استرضاء ترامب للسعودية وراء استمرار حرب اليمن
قال موقع ذا سبيكتيتور إن السبب الرئيسي في موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحرب في اليمن هو استرضاء للسعودية، في هذا الصدد كان السيناتور “بيرني ساندرز” قد عمم نهاية أبريل الماضي خطابًا مفتوحًا دعا فيه الكونجرس إلى إلغاء الفيتو الرئاسي على مشروع قانون يطالب بوقف مشاركة الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في اليمن. وكان مشروع القانون، الموقع من نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هو أول تمسك للكونجرس بقرار سلطات الحرب لعام 1973 الذي يفرض رقابة على السياسة الخارجية للرئيس فيما يتعلق بالحروب. وفي خضم مشاكل الرئيس الحالية التي لا تعد ولا تحصى، يمكن أن يكون تجاوز الفيتو المحتمل فرصة لمزيد من الاستقطاب السياسي، بما يعني أن حرب اليمن سوف تستمر. والسؤال هنا هل كانت اليمن تستحق حق النقض؟ في الواقع تبدو الحرب، التي تحدث في الزاوية الأكثر عزلة والأفقر في شبه الجزيرة العربية، بالنسبة للكثيرين، غير ذات صلة بالمصالح الأمريكية، والصراع في اليمن لا يتعلق بإيران، ولكنه في الحقيقة يتعلق بالسعودية، ويمكن الوصول إلى هذه الحقيقة ببساطة عبر تتبع الجانب المالي للحرب.
واضاف موقع ذا سبيكتيتور: وفقًا لأرقام معهد بروكينجز، فإن تورط السعودية في حربها باليمن يكلف المملكة بين خمسة إلى ستة مليارات دولار شهريًا على الأقل، بينما تلعب إيران اللعبة مقابل لا شيء تقريبًا، حيث تنفق بضعة ملايين من الدولارات سنويًا لدعم الحوثيين لإزعاج منافسيهم السعوديين. وحقق العمل السعودي في اليمن نتائج مروعة، وتم إلقاء اللوم على الغارات الجوية السعودية في التسبب في سقوط نحو 18 ألفاً من القتلى المدنيين، ويتم عزو المجاعة المستمرة في البلاد إلى الحصار السعودي للأراضي التي يسيطر عليها المتمردون، وتدعم واشنطن هذه الجهود من خلال توفير الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية وقدرات التزود بالوقود. وتعد الشراكة الأمريكية السعودية مثيرة للجدل بالفعل في أمريكا في ظل تناقض القيم الأمريكية والسعودية والترويج السعودي للتطرف الذي يتعارض مع الجهود الغربية لمكافحة التطرف. وقد أدى مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في سفارة السعودية في تركيا، إلى تضييق أفق العلاقات بين الرياض وواشنطن، ومع ذلك، فإن التعاون في مجالات القتل في اليمن مستمر بلا هوادة. ويعد تمسك “ترامب” بالسعودية باعثاً على الفضول. وكان “ترامب” قد وصف، السعودية بأنها “أكبر ممول للإرهاب في العالم” حين كان لا يزال مرشحاً. لكن الرئيس “ترامب”، الذي يخضع بيته الأبيض لتأثير المتشددين المناهضين لإيران مثل وزير الخارجية “مايك بومبيو” ومستشار الأمن القومي “جون بولتون”، يرى اليوم أن “النظام الإيراني هو الراعي الرئيسي للإرهاب”. ورغم الطبيعة التدميرية للتدخل السعودي في اليمن، فإن الإدارة تفضل التركيز على التدخل الإيراني على أي حال. لكن الحوثيين ليسوا حليفاً جوهرياً لإيران، وهم مجرد وسيلة منخفضة التكلفة لتهديد السعودية، وليس لدى إيران مصلحة حيوية في دعم “الحوثي”. لكن السعوديين يرون الأمر بطريقة مختلفة. وكما يلاحظ المحاضر في برينستون “برنارد هيكل”، فإن السعوديين ينظرون إلى الحرب على أنها “محاولة من الإيرانيين لإنشاء قوة شبيهة بحزب الله في اليمن على حدودهم الجنوبية”، مما يخلق تهديدًا للأمن القومي للسعودية من خلال الصواريخ، مثلما يفعل “حزب الله” مع إسرائيل.
وأضاف موقع ذا سبيكتيتور: يبقى السؤال هنا لماذا يجب أن تهتم أمريكا بالأمر. وتركز الحكمة السائدة دوماً على النفط. ومنذ الحظر الذي فرضته أوبك عام 1973، استخدمت واشنطن صفقات الأسلحة كرافعة للحفاظ على الإنتاج السعودي مرتفعًا. وفي الثمانينيات، على سبيل المثال، قام الرئيس الأمريكي “ريجان” بتسريع مبيعات الأسلحة مقابل زيادة إنتاج النفط، وخفض أسعار الطاقة العالمية من أجل الضغط على الاتحاد السوفيتي. الآن، وسط ارتفاع الأسعار بعد إنهاء الرئيس “ترامب” لإعفاءات النفط الإيراني، تستخدم الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة مرة أخرى للحفاظ على تدفق النفط السعودي والحفاظ على استقرار الأسعار. ويعد استرضاء السعودية إذن هو الأساس المنطقي الأكثر إقناعًا وراء استمرار التدخل الأمريكي في اليمن. ولكن بالنظر إلى الغضب تجاه المملكة في أمريكا، ونقاط الضعف السياسية للرئيس “ترامب”، من الصعب القول إلى أي مدى يمكن لهذا الدعم أن يكون مستدامًا من الناحية السياسية. ومع ذلك، يعد هذا موقفاً ضعيفاً غريباً للرئيس الذي يردد أن شعاره “أمريكا أولًا”.
ارسال التعليق