الأزمة بين السعودية والأردن تشتعل عقب محاولة الانقلاب الفاشلة.. هل تصل العلاقة لحد القطيعة؟
التغيير
فاجأ اعتقال السلطات الأردنية، مقربين من المملكة، وما تبع ذلك من أحداث الجميع، وأثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين عمان والرياض
وتساءل كثيرون، عن دور المملكة فيما وصفه الأردن بمحاولة “زعزعة أمن الوطن”، خاصة بعد اعتقال كلاً من رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد.
وسائل إعلام أردنية تحدثت عن وجود دور للمملكة وراء المخطط المعلن عنه، ما دفع الرياض إلى المسارعة لتأكيد دعمها للأردن وإجراءاته لحفظ أمنه واستقراره.
ولوحظ حجم المبالغة في ذلك، والتي تمثلت في اتصال هاتفي من الملك سلمان ونجله محمد بملك الأردن عبد الله الثاني وإصدار بيانات تضامنية من الديوان الملكي ومجلس الوزراء.
وتربط الأردن و المملكة علاقات استراتيجية قوية، بحسب المحلل السياسي داود كُتّاب، الذي رأى أن الأحداث الأخيرة عبارة عن “زوبعة في فنجان”.
واستبعد كُتاب أن تتأزم العلاقات بين البلدين بسبب اعتقال عوض الله والشريف حسن “اللذين تربطهما صلات وطيدة بالمملكة” مؤكداً أن هذه العلاقات “لا يهزها اعتقال هنا أو هناك، وخاصة أن قضية الأمير حمزة تمت لملمتها خلال يومين”.
وأكد أن لدى الأردن رغبة في إيجاد مخرج قانوني وسياسي وإنساني للإفراج عن عوض الله والشريف حسن، وإنهاء الإشكال الحاصل بين عمان والرياض.
واستدرك: “لكن ذلك بحاجة لمزيد من الوقت”، معللا ذلك بأن هذا الإجراء سيضر بالرواية الرسمية الأردنية التي تحتوي أصلا على ثغرات كبيرة.
وأوضح كُتاب أن الدولة الأردنية اعتبرت أن هناك “مؤامرة خارجية”، والرجلان المعروفان اللذان اعتُقلا في هذا السياق يحملان جوازات سفر من المملكة وبالتالي فإن أصابع الاتهام باتت موجهة للرياض.
وتابع: “لذلك؛ سارعت المملكة إلى وأد أية محاولة للربط بينها وبين هذه الحادثة، وبالغت في ذلك بهدف إقناع الرأي العام بأنه لا علاقة لها بما جرى”.
وحول الحديث عن مطالبة نظام آل سعود بالإفراج عن عوض الله ونفي الأردن خبر إطلاق سراحه؛ قال كُتاب إن الدولة الأردنية فقدت الكثير من مصداقيتها خلال الأسبوع الماضي وبالتالي فليس بالضرورة أن يكون نفيها صحيحا لوجود قناعة بعدم مصداقية الجهة النافية للخبر.
وفي وقت سابق، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، تقريراً موسعاً عن الأحداث في الأردن نقلت فيه عن مصادر أردنية رفيعة المستوى قولها إن المملكة ودولة خليجية أخرى لم تسمّها “تقفان وراء كواليس محاولة الانقلاب المزعومة”.
المحلل السياسي منذر الحوارات أكد أنه لا توجد دلائل على انخراط أي دولة عربية في الأحداث الأخيرة، “فالحكومة الأردنية تحدثت عن جهات خارجية، ولكنها لم تحدد دولة باسمها، إما لاعتبارات سياسية، أو لرغبتها بالتريث حتى ينتهي التحقيق”.
وقال إنه “رغم تداول اسم المملكة كثيرا في الأحداث الأخيرة عبر الإعلام؛ إلا أن العلاقة الاستراتيجية التي تجمع بين الأردن و المملكة قائمة على إيمان الدولتين بالأهمية الاستراتيجية لكل منهما”.
وأضاف الحوارات أن الأردن بالنسبة للرياض يشكل عازلا جيوسياسيا في المنطقة، واستقراره أمر مهم جدا لأمنها وأشار إلى أن بين الأردن و المملكة حدودا يبلغ طولها 744 كيلو مترا، وبالتالي فإن عدم استقرار الأردن قد يؤدي إلى حالة معقدة من الاضطراب الأمني وعدم الاستقرار في المملكة وبقية دول الخليج.
وأوضح أنه ربما يحصل بعض التوتر بين الرياض وعمّان بسبب الأحداث الأخيرة، إلا أن عمق العلاقة بين البلدين سيحول دون تطور هذا التوتر وخصوصا أن الولايات المتحدة الأمريكية شددت على أهمية أمن الأردن واستقراره، وهذا سينطبق على جميع حلفاء واشنطن، بمن فيهم المملكة التي هي الحليف الرئيس للولايات المتحدة في المنطقة.
وأشار الحوارات إلى أن “باسم عوض الله يعمل مستشارا لدى محمد بن سلمان والشريف حسن مقرب من العائلة المالكة في المملكة، وكلاهما يحملان جنسيتها
وبين أن ذلك دفع الرياض إلى المسارعة في الإعلان عن مساندتها الكاملة بكل إمكاناتها لكل ما يتخذه الملك عبد الله الثاني من قرارات وإجراءات لحفظ الأمن في الأردن.
وأضاف أن الرياض هدفت في موقفها إلى التبرؤ من أي عمل يمس العائلة المالكة في الأردن، والتأكيد على أنها غير منخرطة في أي اضطرابات داخلية بالإضافة إلى أنها أرادت التعبير عن كونها لاعبا كبيرا في المنطقة وأنها مستعدة لتقديم الدعم لأي دولة حليفة لها تمر بحالة من الاضطراب.
واستبعد الحوارات أن تكون المملكة قد طالبت بالإفراج عن عوض الله، قائلا إن “هؤلاء موظفون في النهاية والرياض لا تعلق مصالحها على شخص مهما كانت أهميته، فالأشخاص الذين يؤدون أدوارا للدول، ويشكلون في وقت ما خطرا عليها؛ فإن هذه الدول تلقي بهم سريعا دون نقاش”.
واستدرك بأن “اهتمام المملكة بباسم عوض الله ينحصر فقط بكونه شخصا مقربا من دائرة صنع القرار وبالتالي ربما يحمل معلومات سرية تحرص الرياض على أن لا يتم تداولها في مكان آخر”.
وتابع الحوارات: “هذا عكس ما نشاهده في الأردن، حيث نجد أن رجالات شغلوا مواقع حساسة جدا ودوائر أمنية ينخرطون بعد تقاعدهم بأيام أو أسابيع بالعمل في مواقع حساسة لدول أخرى”.
وأكمل: “هذا بالمجمل قد يهدد الأمن الاستراتيجي للأردن”.
وكان ملك الأردن قد وجه رسالة مكتوبة إلى الأردنيين الأربعاء، قال فيها إن “الفتنة وئدت”، وإن أخاه غير الشقيق الأمير حمزة في قصره مع عائلته وتحت رعايته مشدداً على أن “الجوانب الأخرى قيد التحقيق”.
ارسال التعليق