الطموح المفرط لابن سلمان يعقّد وجوده داخل جزيرة العرب وخارجها
التغيير
نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن محمد بن سلمان، الرجل القوي ل آل سعود، الذي شرع في إنشاء سلسلة من الشركات العملاقة التي تقود بلاده إلى وضع متزايد التعقيد ولا يمكن التنبؤ به.
وقالت الصحيفة إن ابن سلمان لا يفوت أي فرصة لتعقيد حياته، حيث كانت آخر حلقة له من قائمة المشاكل الطويلة التي تورط فيها اختراق الهاتف الشخصي لجيف بيزوس، مالك شركة أمازون وأغنى رجل على هذا الكوكب، وفقا لمجلة فوربس.
وأوردت الصحيفة أن ولي عهد آل سعود لم يخترق هاتف بيزوس لأنه رجل أعمال كبير ويمتلك شركة أمازون، أو لأنه أغنى رجل في العالم، وإنما لكونه صاحب صحيفة "واشنطن بوست"، الصحيفة المؤثرة التي عمل فيها جمال خاشقجي، الصحفي الذي قتل داخل قنصلية الرياض في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018. لقد كان ابن سلمان من بين الأشخاص الذين يرفضون المقالات التي يكتبها خاشقجي التي كان ينتقد فيها سوء استخدام السلطة. لذلك، قرر اختراق هاتف بيزوس، ربما بنية استخدام الموارد الشخصية لرجل الأعمال للضغط عليه بشأن تغطية صحيفة "واشنطن بوست" للوضع في مملكة آل سعود.
ومن المهم أن نؤكد أن عملية القرصنة حدثت قبل وقت قصير من وفاة خاشقجي، ما يعني أن ذلك حدث في الوقت الذي كان يشعر فيه ابن سلمان بالقوة بسبب الدعم غير المحدود الذي يتلقاه من إدارة دونالد ترامب. وربما لا يزال ولي عهد آل سعود يحظى بهذا الدعم، وهو أمر حيوي للدفاع عن سياسة آل سعود المثيرة للجدل في الشرق الأوسط.
وأضافت الصحيفة أن ابن سلمان كان ولا يزال يعتمد على دعم إسرائيل، لأن الفيروس المستخدم في إصابة جهاز بيزوس كان من شركة إسرائيلية تعمل مع أجهزة استخبارات آل سعود، في إطار أنشطة استخباراتية لآل سعود مثيرة للجدل تستهدف منشقين داخل البلاد وخارجها.
وفي الحقيقة، يبدو أن ابن سلمان، الذي كتبت عنه صحيفة الغارديان بسخرية هذا الأسبوع بأنه ربما يحتاج إلى وضع شخص بالغ بجواره ليراقبه، قد صدق نفسه على أنه بطل. إلى جانب ذلك، يبدو أن حصوله على دعم الولايات المتحدة وإسرائيل لم يكن عبثا. ومع ذلك، قد تكون نهاية طموحاته العظيمة بشعة.
وأوضحت الصحيفة أنه لحدوث ذلك، سيكون سقوط ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر كافيا، لأنه دون ترامب والدعم القوي من صهره، جاريد كوشنر، فإن محمد بن سلمان سيقع في مشكلة كبيرة داخل البلاد وخارجها.
ومن جهتها، أشارت مجلة أتلانتيك إلى أن بن سلمان يريد أن يستمر في حكم بلاده كملك لها على مدار خمسين سنة القادمة، لكن ما حدث حتى الآن يدل على أنه في المكان الخطأ.
يعتقد ابن سلمان أن دعم إسرائيل بنفوذها في الولايات المتحدة سيكون حاسما، ولا يزال يعتقد ذلك إلى حد اللحظة. لكن ربما لم يدرك أن آل سعود ليست إسرائيل، حتى تتراجع عن رغباتها دون عقاب. أولا، يعد تأثير إسرائيل في واشنطن فريدا من نوعه. ففي كانون الثاني/ يناير، ذكرت يونيت ليفي، مقدمة أخبار القناة 12 الإسرائيلية، أن اليهود الأمريكيين يتبرعون بنصف الأموال التي يتلقاها أعضاء الكونغرس وأعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين.
وأشارت الصحيفة إلى أن كلا البلدين يتعامل بالدولار، وليس بالريال، وبالتالي لا يبدو من المحتمل جدا أن يكون أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس على استعداد لتلقي الريالات، من حيث المبدأ، لأن أموال آل سعود في الكابيتول لا تعدّ نظيفة مثل أموال الجالية اليهودية المؤثرة. بعبارة أخرى، من الصعب الاعتقاد بأن مجلس الشيوخ سيصوت يوما ما بأغلبية 100 صوت مقابل صفر في القضايا المتعلقة بآل سعود ، كما هو الحال غالبا عندما تكون إسرائيل على المحك، بغض النظر عن مدى جدلية هذه الأصوات من الناحية الأخلاقية.
وأفادت الصحيفة بأن مواجهة بن سلمان مع إيران لم تأت بأي مكاسب، كما أنه يمول الآن الوجود المكلف للقوات الأمريكية في إقليمه، على الرغم من أن ترامب لم يحرك ساكنا لمواجهة إيران على تصرفاتها العدائية المزعومة ضد السعوديين، من ناحية أخرى، يجب أن ينتهي تدخله العسكري الكارثي في اليمن في أقرب وقت ممكن.
يبدو أن تكتيك ابن سلمان يهدف إلى أن تنسى الولايات المتحدة قريبا مسألة اختراق هاتف بيزوس، وهو يأمل أيضا أن تصبح قضية مقتل خاشقجي طي النسيان بمرور الوقت. ومن المرجح أن تغض الولايات المتحدة الطرف عن قضية بيزوس، لأن إدارة ترامب لا تكنّ تقديرا كبيرا لصحيفة "واشنطن بوست"، التي تنتقد ترامب والمحيطين به بشدة، ومن غير المرجح أن يدافع عنها، كما أنه لم يدافع أيضا عن ذكرى الصحفي المقتول.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه إذا نسيت الولايات المتحدة الوجود الهائل للمواطنين السعوديين في مؤامرة 11 أيلول/ سبتمبر، فبإمكانها أيضا أن تنسى تفاصيل مثل اختراق هاتف بيزوس، أو حتى مقتل خاشقجي. هذه هي الورقة الرابحة التي يلعبها ابن سلمان لصالحه.
ارسال التعليق