ابن سلمان أنشأ دولة بوليسية فائقة التطرّف
سلّطت صحيفة “صندي تايمز” الضوء على أوضاع الناشطين والناشطات في المعتقلات والسجون السعودية، ورأت الصحيفة البريطانية أن ولي العهد محمد بن سلمان فكك السلطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف) التي هيمنت لعقود على الحياة بالمملكة، بهدف إحداث تغييرات إصلاحية، لكنه قام بإنشاء دولة بوليسية مُفرطة في تطرّفها. ونشرت الصحيفة تقريراً عن اعتقال الناشطات السعوديات خاصة لجين الهذلول، احتوى على تصريحات من أفراد أسرتها وشقيقتها لينا المقيمة في بلجيكا عن التعذيب الذي ظلت تتعرّض له طويلاً. وفي تقرير لمراسلة الصحيفة لويز كالاغان، قالت فيه إن لينا الهذلول، شقيقة لجين الهذلول، كانت في بروكسل عندما تم اعتقال شقيقتها، مُشيرة إلى أن اعتقالها جاء قبل أسابيع من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وكانت عيون العالم مركزة على التغيير الحاصل في السعودية. وأشار التقرير، إلى أن لجين (29 عاماً) عاشت وسط الدوائر الثرية في فرنسا والسعودية، وهي ناشطة معروفة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة، لافتاً إلى أن عائلتها اعتقدت أن السلطات ستفرج عنها بعد رفع الحظر، وأن أذى لن يصيبها نظراً للقيود الاجتماعية المتشدّدة في البلاد، وأنهم لن يمسوا امرأة. وتستدرك الصحيفة بأن العائلة كانت مُخطئة على ما يبدو، وأخبرت لجين عائلتها بعد أشهر بأنها احتجزت في زنزانة انفرادية، وتعرّضت للسخرية والانتهاك الجنسي على يد جلّاديها، وبينهم مساعد لولي العهد محمد بن سلمان.
وأكدت الصحيفة على أن لجين لا تزال حتى اليوم في السجن، وهي واحدة من عدة ناشطين أسكتتهم الحكومة، وتعرّضوا للجلد والصعقات الكهربائية، مشيرة إلى أن السعودية أعلنت في الشهر الماضي الإفراج عن عدة ناشطات بكفالة، وعن أربع أخريات الأسبوع الماضي، إلا أن لجين لم تخرج بعد. ويجد التقرير أن حالتها تعكس، كما تقول عائلتها، تحولاً في الطريق المظلم الذي سارت فيه السعودية بعد صعود ولي العهد محمد بن سلمان، الذي لم يُحاسَب على جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي في عام 2018، وتم تحميل المسؤولية بدلاً من ذلك لمجموعة مقرّبة من مساعديه.
وتورد الصحيفة البريطانية نقلاً عن منتقدي ابن سلمان، قولهم إن ولي العهد فكّك المؤسسة الدينية التي أدت دوراً مهماً في الدولة، واستبدل بها دولة بوليسية مُفرطة في تطرّفها. وتنقل الصحيفة عن لينا الهذلول (25 عاماً)، قولها في لقاء مع الصحيفة الأسبوع الماضي في بروكسل: “قبل ذلك، لم يستخدموا وصف خائن، وكانوا يقولون كافراً، وفي الماضي لم نكن نخشى من توقيفنا في السعودية”، وتضيف: “أما اليوم فهناك الكثيرون في السعودية معتقلون دون تهم”.
وتضيف الصحيفة بأنه رغم مناخ الخوف الجديد، إلا أن عائلة لجين بدأت تتحدّث عن معاناتها، وتجرّأ أفرادها على تحدي معاملة الحكومة لها، وتقول لينا: “لم أصدّق التعذيب أولاً.. اعتقدت أن هذا مستحيل، فهي امرأة ولا أحد يمس المرأة، لكننا عندما بحثنا عميقاً عرفنا عنه”. وتنقل الصحيفة عن لينا، قولها إن المُحققين مع لجين طلبوا منها التعاون معهم للإيقاع بالبنات والنساء اللاتي هربن إلى خارج السعودية وإغرائهن، وتضيف لينا: “رفضت لجين.. ربما كان هذا سبباً في معاملتهم السيئة لها، وكانوا يعرفون أن الفتيات السعوديات مُعجبات بلجين وسيعدن من أجلها إلى السعودية”، وتستدرك لينا قائلة: “بصراحة ليست لدينا فكرة عن سبب تعذيبها، فهل هذا يجعلهم سعداء؟ وسمعنا أنهم كانوا يضحكون في وجهها”.
وتذكر الصحيفة أن المُحققين السعوديين رفضوا اتهامات التعذيب، فيما لم ترد الحكومة على طلبات الصحيفة للتعليق، مشيرة إلى أنه مع أن لجين نشأت في فرنسا، وقضت سنوات في كندا، إلا أنها كرّست حياتها لحقوق المرأة في بلادها، وحظيت بالثناء والمديح على نشاطها.
ويلفت التقرير إلى أن لجين كانت في بداية العام الماضي في أبو ظبي، تدرس الماجستير في السوربون، فرع أبو ظبي، عندما اختطفت ونقلت للسعودية، ووضعت تحت الإقامة الجبرية في بيت والديها، ومُنعت من السفر، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن السعودية حظيت في ذلك الوقت بتغطيات إيجابية، خاصة أنها كانت تحضر لرفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، وكانت حريصة على تقديم التحوّل في الموقف بأنه إصلاح بأمر من ولي العهد، وليس نتاجاً لمطالب شعبية. وتقول الكاتبة إنه بدلاً من نسبة التحوّل إلى الناشطات في مجال حقوق المرأة، فإن السلطات قامت باعتقالهن، وشنّت حملة تشويه ضدهن، ونشرت صحيفة سعودية صورة لجين مع عدة معتقلات وعليها كلمة “خائنة”، وبدأت الصحف المحلية بالتكهّن عن مدة سجنهن، 20 عاماً أو الإعدام، وبدأت حملات ضدها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اتهمها “الذباب الإلكتروني” بالتجسّس لصالح دولة أجنبية، في محاولة، كما تقول عائلتها، لوصمها بالعار. ويكشف التقرير عن أن التعذيب توقف الآن، وهي تعيش في زنزانة مُشتركة في سجن في الرياض، وتتحدّث مع عائلتها مرة كل أسبوع، ويُسمح بزيارتها مرة في الشهر، مشيراً إلى أن معظم أفراد عائلتها يعيشون في السعودية، ويحظر عليهم السفر إلى الخارج، مشيراً إلى أن لديها شقيقين وشقيقتين في الخارج، وهم من يتحدّثون علناً عن ما جرى لها.
وتورد الصحيفة عن لينا، قولها: إن لجين “تحاول الظهور بمظهر الشجاعة لأنها لا تريد التسبّب بالألم لنا.. وعادة ما تتحدّث عن رؤيتها للحياة بعد السجن، وأنها أسوأ من أي شيء عانته، وفي الحقيقة جعلوا حياتها جحيماً”. وتبيّن الصحيفة أن معظم الاتهامات المُوجهة لها تتمثل في اتصالها بصحافيين أجانب وسفارات أجنبية، التي تقول إن هذا ليس جريمة، مُشيرة إلى أن والدها، الذي كان في البحرية السعودية، يُخطط للدفاع عنها في المحكمة التي أجلت لأجل غير محدّد. وتختم “صندي تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أنه تم اعتقال تسعة ناشطين، معظمهم أكاديميون، وبينهم مواطنان أمريكيان.
ارسال التعليق