هذا ما حذر منه الرئيس الفرنسي بن سلمان فأغضبه ؟!
* حسن العمري
كشفت مصادر الإليزية أن الهدف من الزيارة المفاجئة والقصيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الرياض مساء الخميس ولقائه محمد بن سلمان والتباحث معه على إنفراد لمدة ساعتين، لم تكن تلك التي أعلنت عنها وسائل الاعلام السعودية والرديفة بخصوص الأزمة مع لبنان، بل انها حملت تحذيرات مباشرة خارجة عن الأعراف الدبلوماسية لولي العهد من تصعيد التوتر بينه وبين ايران من جهة، وما يدور في أروقة القصور الملكية من موجة الاعتقالات الطويلة والعريضة لكبار الاسرة الحاكمة سياسياً ونفوذياً ومالياً من جهة اخرى.. فالوضع الداخلي والاقليمي لايطاق ويقلق الحليف الغربي، وهو ما أغضب نجل سلمان كثيراً.
الأنباء الواردة من الرياض تشير الى ان عدد المعتقلين من الأمراء والوزراء الحاليين والسابقين ومسؤولين كبار تجاوز (500) محتجز فيما ألزم الاعلام بالصمت وعدم الإفصاح عن عدد المعتقلين وأسمائهم فيما ضعف هذا الرقم يجري إستجوابهم - وفق "ميدل إيست آي"، وقد شملت القائمة وليي العهد السابقين مقرن ونايف ايضاً مع أنباء عن مقتل نائب أمير منطقة عسير الأمير منصور بن مقرن والأمين ومحافظ محايل عسير ووكيل الامارة ومدير الشرطة وآخرين في حادث تحطم مروحية استهدفتها مقاتلة سعودية بأمر مباشر من بن سلمان في محافظة عسير، وكذا الأمير عبدالعزيز بن فهد آل سعود إثر مشاجرة عنيفة وإطلاق رصاص بينه وبين أفراد الحرس الملكي الخاص في مزرعة العوجا، والقادم أعظم.
مصادر استخباراتية غربية كشفت أن الأوضاع آخذة نحو التوتر المتصاعد في القصور الملكية حيث القوات الخاصة المقربة من ولي العهد لاتزال منتشرة بصورة كبيرة في بعض أحياء الرياض وتطوق العديد من المنشآت الحكومية والقصور الملكية، تخللهاعمليات إعتقال اعداد كبيرة من كبار ضباط الحرس الوطني وإقتيادهم الى جهة مجهولة، وسط سماع أصوات اطلاق نار في حي قرطبة لعدة مرات؛ وبن سلمان أصدر أمراً بمنع سفر الأمراء والأميرات إلا باذن شخصي منه أو من الملك بعد تقديم الطلب الى جهاز الامن الخاص وشرح أسباب السفر والتعهد بتقديم تقرير عند العودة .
ترى كم أمير أو أميرة سيتم أعتقالهم بعد أعتقال الأميرة ريم بنت الوليد بن طلال، أو سيموت منتحراً أو يسقط من شاهق أو يتعرض لموت غامض كما تدعي الروايات السعودية الرسمية؟، حيث يقول "ديفيد أوتاواي" زميل شؤون الشرق الأوسط في مركز وودرو ويلسون: «لم يحدث شيء من هذا القبيل من قبل في تاريخ المملكة، الأمر الذي يعطينا الإحساس بأنها تدخل مياهاً غريبة لا تحمد عواقبها.. وتهدد استقرار آل سعود لأعوام قادمة»، أما الصحفي البريطاني الشهير ديفيد هيرست فقد كشف في "ميدل إيست آي" عن تعرض بعض الشخصيات الكبيرة التي طالتها حملة بن سلمان، لمعاملة وحشية، جراء عمليات تعذيب تعرضوا لها وسببت لهم جروحاً أصابت أجسامهم؛ وهو ما حذرنا منه مسبقاً لكن الذي كان غير متوقعاً هو عدد الأسماء وثقلها وتنوعها التي تشير الى عملية تغيير كبيرة وسريعة في نمط الحكم الأسري بطرق دقيقة لا تتناسب مع عقلية بن سلمان، تهدف لتصفية سياسية كبيرة واستبدال أشخاص بجدد يكرسون دولة الفرد كبديل لدولة الأسرة- وفق خبراء.
المتذرع بمكافحة الفساد في المملكة يشكل مركز ثقل الفساد المستشري بين الأمراء يهدف إستحصال مال المعتقلين لتعزيز قدرته - حسب الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان بصحيفة نيويورك تايمز، كاشفاً عن أنه أقدم وبشكل متهور على شراء يخت بقيمة (550) مليون دولار لقضاء عطلة في جنوب فرنسا؛ وصحيفة وول ستريت جورنال تؤكد أن الهدف من حملة بن سلمان لمكافحة «الفساد» هو مصادرة أمول بقيمة 800 مليار دولار لحسابه الخاص وليس لبيت المال العام، فيما التوقعات الأوليه تشير الى مصادرته ٤ ترليون ريال ما يعادل ١١٠٠ مليار دولار من حسابات الأمراء والمسؤولين المعتقلين ما يعادل ميزانية الدولة لـ ٦ سنوات .
الكاتب الأمريكي "ديفيد إغناتيوس" كتب في صحيفة الواشنطن بوست يقول: إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 سنة ومن خلال حملة الاعتقالات التي شنها ضد أمراء ووزراء بتهم الفساد «دخل في لعبة محفوفة بالمخاطر من أجل تعزيز نفوذه»، وأن الحملة على "الفساد" جاءت في أعقاب تحركات أخرى وصفها بـ"العدوانية والمثيرة للجدل"، مشيراً الى أن ابن سلمان يستمد جرأته من الدعم القوي الذي يقدمه له الرئيس الأمريكي ترامب.. وهنا يكمن الخطر حيث لا كلمة موثوقة للأخير. ويرى أنه لم يكن من قبيل الصدفة قيام جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، بزيارة شخصية إلى الرياض خلال الشهر المنصرم. وقيل إن الرجلين ظلاّ مستيقظين الى غاية الرابعة صباحا، لعدة ليال، قضياها في تبادل الخطط ووضع الاستراتيجيات.
الرئيس الفرنسي حذر محمد بن سلمان من عدم إلتزام "ترامب" بالوعود والمواثيق وحتى الكلام الذي يقطعه على نفسه، وضرورة تجنبه لعدم الوقوع في مخاطر داخلية بتفكيكه اللحمة الأسرية الحاكمة؛ وكذا الوقوع في فخ الإندفاع نحو التصعيد أكثر مع ايران وربما الحرب وسوف لن يجد من يعينه آنذاك للخلاص من هكذا ورطة مشيراً الى ما آلت إليه الوعود الأمريكية ودفعه نحو الحرب على اليمن وهاهو يتخبط في مستنقع وحلها فريداً عاجزاً وصواريخ الحوثيين تصل للرياض وربما القصور الملكية في القريب العاجل؛ ما سينهي حكم آل سعود الى ما لارجعة له مرة اخرى.
ماكرون أعاد تحذير ولي العهد مما ستؤول اليه مخاطر الحرب مع ايران ، تلك التي كان قد حذر من عواقبها وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول وكشف عنها في حديثه لقناة فوكس الامريكية (25/5/2015) مشيراً الى أنه "نصحت أصدقائنا السعودية الكف عن المهاترات لانهم مكشوفين من قبل ايران وان حرب مع ايران معناها عودة السعودية الى ما قبل العصر الصناعي خلال ساعات.. أننا غير قادرين في تلك الساعات على منع الايرانيين من تدمير البنية التحتيية للسعودية وبذلك لن يجد السعوديين خط هاتف يخاطبونا منه"، هو ما كشف عنه الخبير الفرنسي دومينيك مويزي، المستشار بمعهد مونتاني للدراسات الاستراتيجية، في لقاء مع قناة "أوروبا 1" .
ارسال التعليق