بن سلمان.. تحديات التعامل مع سجل الإخفاقات السعودية
نشر موقع «أوبن ديموكراسي» البريطاني، تحليلا يشير إلى أن استعداد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للشروع في سلسلة من التحركات لمواجهة إيران في الشرق الأوسط يظهر باستمرار أدلة على سوء التقدير الشديد.
وأوضح التحليل الذي عرضه بيفرلي ميلتون إدواردز، أستاذ السياسة الدولية بجامعة «كوينز بلفاست» في أيرلندا الشمالية، أنه يتأكد دائما عند كل خطوة أن نهج بن سلمان وضع المملكة أمام تحدي التعامل مع سجل من الإخفاقات بدلا من النجاحات.
إليكم نص المقال:
السياسة الداخلية في الشرق الأوسط خاصة في بلد مثل المملكة العربية السعودية حاليا لا تبقى على نفس الحال لفترة طويلة.
في 3 نوفمبر، شرعت قوات الملك سلمان، وولي العهد محمد بن سلمان، في حملة تطهير واسعة باعتقال بعض من أقوى الشخصيات في البلاد، وترددت أصداء تلك الحملة في كثير من العواصم الدولية مثل واشنطن، وعلى الرغم من تناول القصة باعتبارها حملة ضد الفساد، فإن الواضح جدا أن التحركات استهدفت استيلاء ولي العهد على السلطة وإزاحة المعارضين المتصورين، تمهيدا لتوليه عرش المملكة خلفا لوالده.
البعد الإقليمي لتحركات الرياض كان واضحا عندما أصدر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي زعم أنه تمت دعوته لزيارة العاصمة السعودية، بيان استقالته من خلال بث متلفز من الرياض، كما اعترض النظام السعودي هجوما صاروخيا من اليمن المجاور استهدف مدينة الرياض، ورد عليه بإغلاق الموانئ والحدود على تلك الدولة المحاصرة بالفعل.
المشهد السياسي في السعودية يتم تشكيله من قبل شخص طموح تمت الإشادة به حتى الآن باعتباره “مصلحا معتدلا”، إذ اعتُبر بن سلمان، هو القوة الدافعة وراء خطط المملكة للإصلاح، رغم أن تلك الخطط التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة تسبب قلقا في الوقت الحالي مع ارتفاع معدلات البطالة المحلية.
في الدوائر التجارية والمالية الدولية تم الترحيب برؤية بن سلمان، لطرح شركة «أرامكو» السعودية النفطية للاكتتاب، وتمت الإشادة إعلاميا عندما تجاوزت السعودية مرحلة حظر القيادة على السعوديات باعتبارها علامة على توجه جديد معتدل للمملكة.
على السطح يبدو كل هذا جيدا، ومع ذلك، أدت سلسلة التحركات والحسابات السياسية في الأشهر الستة الماضية إلى تكهنات بأن الرغبة في انتزاع السلطة يتجاوز من حيث الطموح حدود المملكة غير المستقرة على نحو متزايد.
وتكمن أهمية هذا التزامن في الأحداث في تأثير العدوى على الشرق الأوسط في وقت يتزايد فيه عدم الاستقرار والتوتر والصراع، فهناك مخاوف من أن يفكر محمد بن سلمان، في أخذ بلاده إلى حرب مع إيران والسعي لاسترداد بعض المجد التي تشتد الحاجة إليه في أعقاب الإخفاقات الإقليمية في اليمن وسوريا على سبيل المثال.
منذ الانتفاضات العربية عام 2011، سعت المملكة السعودية لتوطيد النفوذ الإقليمي داخل المنطقة بعد أن أجبرت الجماهير حلفاء مستبدين مثل الرئيس المصري حسني مبارك، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، على مغادرة السلطة.
مع حلفاء مثل دولة الإمارات، قامت السعودية بتصميم واتباع سياسة خارجية تعتمد على التدخل في المناطق الإقليمية الساخنة للتغلب على ما تسميه انتشار نفوذ “الهلال الشيعي” بدءا من طهران إلى سفوح جنوب لبنان وحدود إسرائيل، ولكن في إطار هذا النهج والسياق الإقليمي، أصبح على المملكة أن تتعامل مع سجل من الإخفاقات بدلا من النجاحات.
عدوى إقليمية
في ظل فترة قصيرة نسبيا من صعوده للسلطة، يمكن وصف استراتيجيات السياسة الخارجية السعودية لمحمد بن سلمان بأنها عدوانية، فبدلا من توجيه البلد بعيدا عن مزيد من الفوضى المنتشرة في المنطقة، فإنه يزيد بشكل مستمر من عدم الاستقرار الإقليمي، ويزيد من أمد النزاع والتدخل العسكري، وعلى نحو فعال، يسهم نهجه في زيادة المخاوف الأمنية الوطنية والإقليمية، مع مخاوف متزامنة تتعلق بأمن إمدادات الطاقة ومدى نفوذ وسيطرة وكلاء السعودية الإقليميين على السلطة في بلادهم، وهذا واضح في الحملة التي قادتها السعودية مؤخرا ضد قطر، في يونيو 2017، والتي لا يمكن تفسيرها بشيء إلا أنها هجوم على السيادة القطرية، إذ فرضت السعودية و3 دول أخرى، هي الإمارات والبحرين ومصر، حصارا بريا وبحريا وجويا، وخفضت العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وأرسلت إلى أميرها الشيخ تميم بن حمد، 13 مطلبا تلغي أي استقلال لها في السياسة الداخلية أو الخارجية، فيما لم ترد قطر على هذه المطالب.
أصبحت منطقة الخليج أكثر توترا مع ظهور آثار مضاعفة نتيجة التحالفات السعودية في ليبيا وسوريا والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وغيرها، فتعثرت الثقة التي أبداها محمد بن سلمان من حيث قدرته على فرض نظام إقليمي جديد وفقا لجدول أعماله.
سوف تستمر اليمن في الحفاظ على مساحات غير محكومة لا يمكن للسعودية أبدا أن تحتلها حتى لو استمرت في حملتها العسكرية الوحشية وفرضت إغلاقا على حدودها لمنع خطوط الإمدادات من أبسط المساعدات الإنسانية الأساسية لهذه الدولة المتداعية.
ولا تزال قطر متحدية وتحظى بدعم قوي داخل الإدارة الأمريكية وفي عواصم أجنبية أخرى.
كما أن رد حزب الله على بيان استقالة الحريري من الرياض يبرهن على قوة حساباته الاستراتيجية وقبضته الواثقة على السلطة في لبنان، وهي القبضة التي لن يستطيع بن سلمان هزيمتها، وهذا هو الدرس الذي تعلمته إسرائيل عندما ذهبت إلى الحرب مع حزب الله في عام 2006.
إن استعداد محمد بن سلمان للشروع في سلسلة من التحركات ضد ما يمكن اعتباره حلفاء «سنيين» تقليديين في المنطقة، كجزء من تصور أوسع لأعمال ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، يظهر بالفعل أدلة على سوء التقدير الشديد.
إن تحول السعودية باتجاه حليف مثل إسرائيل، من أجل دعم اتحاد عسكري ناشئ يواجه طهران وحلفاءها، يدل على مدى تهور ولي العهد عندما يتعلق الأمر بالأداء الاستراتيجي للنظام الإقليمي ودور المملكة التي يتطلع إلى الجلوس على عرشها.
بقلم : شيماء محمد
ارسال التعليق