأسابيع، إذ لا يمكن إصلاح الخراب بسرعة إنما يحتاج لفترة طويلة، لأن الإصابة طالت 19 نقطة في هاتين المنشأتين. ويتضح لنا حجم الكارثة في بقيق وخريص، إذا عرفنا أن منشأة بقيق، هي من أكبر المنشآت في العالم، وليس في المنطقة، فهي تمد السعودية والعالم يومياً بـ7/6 مليون برميل ما يعني أن نصف الإنتاج السعودي قد توقف بسبب هذه العملية وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار من60 إلى 67 دولار للبرميل الواحد بنسبة 20%، ذلك رغم أن ترامب الرئيس الأمريكي أعلن استعداد أمريكا للتعويض عن النقص في الإنتاج السعودي من أجل ردع الارتفاع المتوقع في الأسعار. وفي التفاصيل فأن هذه المنشآت عالجت نحو 85/1 مليار برميل من النفط الخام عام 2018 أي بمعدل(150/5) مليون برميل يومياً. وفي تقرير لها في آب الماضي قالت شركة آرامكو ان منشأة بقيق تعد المركز الرئيس كأكبر منشأة لمعالجة النفط في الشركة، عالجت حوالي 50% من إنتاج الشركة من النفط الخام للسنة المنتهية أي 2018م. وأضافت " تعد بقيق المركز الرئيسي لمعالجة النفط الخام العربي الخفيف والخفيف جداً بطاقة إنتاجية تزيد عن 7ملايين برميل يومياً.وتنفذ فيها ثلاثة أعمال معالجة رئيسية تشمل معالجة النفط الخام، ومعالجة سوائل الغاز الطبيعي، ومعمل المنافع المساندة، وبينت شركة أرامكو أن هذه المعامل تفرض موثوقيتها وكفاءة عملياتها كأحد الرواد العالميين في مجال معالجة المواد الهيدروكاربونية ". أما الحقل النفطي في منطقة هجرة خريص، فهو يعتبر اكبر مشروع نفطي في العالم، حيث يقدر إنتاجه بـ2/1 مليون برميل من الزيت العربي الخفيف، ولأن لهاتين المنشأتين النفطيتين دور كبير في تزويد المنطقة وبعض دول العالم بالنفط، فإن انعكاسات وارتدادات توقف الإنتاج فيها ستطال حتى الاقتصاد العالمي من ناحية الآثار السلبية.
2ـ العملية كشفت معطيات كثيرة على صعيد الوضع العسكري، فهي من جهة كشفت الفشل السعودي المدوي في حماية منشآتها الحيوية والاستراتيجية، رغم أن هذه العملية هي الثالثة من نوعها، ويقتضي المنطق أنها أي السعودية أخذت كل الاحتياطات والاحترازات في التصدي لمثل هذه العمليات، ما يؤكد ذلك هشاشة تلك الاحتياطات وعمقها، بمعنى آخر، فشل منظومات الأسلحة المضادة للأهداف الجوية مثل الطائرات بانواعها والصواريخ، علما أن النظام السعودي اشترى هذه المنظومات بمليارات الدولارات. أكثر من ذلك، أن هذه العملية سببت إحراجا كبيراً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأنه كان قد حلب السعودية مئات المليارات من الدولارات لقاء الحماية، فيما لم يقدم ترامب أية حماية للسعودية، التي أصبحت " ملطشة للطائرات المسيرة والصواريخ البالستية اليمنية !
على أن الأمور لا تتوقف عند هذا الحد، فكل هذا الفشل السعودي، والفشل الأمريكي في تقديم الحماية، سدد ضربة قاصمة واستراتيجية للأمن والاستقرار السعوديين، فأصبحت والحال هذه كل المنشآت والمراكز الحساسة في السعودية معرضة للضرب والتفجير في أية لحظة، ومتى شاء الحوثيين، لأن أجواء المملكة باتت مستباحة من قبل طائراتهم وصواريخهم، ولذلك انعكاسات سلبية على الاستقرار السياسي وعلى الأمن الاجتماعي، وعلى الاستثمار، فانعدام الأمن واحتمال تعرض المنشآت للقصف يضطر المستثمرين إلى الهروب والخروج من البلد خوفاً على أموالهم، وفي ذلك خسارة كبيرة للبلد..كل ذلك جعل السعودية مادة للتندر والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، فالبعض من المعلقين قال إن المملكة السعودية "بطل من ورق"! هذا فيما شبهت صحيفة النيويورك تايمز في عددها ليوم 15/9/2019 قصف الحوثيين للمنشأتين السعوديتين بهجوم نبي الله داوود على جالوت.. وقالت إن الأول تغلب على الثاني رغم فارق القوة والموارد بينهما. وأضافت قائلة انه "في حين لا يملك الحوثيون موارد مالية كبيرة فقد منحتهم الطائرات بدون طيار وسيلة لإلحاق الأذى بالمملكة السعودية التي كانت ثالث بلد في العالم ينفق على المعدات العسكرية في عام 2018، حيث بلغت نفقاتها على الأسلحة6/67 مليار دولار ".
3ـ أما من الجهة الثانية، بات النظام السعودي يواجه خصماً يجترح المفاجآت، ويلحق الخسائر الفادحة بالجانب السعودي، فبدلاً من أن تلحق القوة السعودية الهزيمة بالحوثيين، كما وعد بن سلمان وبظرف أسبوعين إلى شهر، تحولوا بعد أكثر من أربع سنوات من الحرب والحصار والحرمان والقتل إلى قوة جبارة تصنع الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وباتت تكيل الضربات للنظام السعودي، لدرجة أن الحوثيين باتوا يمتلكون ناحية إيقاف العجلة الاقتصادية للسعودية، ما دام البلد يعتمد على النفط، فإذا ما أرادوا فان بإمكانهم شل مؤسسات شركات النفط ووقف الإنتاج تماماً، وإذا توقف الإنتاج انقطعت الموارد اللازمة لحركة عجلة البلد ولتغطية نفقات الحرب والحصيلة بالنهاية انهيارات وسقوط مدوي للنظام وهزائم ساحقة له في جبهات العدوان، ولعل تشبيه صحيفة النيويورك تايمز لضربة الحوثيين لمنشآت آرامكو في بقيق وهجرة خريص، هجوم داوود (ع) على الملك جالوت، تشبيه دقيق، ولذلك اعتبرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في عددها ليوم 17/9/2019، هجوم جماعة الحوثي على حقلي النفط في بقيق وخريص شرقي المملكة السعودية، اخطر هجوم على البنية التحتية للنفط في المملكة منذ عقود، بما في ذلك وابل صواريخ سكود التي أطلقتها قوات صدام حسين خلال حرب الخليج عام1991م.وبينت الصحيفة " ان صواريخ قوات صنعاء ضربت مواقع سعودية من قبل، بما في ذلك بنيتها التحتية النفطية، لكن الضربة الأخيرة على أرامكو كانت بمثابة ضربة رمزية للمحور التاريخي لثروات المملكة السعودية النفطية .." وأشارت الصحيفة إلى احتمال ارتفاع الأسعار العالمية وهو ما حصل فعلاً كما مر بنا، ونقلت عن جان فرانسوا سيزنيك زميل أقدم في مركز الطاقة العالمي بالمجلس الأطلسي قوله " إن الغارة على بقيق، حيث يتم تصفية النفط الخام، استهدفت " قطعة حيوية " من شبكة إنتاج النفط السعودية، وكشفت الفجوات في القدرات الدفاعية السعودية ".
في السياق ذاته أشارت الصحيفة الأمريكية إلى تعليق روبرت ماكنالي، مساعد الأمن القومي السابق في شؤون الطاقة للرئيس السابق جورج بوش، الذي وصف بقيق بأنه جوهرة التاج للمملكة السعودية حيث قال " لا توجد منشأة واحدة قريبة من أهمية منشأة بقيق، فيما يتعلق بإنتاج الثروة في المملكة ".." فحتى لو كان الضرر خفيفاً، فأن حقيقة قيام الحوثيين بمهاجمة جوهرة التاج في المملكة السعودية تعني أن مستوى المخاطرة الإجمالي في ارتفاع " وتوقع ماكنالي ارتفاع الأسعار بعد هذه الضربة، وحتى قد تصل إلى 100دولار للبرميل الواحد..
وإذا ما أضفنا الصفعات التي تتعرض لها السعودية على الجبهات الاخرى حيث تفاقم الاختلاف مع الإمارات والمواجهات العسكرية المتواصلة بين مرتزقة كل منهما في المحافظات الجنوبية، ثم الهزائم المتتالية في جبهات نجران وجيزان وعسير، كل ذلك يعني بوضوح بأن العدوان بات يشكل استمراره ليس استنزافاً للنظام السعودي وحسب بل وخطراً داهماً على الاقتصاد السعودي، وعلى استقرار البلد، وحتى على وجود النظام السعودي نفسه.
العملية كشفت اختراقاً يمنياً إستخبارتياً خطيراً للساحة السعودية، فهذه العملية الجبارة، وطبقاً لما قاله المتحدث باسم الجماعة يحيى سريع أن العملية تمت من خلال التنسيق والتعاون الذي جرى بين الجيش اليمني ومن سماهم الشرفاء داخل المملكة السعودية، مقدماً الشكر لهم، وهذا يؤشر إلى أن قاعدة الرفض الجماهيرية داخل السعودية تزداد وتتسع يوماً بعد آخر، وبلغ تذمر هذه القاعدة حداً إلى الدرجة بحيث باتت تتعاون مع خصم النظام السعودي في اليمن، وذلك ما يؤشر إلى تطورات في غاية الخطورة على مستقبل وجود النظام السعودي نفسه.
أن عملية توازن الردع الثانية لجماعة الحوثي، وجهت صفعة غير متوقعة لبن سلمان، الذي كان يستعد لطرح جزء من أسهم شركة آرامكو للاكتتاب، حيث إن بن سلمان قام مؤخراً بتغيير وزير الطاقة خالد الفالح وتعيين أخيه من أبيه عبد العزيز بن سلمان من أجل التسريع في طرح5% من أسهم الشركة للاكتتاب، وفعلاً أعلن عبد العزيز قبيل صفعة الحوثيين للمملكة بضرب المنشأتين النفطيتين في بعقيق وخريس، انه سيطرح هذه النسبة من أسهم الشركة للاكتتاب، ولكن بعد العملية الهجوميةـ، أعلنت أوساط أمريكية نقلاً عن مصادر سعودية، أن عملية طرح الأسهم للاكتتاب ستؤجل إلى ما بعد إصلاح التخريب الهائل الذي لحق بالمنشأتين المذكورتين.
كما أن هذه الصفعة لم تكن آثارها محدودة بالنظام السعودي، وبمردودات المملكة الاقتصادية وحسب، بل تطال الاميركان أنفسهم، صحيح أن ترامب قال ان بلاده اكتفت ذاتياً من النفط المنتج داخلياً، غير أن ذلك لا يعني أنها سوف تستغني عن ما تستورده من النفط السعودي بمقدار خمسة ملايين برميل يومياً.. وكما يقول الخبير النفطي الدكتور عبد الحي زلوم في مقالته المنشورة في صحيفة رأي اليوم في 16/9/2019، فإن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتحمل انقطاعاً للنفط السعودي أكثر من أربعة أشهر، مادامت تستورد ستة ملايين برميل يومياً فيما يكفيها الاحتياطي لمدة125يوماً فقط للتعويض عن توقف إنتاج النفط السعودي بالنسبة المعلن عنها50%، ويقول " لو طالت عملية التأهيل والتشغيل للمنشأتين إلى ما يزيد عن 4شهور، فسيصل سعر البرميل إلى السماء، وقد يصل إلى 200دولار للبرميل " وسيشكل ذلك برأيه ضربة للاقتصاد الأمريكي الذي يقول الدكتور عبد الحي أن هذا الاقتصاد يعيش اليوم حالة انكماش وفي مثل هذه الحالة ترغب واشنطن بخفض أسعار النفط لتحفيز الاقتصاد ولخفض الفوائد البنكية. وعلى هذا الأساس يعتبر بعض الخبراء أن العملية كانت رسالة بليغة لنظام ترامب نفسه، ففي هذا السياق أكد الخبير العسكري اليمني العقيد عبد الغني الزبيدي أن استهداف سلاح الجو اليمني المسير لمنشأتي بقيق وخريص شرقي السعودية كانت رسالة للسعودية وحليفتها أمريكا، وأوضح الزبيدي في حوار تلفزيوني، أن أميركا هي تدير تحالف العدوان والمستفيد الأكبر من هذا العدوان الذي حققت من خلاله مليارات الدولارات عبر صفقات الأسلحة وغيرها. وأشار الخبير العسكري إلى أن أمريكا ترى شركة ارامكو اكبر بقرة حلوب، وفي الوقت ذاته تدرك واشنطن انه إذا كان ضرر على السعودية فمن أولوياتهم الاهتمام في النفط فقط.
لعل النتائج الأكثر إيلاما وإحباطا لبن سلمان لصفعة جماعة الحوثي الأخيرة له، هو تخلي ترامب عن حمايته وتركه لوحده يواجه الحتوف!! فقد أعلن الرئيس الأمريكي ترامب يوم 16/9/2019 ان بلاده مكتفية ذاتياً من النفط ولا حاجة لها بنفط الشرق الأوسط، ولذلك لا ندخل في حرب مع إيران، إنما يتعين على السعوديين تحمل المسؤولية الأكبر في ضمان أمنهم ويشمل ذلك دفع المزيد من المال!! وأضاف: الولايات المتحدة لا تبحث في خيارات انتقامية حتى يكون لديها دليل قاطع على أن إيران مسؤولة..مشككاً بذلك بكل الأدلة والروايات التي أعلنها وزير خارجيته، وتقارير وزارة الدفاع، وجرى فيها محاولة هذه الأطراف إلصاق العملية بإيران، ما يعني ذلك تراجعاً من جانب ترامب عن الموقف الذي أعلنه قبل يوم من إعلان موقفه الأخير والذي لوح فيه إلى احتمال الخيار العسكري ضد إيران، ولتأكيد هذا التراجع قال ترامب: " لا نريد حرباً مع إيران رغم أن لدينا أفضل الأسلحة في العالم "كما اعتبر أن " الدبلوماسية لا تستنفذ أبداً عندما يتعلق الأمر مع إيران ".. ما شكل ذلك خيبة قاتلة لبن سلمان، لأنه وهب كل هذه المليارات من الدولارات لترامب لقاء الحماية، واليوم يتخلى عنه ترامب.. ما يعتبر ذلك ثم الصفعات المتلاحقة التي تلقاها هذا الكائن الطائش عبرة له لاستدراك الأمور، وإعادة الحسابات، والعودة إلى العقل والحكمة!؟ فهل سيظل راكباً رأسه، فيأخذ نفسه وبلده نحو الهاوية التي باتت محققة!؟ أم يؤوب إلى رشده؟
ارسال التعليق