تعيين ريما بنت بندر محاولة يائسة لتجميل صورة بن سلمان
يرى الكثير من المراقبين أن تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للمملكة بواشنطن بدلاً من الأمير خالد بن سلمان شقيق محمد بن سلمان محاولة يائسة ومكشوفة من قبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإصلاح ما تشوه من صورته وصورة المملكة بسبب جريمة اغتيال جمال خاشقجي وحربه على اليمن حيث أصبحتا لعنة تطارده.
وقد أثار هذا القرار الذي يعد الأول في تاريخ المملكة، العديد من التساؤلات وعلاقته بموقف ولي العهد الضعيف بعد أن اهتزت صورة النظام السعودي بقوة في واشنطن عقب اعتراف الرياض بأن عملاء تابعين للاستخبارات السعودية هم من نفذوا عملية اغتيال خاشقجي في تركيا. وشغلت الأميرة عدة مناصب في المملكة لكن في إطار الأعمال الاجتماعية لكنها لم تتول أي منصب له علاقة بالسياسة أو الدبلوماسية.
ورغم خلو سجل الأميرة من أي أعمال سياسية إلا أنها تستمد نفوذها من المنصب السابق لأبيها بندر بن سلطان الذي لعب دور السفير لأكثر من 20 عاماً، وعاصر الفترة الحرجة التي أعقبت أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي كان المتهم فيها تنظيم القاعدة وزعيمه الراحل أسامة بن لادن سعودي الجنسية، إضافة إلى أن غالبية المنفذين للواقعة كانوا سعوديين.
وكان بندر بن سلطان في هذا الوقت نجح بتجميل صورة المملكة لدى الأوساط المجتمعية الأمريكية عبر شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط التي أخذت هذا الأمر على عاتقها مقابل الأموال، كما أنه نجح في إقامة علاقات دبلوماسية وشخصية أيضاً بسبب منصبه.
وعقب توليه منصب رئاسة الاستخبارات السعودية في 2012، نجح بتكوين علاقات مع جماعات المحافظين الجدد في واشنطن والذي تسبب بتوتر علاقاته شخصياً بالرئيس الأمريكي السابق أوباما الذي كان يرى أن الأمير بندر يدير الملف السوري بعيداً عن الإدارة الأمريكية، مستنداً على النفوذ القوي للمحافظين الجدد الذين باتوا يلعبون دوراً هاماً في السياسة الأمريكية منذ وصول ترامب في 2016.
وبعد ما يسمى بـقرارات “الإصلاح” التي صدرت في السعودية كحق المرأة بقيادة السيارة وإطلاق الحفلات والموسيقى ودور السينما عبر الهيئة الترفيهية، جاءت خطوة تعيين الأميرة ريما ليروج ابن سلمان في الأوساط الغربية بأنه مازال على إصلاحاته رغم جريمة قتل خاشقجي.
وقبل تولي منصبها الجديد عملت ريما مستشارة لولي العهد فعقب اغتيال خاشقجي دافعت بشراسة عن سياسة ولي العهد في المحافل الدولية، بسبب قدراتها على تحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة واصفة إصلاحاته الاجتماعية بأنها «تطور وليست تشبهاً بالغرب». وفي مداخلة لها خلال المنتدى الاقتصادي العالمي العام الماضي، قالت «تطالبوننا بالتغيير، لكن عندما نبدأ بالتغيير تواجهوننا بالتهكّم».
وأضافت «لا أدري كيف أشرح لكم إلى أي مدى الأمر محبط عندما تستيقظ كل صباح وتذهب إلى المكتب وتبدأ بحض الناس على التغيير من أجل مجتمعهم ثم تظهر مقالة تقول هذا كان رائعاً، ولكن..».
ورغم الصورة الذهنية التي يحاول ابن سلمان رسمها مجدداً بواشنطن بتعيين ريما في منصبها الجديد إلا أن ولي العهد خسر حلقة الوصل المباشرة مع الإدارة الأمريكية وهي شقيقه خالد بن سلمان الذي تقلد منصب نائب وزير الدفاع بدلاً من منصب السفير. فمنذ التغييرات الهامة التي قام بها ابن سلمان في البلاط الملكي قبل عامين، كان يعتمد بشكل مباشر على شقيقه بلعب دور حلقة الوصل المباشرة مع الإدارة الأمريكية وخاصة صهر ترامب ومستشاره جاريد كونشر، إلا أن جريمة خاشقجي أفسدت كل هذا. فالأمير خالد ارتبط بشكل مباشر باغتيال خاشقجي، إذ بحسب ما نشرته وسائل إعلام فإن السفير السابق طلب من خاشقجي السفر لتركيا إذا أراد الحصول على الوثيقة العائلية، لكنه كان الفخ الذي دبر لاغتياله.
وعقب الجريمة غادر الأمير خالد واشنطن في مطلع أكتوبر 2018، ولم يعد إليها مرة أخرى وظل منصبه شاغراً حتى شغلته الأميرة ريما، ومن ثم كان من المستحيل عودة الأمير خالد إلى واشنطن مرة أخرى حتى لا يثير السخط مرة أخرى تجاه ابن سلمان فربما يعتبر البعض عودة السفير السابق استفزازاً للأوساط الشعبية الأمريكية ولاسيما وسائل الإعلام التي تعد المدافع الأول الآن عن خاشقجي بعد تركيا.
ومن الصعب التعويل على قدرتها على تجميل صورة ولي العهد المشوهة في الولايات المتحدة، خاصة مع المعلومات التي سربت لوسائل الإعلام حول الدور الفاعل لـ ابن سلمان بجريمة خاشقجي، لكن قد يقلل غياب شقيق ولي العهد عن واشنطن من حدة الغضب ضد ابن سلمان. فهل يمكن للأميرة ريما أن تنجح في الدفاع عن ابن سلمان لتثبت بأنه غير متورط في هذه الجريمة أو على الأقل لن يكرر مثلها مرة أخرى.
ارسال التعليق