ابن سلمان يلجأ لإسرائيل سرا بذريعة مواجهة ايران
في مقال مشترك بصحيفة “جيروزاليم بوست” لثلاثة خبراء هم ساندر غيربر وألاي هيستين ويوئيل غوزانسكي، نوقشت فكرة الطرق للتقدم في العلاقات السعودية- الإسرائيلية، حيث قالوا إن البلدين يواجهان نفس التهديدات والمعضلات الإستراتيجية غير التعاون لمواجهة إيران.
ومن الأسرار التي يتم الحديث عنها هو التعاون السري بين إسرائيل والسعودية لمواجهة العدو المشترك وهي إيران، ولا تنبع العداوة من الخلافات الحدودية أو المصالح الجيوسياسية بل لأن إيران دعت لتدمير البلدين واتخذت خطوات لكي تنفذ تهديداتها.
كما استهدفت إيران السعودية وإسرائيل لأنهما حليفان لـ”الشيطان الأكبر”، أمريكا، وتعتبران من الناحية المجازية حاملتي طائرات لواشنطن في الشرق الأوسط، ولأن إيران تتبنى الراديكالية الشيعية. وتهديد إسرائيل والسعودية ليس أمرا عرضيا بل هو جزء من مشروع إيران الرامي لتفكيك البناء الأمني الأمريكي وإضعاف التأثير الأمريكي في الشرق الأوسط. وتريد إيران وضع هؤلاء الحلفاء -إسرائيل والسعودية- كرهينتين وتأخذ من أسلوب كوريا الشمالية وتهدد بقطع رؤوس حلفاء أمريكا للحد من قدرة واشنطن بطريقة يمكن فيها لطهران التصرف بدون خوف.
وفي ضوء الزحف الإيراني البطيء نحو امتلاك السلاح النووي تبدو هذه الإستراتيجية خطيرة. وفي اتجاه آخر تطمح إيران لفصل واشنطن عن شركائها من خلال استهدافهم، وترسل رسالة أنها لن تتوقف عن جهودها إلا في حالة توقفهم عن دعم سياسات الولايات المتحدة وعملياتها بالمنطقة.
ومن هنا فتطوير إستراتيجية تخفف من المخاطر التي تمثلها النشاطات الإيرانية الخبيثة بالمنطقة ليس مصلحة إسرائيلية وسعودية فقط بل وأمريكية أيضا. وتواجه الدولتان تهديدات مشتركة غير إيران والجماعات الإسلامية، وهي الجماعات الوكيلة عن إيران والتي تعمل داخل التجمعات المدنية في دول أخرى وتقوم باستخدام القوة غير التقليدية مثل الصواريخ والقنابل الصاروخية. ففي الوقت الذي توجه فيه إسرائيل حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، يواجه السعوديون الحوثيين في اليمن. والمفارقة أن إيران لا تهتم كثيرا بالانقسام السني – الشيعي عندما تريد تقويض المصالح الأمريكية. ورغم المحاولات التي قام بها الجيش الإسرائيلي والنجاحات التي حققها في مواجهة جماعات إيران في سوريا والعراق أكثر من نجاح السعودية في مواجهة الحوثيين، إلا أن أيا منهما لم يوجه ضربة قاصمة للقوى التي تدعمها إيران بالمنطقة. والسبب هو أن أمريكا وحلفاءها يقاتلون في حروب غير تقليدية بأسلحة مصنعة لخوض حروب تقليدية. ومن هنا يمكن لكل من إسرائيل والسعودية التعاون وتبادل الخبراء في مواجهة أعدائهما وتطوير إستراتيجية مواجهة حروب إيران غير التقليدية والجماعات غير الدول التي تدعمها. فالمعضلة التي تواجه السعوديين في اليمن هي منع الكارثة الإنسانية ومواجهة الخطر الحوثي وهي نفس المعضلة التي تواجه إسرائيل في غزة. فتجنب المراكز المدنية يتم عبر التعاون الثنائي والحوار. وكما عرض رئيس هيئة الأركان المشتركة في عام 2017، يمكن للسعودية وإسرائيل تبادل المعلومات حول الأسلحة المصنعة في إيران والتي تم توزيعها على الجماعات الوكيلة، وكذا التشارك في البيانات حول القدرات العسكرية الإيرانية، بما في ذلك التعاون للحد من القدرات الصاروخية المتوسطة وطويلة المدى، وفهم ما تقدمه إيران من قدرات عسكرية للجماعات الموالية لها وماذا تعلمت إسرائيل والسعودية من خبرات في مواجهة هذه الجماعات. وفي مجال تبادل الخبرات الأمنية والعقيدة العسكرية يجب على البلدين تطوير حلول تكنولوجية عملياتية مشتركة برعاية أمريكية، وكذا بناء دفاعات صاروخية فعالة بهدف إحباط الدقة الصاروخية الإيرانية.
وكانت هجمات أبقيق في أيلول (سبتمبر) بمثابة صرخة تحذير لكل من السعودية وإيران. ولأن المملكة تعتمد على تحلية 50% من مياه الشرب فضربة لمحطات التحلية ستكون كارثية. وربما فكرت السعودية لاحقا بشراء نظام القبة الحديدية. وعلى إسرائيل التزام الحذر في مدخلها للاندماج في المنطقة التي دخلت معها حروبا وحاولت عزلها. ويعاني السعوديون من مشكلة صورة في الولايات المتحدة، السياسة والرأي العام، حتى لو عاد القطاع الخاص للتعامل معها وكأن شيئا لم يحدث بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ولا يمكن لإسرائيل التي تواجه مشاكل مع دوائر غربية تحمل مشكلة علاقات لدول أخرى. لكن نجاح التعاون بين البلدين سيساعد على إسكات الأصوات الناقدة للمملكة. وعلى إسرائيل الترحيب بالتعاون الذي قد يفتح المجال نحو تعاون إستراتيجي وأمني وتكنولوجي أعمق ولمواجهة جماعات إيران، وتساعد في الوقت نفسه على تخفيف المشاكل التي جرتها على نفسها من خلال القرارات المتهورة.
ارسال التعليق