السعودية والهبوط إلى قعر الحضيض
بقلم : علي عبدالله الجفري
تمر السعودية هذه الأيام بأصعب مراحلها عبر التاريخ، وتتعرض إلى أزمات ونكسات متتالية تشكل تهديداً مباشراً لكيانها كدولة.
في عهد سلمان بن عبدالعزيز والذي بدأ تحديداً في 23 يناير من عام 2015م، لم يشهد استقراراً منذ وهلته الأولى، فبعد حوالي الثلاثة أشهر من توليه مقاليد الحكم اتخذت السعودية قرارها بشن الحرب على اليمن، الحرب «والتي دخلت عامها الخامس» أنهكت المملكة اقتصادياً ومعنوياً وأمنياً.
ويشكل التاريخ 21 يونيو من عام 2017م يوماً فارقاً في تاريخ المملكة، فقد شهد عزل الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز عن ولاية العهد، وتعيين الأمير محمد بن سلمان بدلاً عنه، فيما بدا أنه انقلاب على الأمير محمد بن نايف الذي توارى بعدها عن الأنظار، حتى إن حسابه على تويتر لم يغرد منذ ذلك التوقيت وحتى هذه اللحظة!
محمد بن سلمان الذي استبق الجميع فقاد حملة اعتقالات شملت الكثير من أبناء عمومته تحت شعار مكافحة الفساد ليرسل رسائل مبطنة لكل من يشكك في أحقيته في ولاية العهد، بأنه سيكون عرضة للاعتقال والتنكيل والتشهير.
وهو نفسه الذي قاد حملة حصار قطر قبل تعيينه كولي للعهد بأيام.
والمتتبع لطريقة صعود الابن يرى بوضوح حجم الكارثة التي تنتظر المملكة في المستقبل القريب، فقد عزل ابن سلمان المملكة عن محيطها العربي والإقليمي مفتعلاً العديد من الأزمات مع العديد من الدول.
ومن الواضح أن ابن سلمان أيضاً لا يُحسن اختيار مستشاريه الذين غالباً ما يوقعونه في تلك الأزمات التي كان من المفترض تجنبها للحفاظ على ما تبقى من سمعة للمملكة خارجياً.
وتأتي في مقدمة هذه الأزمات أزمة قضية مقتل الصحفي والناشط جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته في عملية قد تُصنف بأنها أغبى عملية استخباراتية في التاريخ الحديث.
إضافة إلى ذلك فقد تم تنظيم حملة اعتقالات واسعة لكل من يعارض توجهات الحكومة وشملت جميع الناشطين الحقوقيين ومجموعة كبيرة من العلماء، الأمر الذي جعل مكانة وسمعة المملكة تتعرض لهزة كبيرة، سمحت بدورها للكثير من المنظمات الدولية بتسليط الضوء على الانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان.
ومحمد بن سلمان الذي أطلق رؤيته الشهيرة برؤية 2030 والتي أُعلن عنها رسمياً أواخر أبريل 2016 لا يبدو مكترثاً بحجم الانتقادات الشعبية المتزايدة من زيادات الأعباء المالية على مواطنيه ولا من التذمر من حجم الانفتاح السريع في بلد محافظ يحتضن الحرمين الشريفين.
ويعوّل كثيراً على الرئيس الأمريكي الحالي ترامب بالرغم من أن هذا الأخير لا يتوانى عن ابتزاز المملكة في كل محفل انتخابي، وإهانة ملكها بشكل يدعو للاستغراب.
ويبدو جلياً أن ابن سلمان مستعد للتضحية بكل شيء في سبيل وصوله إلى الحكم وتنصيب نفسه ملكاً، حتى لو كان ذلك على حساب أفراد من العائلة المالكة، العائلة التي استطاع محمد بن سلمان نفسه تفتيت مكامن القوة فيها وإحكام السيطرة عليها وتشويه سمعة من يشعر أنهم قد ينافسونه مستقبلاً كمتعب بن عبدالله والوليد بن طلال وغيرهما.
ويبدو أن الأمور تتجه إلى مزيد من التعقيد والتصعيد، فابن سلمان الذي نجا من محاولة انقلاب فيما يعرف بحادثة حي الخزامي في أبريل 2018 والتي كشفت عنها العديد من الوكالات الدولية، يدرك تماماً أن هناك أفراداً من العائلة المالكة يسعون ويتحينون الفرصة للإطاحة به، وهو الذي صرّح بأنه لا توجد قوة تمنعه من مواصلة طموحه سوى الموت.
فهل يستطيع بن سلمان تثبيت أركان حكمه وبسط سيطرته بالقوة ؟ أم ينجح أفراد من آل سعود في قلب المعادلة؟ أم أن للشعب رأي آخر ؟
ارسال التعليق