المعتقل محمد الجديعي: ها أنا ذا أبتسم من زنزانتي.. وأصلّي
بوجهٍ مبتسم ولسانٍ فصيح، كان الشاب المثقّف محمد الجديعي يجلس أمام الكاميرا ليشارك أبناء جيله من الشباب ما في جعبته من معلوماتٍ دينية وثقافية واجتماعية. يشاركهم قصص من السيرة النبوية، أو قصة من التاريخ فيها عبرة، أو نصيحة حياتية.
دعا دائماً للصلاح والإصلاح، للإنسانية والأخلاق، للاقتداء بالسيرة النبوية والاستفادة من تجارب الصالحين. لم يحرّض يوماً أحداً على أحد، لم يشجع على غضبٍ أو كراهية أو ضغينة، لم يزرع أية فكرةٍ عدائية في عقل أو قلب أحدٍ من متابعيه.
في أبريل/نيسان من عام 2020 اعتُقِل الشاب محمد الجديعي ضمن حملة اعتقالات تعسفية شنّتها السلطات السعودية، وطالت العشرات من الشبان والناشطين، وقد جرى الاعتقال دون مذكرة قانونية ودون تحديد الأسباب.
قضى الجديعي عامين في السجن قبل أن تصدر المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً بحقه بالسجن 18 سنة، ولم تذكر المحكمة الأسباب الموجِبة لإصدار حكمٍ قاسٍ كهذا. وحتى اليوم يتساءل الجميع عن المبرر القانوني والسبب المنطقي لاعتقال محمد وسجنه لما يقرب من عقدين، وهو الذي لم يُعرَف عنه إلا الاستقامة والصلاح.
هو الخرّيج من معهد الحرم المكّي للدراسات الإسلامية، والذي تابع دراسته الجامعية في العلوم الشرعية بجامعة أم القرى. كان ناشطاً في وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر مقاطع فيديو يتناول فيها مواضيع دينية غالباً، أو حياتية إجتماعية أو ثقافية، ليكون “سرد وأشياء أخرى” هو عنوان قناته في “يوتيوب”.
عُرِفَ عن الجديعي آراؤه الوسطيّة والمعتدلة، وقدّم الإسلام المعتدل بأبهى صورة، وشجّع الشباب من أبناء جيله على تبنّي أفكار الإسلام الوسطيّ والتعامل فيما بينهم بأخلاق الإسلام السمِح.
أخفت السلطات السعودية ابتسامة محمد الهادئة وملامحه الطفولية خلف قضبان السجن الغليظة، وقرّر القضاء السعودي المسيّس أن يحرمه من شبابه وعمره، ليكون محمد ضمن العشرات من الشبّان المظلومين، الذين زجّتهم السعودية في سجونها بلا تهمة.
ارسال التعليق