زيارة المنتخب السعودي لفلسطين.. دعمٌ أم تطبيع
أثارت زيارة المنتخب السعودي لكرة القدم للأراضي الفلسطينية جدلا واسعا في أوساط الفلسطينيين، فمنهم من اعتبرها دعما لصمودهم ومنهم من قال إنها تنضوي في إطار التطبيع مع الاحتلال.
وجاءت الزيارة بتنسيق مع السلطة الفلسطينية التي قالت إن الاحتلال لم يضع ختمه على وثائق السفر الخاصة بأعضاء المنتخب؛ وإن هدف الزيارة هو إقامة مباراة بين الفريقين الفلسطيني والسعودي لتعزيز دعم الفلسطينيين عبر كل الأوجه ومنها النشاط الرياضي.
ولكن الكثير من الفلسطينيين يعتبرون أن أي زيارة عربية لفلسطين “لا بد أن تكون بموافقة الاحتلال الذي يسيطر على جميع المنافذ؛ وأن الزيارة هذه جاءت في إطار التطبيع لمجرد الحصول على موافقة السلطات الإسرائيلية”.
ويعتبر الناشط في حركة المقاطعة العالمية للاحتلال “بي دي أس” محمود النواجعة أن التطبيع “لا علاقة له بسيادة من؛ بل بمعايير التطبيع التي تتبعها حركة المقاطعة العالمية والتي وضعها الشعب الفلسطيني من خلال سنوات طويلة من الورش والنقاشات”.
وقال النواجعة: “إن المعيار المتعلق بالزيارات إلى فلسطين أنه إذا كانت الزيارة من خلال تأشيرة يتم الحصول عليها عن طريق سفارات الاحتلال في الدول العربية كالأردن ومصر وغيرها فهذا يعتبر تطبيعا مع جسم غير شرعي ينتهك حقوق الفلسطينيين”.
ويوضح أن الزيارة إن كانت من خلال تصريح وتأشيرة عن طريق السلطة الفلسطينية فهي ليست تطبيعا ذلك لأن التصريح يصدر من دائرة الشؤون المدنية الفلسطينية وليس من خلال علاقة مباشرة مع الاحتلال وإن كانت تصدر عنه، وبالتالي فإنه لا يمكن رفض كل الزيارات واعتبارها تطبيعاً حسب المعايير المتبعة، حسب قوله.
لكن النواجعة يؤكد أنه لا يمكن تجاهل السياق السياسي لهذه الزيارة، حيث إن السعودية تقوم بدور خطير على مستوى الوطن العربي في التطبيع مع الاحتلال ضمن مواقف تثير الشبهة والتي كانت صدرت عنها خاصة ضمن ما يأتي تحت إطار التطبيع الرسمي.
وتابع: “على الرغم من عدم تعارض زيارة المنتخب السعودي مع معايير مناهضة التطبيع، والتي لا تعتبر التصريح الذي يتم استصداره من خلال السلطة الفلسطينية تطبيعاً رغم مساوئه، ورغم تقديرنا لجهود الشعب السعودي وتضامنه مع فلسطين على خلاف الأنظمة الحاكمة، لكن لا يمكن أن نقرأ قدوم المنتخب السعودي إلى فلسطين المحتلة في هذا الوقت تحديداً، إلا في سياق التطبيع الرسمي الخطير للنظام السعودي مع إسرائيل”.
تنسيق أمني
وخلال زيارته توجه وفد إداري من المنتخب السعودي إلى القدس المحتلة، التي يُمنع فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة من دخولها إلا بتصريح خاص من الاحتلال؛ ثم تجولوا في باحات المسجد الأقصى لعدة دقائق.
وقال شهود عيان إن عددا من الشبان المقدسيين حاولوا منع أعضاء الوفد من إكمال جولتهم في المسجد الأقصى ووجهوا لهم عبارات مثل “القدس لا ترحب بالمطبعين”؛ فقامت شرطة الاحتلال باعتقالهم وتسليمهم أوامر إبعاد عن المسجد لمدة 15 يوما.
بدوره يرى الناشط والأكاديمي الفلسطيني وسام رفيدي أن زيارة المنتخب السعودي هي عبارة عن “تطبيع دون أدنى شك، وذلك لأنه لم يأت إلى فلسطين عن طريق الترتيبات الإسرائيلية مباشرة، ولكن عن طريق التنسيق الأمني الذي تنفذه السلطة مع الاحتلال”.
وقال رفيدي في حديث: إن كل الترتيبات المدنية تمت عن طريق السلطة مع الاحتلال، وبالتالي هم جاءوا إلى فلسطين ضمنيا عبر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تتعامل مع الاحتلال أمنياً.
وأوضح أن المنتخب السعودي كان جاء دون ختم جوازات السفر من قبل الاحتلال ولكنه في النهاية دخل فلسطين بموافقة إسرائيلية عبر الترتيبات المدنية، لأنه في النهاية يقرر من الذي يدخل فلسطين أو لا.
وأضاف: “هذا كله يأتي ضمن التنسيق الأمني بين مخابرات السلطة والاحتلال، رغم عدم مرورهم عن طريق الجانب الإسرائيلي مباشرة، ولكن ما يحدث هو تشجيع للتطبيع، وأنا أعتبره تطبيعا بالتحايل عن طريق السلطة لتوفير ظروف مناسبة تشجيعية للعرب لدخول فلسطين بهذه الطريقة، ولكن هذا تطبيع واضح”.
وأكد رفيدي أن الزيارة في “ظل الحديث عن صفقة القرن” وانزلاق ما وصفها بـ”الأنظمة الرجعية في الخليج تجاه التطبيع مع الاحتلال فإن ذلك يعتبر تطبيعا، حيث يعدها الفلسطينيون وتبعاتها على القضية والشعب تطبيعية بامتياز”، وفق قوله.
وبيّن أنه رغم أن الزيارة لا تتوافق مع معايير التطبيع إلا أنها تأتي منسجمة مع موجات التطبيع في العالم العربي، وأن الموقف الفلسطيني يجب أن يكون أكثر جذرية في معايير المقاطعة باعتبار أي زيارة فنية أو رياضية أو ثقافية إلى فلسطين تطبيعاً خاصة أنها تتم بموافقة الاحتلال أولا وأخيرا.
وتابع: “نحن نعلم أننا مضطرون للمرور على الحواجز العسكرية الإسرائيلية في كل تحركاتنا، ولكن أن ندعم زيارات تحت شعارات فنية ورياضية من دول عربية تحت إطار دعم الصمود فنحن نعتبر أن ذلك تطبيع مع الاحتلال ولا يخدم القضية، لأن دعم صمود الشعب الفلسطيني يتم بعزل الاحتلال وليس بتشجيع الزيارة إلى فلسطين عن طريقه”.
ورأى أن من يريد أن يدعم حقوق الشعب الفلسطيني فيجب عليه دعمه معنويا وسياسيا وإقامة مشاريع وفعاليات من شأنها أن تؤثر على الاحتلال وليس أن يأتي إلى فلسطين بترتيب أمني بين السلطة والاحتلال لأن ذلك ضحك على الشعب، حسب تعبيره.
ارسال التعليق