مأرب اخر مراحل الفشل وعلى الباغي دارت الدوائر..
التغيير
مع اشتداد وتيرة العمليات على مشارف مأرب، وما تحمل السيطرة عليها ودحر العدوان وافشال مخططاته من رسائل محلية وإقليمية، ورغم اشتداد المعركة وسواء سقطت مأرب بيد أنصار الله أم لم تسقط، فقد أوشكت حرب اليمن على الانتهاء، لتسفر عن هزيمة كبرى لنظام آل سعود.
ربما سيمر بعض الوقت لتتجلى تلك الهزيمة خاصة لأولئك الذين لديهم قصر نظر وقد تتمظهر الهزيمة بايقاف المعارك، وبعملية سياسية كانت في الأصل متاحة قبل إعلان العدوان بحسب د. الحسن عضو الهيئة القيادية لحركة خلاص المعارضة لآل سعود.
لمن يرى ويعقل سنن الله في خلقة وأن الحق ينتصر على الباطل دوماُ ولو بعد حين فإن هزيمة الرياض كانت متوقعة منذ لحظة إعلانها. لكنه الغرور. ما كان يجري خلال السنوات الخمس الماضية هو إخراج هزيمة المملكة بالتقسيط. والا لا يوجد محلل عسكري او مراقب سياسي الا وقد ادرك منذ زمن بعيد ان الحرب انتهت بهزيمة آل سعود. ربما وحده -ابن سلمان- الذي كان يعتقد أن الوقت لصالحه.
ليس بدعا القول أن المملكة والامارات وأمريكا قد هُزمت في اليمن. وحدهم المهزومون الذين يرفعون شارة النصر على "أنقاض الهزيمة". هزيمة آل سعود ـ وكما قلت ـ كانت واضحة حتى قبل أن تبدأ المملكة عدوانها. لكن ابن سلمان وأباه كانا بحاجة الى أربع سنوات، وربما أكثر ليتأكدا من ذلك!
النخبة السلطوية التي حرّضت على الحرب والعدوان ظنّت أنها (صفعاً على الأنوف) كما قال وسم الساعات القليلة ما قبل العدوان. كان صعباً إيقاظ النائمين، لأنهم حسبوا الحرب رحلة مريحة، واليمنيين مجرد عصابة وشرذمة، ثم أمريكا معهم، بل انهم كانوا يقولون ان الله (تعالى عنهم) معهم وسينصرهم!.. الحال ان الحرب كانت هزيمة منذ لحظة ولادتها. لكن: (ما دلّهم على موته إلا دابّة الأرض تأكل منسأته). كان علينا أن ننتظر حتى يصل آل سعود وامريكا الى النهاية التي رأوها مستحيلة: انها الهزيمة بكل معانيها. هزيمة العدوان، بهزيمة أهداف العدوان! وقد تكون آخر مراحلها سقوط (مأرب).
الآن.. وكما تمّ إقناع الشعب المُسَعْوَد بضرورة (شنّ) الحرب! يجب إقناعه بـ (الإنتصار) الوهمي، او بضرورة ايقافها! لا بدّ من إخراج ما، فلعل بعض ماء الوجه يتم حفظه.
المنتصر في الميدان، هو من سينتصر في المفاوضات. الهزيمة لم تكن بـ (الضربة القاضية) وانما بـ (النقاط), وستكون حكومة صنعاء أكثر حرصا على إيجاد مخارج تحفظ بعض ماء وجه المملكة. والسبب: بدون هذه المخارج "الشكلية" لن توقع الرياض على صك الهزيمة. ولا بد أن تقدم حكومة صنعاء بعض التنازلات حتى يبلع آل سعود السم، فهي في النهاية "أم الصبي" وشعبها يعاني، وتنازلها لرفع المعاناة الإنسانية عنهم!.
إيقاف الحرب قد لا يتم نهائياً إلا بعد أشهر عديدة وربما استغرق سنة كاملة. لا أعلم إن كان ابن سلمان سيستفيد من دروس "الهزيمة"؛ لكن حرب اليمن وضعت الرياض في حجمها الطبيعي: عسكريا وسياسيا.
مقتل آل سعود وصبيانهم ومستشاريهم كان وسيبقى: الغرور والانتفاخ القاتل، واستصغار الخصم بشكل بائس!
الهزيمة تعني: انكفاءً المملكة حادا على الذات داخلياً. تقلّص حاد في نفوذ المملكة اقليميا ودولياً. تناقصا حاداً في شرعية الحكم لآل سعود، ربما يؤدي لانفجارات عنف، لتوفر مناخها الاجتماعي والنفسي والسياسي. وسنرى "مملكة" فاقدة لقرارها وأكثر ارتماءً في أحضان أمريكا واسرائيل!
الدول تستفيد من هزائمها. أولا، بتقليص حجم الخسائر ما أمكن. وثانيا، بالإستفادة القصوى من دروس التجربة. لكني لا أظن أن آل سعود، وهم المحكومون بعقلية ابن سلمان وأبيه، يمكن أن يفيدوا من تجربة حرب اليمن، فيحولوا بعض خسائرهم الى مكاسب. النظام اليوم يعيش حيرة وشللا دماغيا!
اذا كنا نعلم ابتداءً بخسارة الرياض في اليمن كما حدث في قطر، فالمطلوب منها ان تقوم هي بمبادرة لحل الأزمة، كونها هي من أشعلتها. وفلسفة ذلك تقوم على حقيقة أنه خير لآل سعود أن يسعوا الى حلّ بدلاً من أن يُفرض عليهم، كما حدث لهم مع قطر. لا أظن ان سياسيا عاقلاً لا يفهم هذا، عدا آل سعود.
ان تبادر الرياض لحل ازمتها مع اليمن، فيه فائدتان: مادامت الهزيمة محققة بلا أدنى شك، فلماذا تدفع الرياض ثمنا اضافيا هو الإبتزاز الغربي؟ وثانياً ان مبادرة الرياض ان تمت ففيه تعبير عن حسن نوايا لمرحلة ما بعد "الهزيمة". فهناك جراح كبيرة في اليمن وقطر وعلى الرياض ان تداويها منذ الآن!
بالقطع ستكون المبادرة ذات قيمة الآن، أما إذا أُجبرت الرياض على انهاء عدوانها على اليمن بضغط بايدن، وعلى قطر بضغط ترامب، فليس لها فضل وسيجعل آلام وجراح الضحايا في اليمن بشكل خاص مفتوحة على آفاق المستقبل وتسممه! مع قطر تم الحل على النصف! هناك فرصة مع اليمن الآن رغم كلام بايدن.
بامكان النظام (ايضاً وفق التكتيك والاستراتيجيا) ان يتنازل للشعب وليس للغرب! ان يحل مشاكله الكثيرة، ان يطلق سراح المعتقلين بدل ان يتحولوا الى ورقة ابتزاز له. في الداخل هناك حاجة ان يبرر النظام.. استمراره في معارك خاسرة كلفت البلاد كثيراً من الدم والمال والسمعة والسيادة المزعومة!
حرب اليمن لن تنتهي باعلان توقفها. على الرياض تسهيل العملية السياسية وأن تفتح ذراعيها لجميع القوى ان ارادت ان يكون اليمن "صديقاً" وليس مزرعة كما تتخيل. هذا زمن مضى، والمقبل مختلف. العدوان على اليمن لن يُنسى، واليمنيون لن ينسوا التجويع والكوليرا والحصار والقنابل العنقودية والتدمير.
على الرياض ان تبادر بتضميد جراح اليمنيين. إما بعنوان التعويض عن جرائم آل سعود وما فعلوه؛ أو بالنظر استراتيجياً الى هدف أن لا يفجّر اليمنيون لاحقاً حرباً أخرى انتقامية. اي لكي لا تلد الحرب اليمنية حربا اخرى، وعداوات وعدم استقرار، على الرياض ان تدفع ثمناً بأي وسيلة وأي اسم وصفة!
وفي كل الظروف على آل سعود ان يخففوا من رعونتهم وعنترياتهم ومزاعم "اعادة بناء اليمن" فجرائمهم لا تُمحى بسهولة. وعليهم ان يفكروا في "تقليص خسائرهم" لا العنتريات التي يظنون انها "ستزيد نفوذهم". محنة الرياض لن تنتهي قريباً. وعلى الباغي تدور الدوائر، كما يقول المثل! ولكن هذا اوان العقل
ارسال التعليق