عدنان إبراهيم.. مدَّاح ابن سلمان الذي لم تشفع له قصائده
بقلم: مرتضى الشاذليالمثير للجدل، الداعية الإسلامي عدنان إبراهيم يرمي نفسه عند أبواب حكام في الخليج ومعه الطبل والزمر، فيقول في أمرائها محمد ابن سلمان ومحمد ابن زايد ما لم يقله المتنبي في كافور الأخشيدي، لكن قوله هذا لم يشفع له.
فرغم موجة غزل صريح ساقها الداعية عدنان إبراهيم مؤخرًا تجاه السعودية وولي عهدها الأمير محمد ابن سلمان، أصدرت السلطات السعودية قرارًا بمنعه من الظهور في أي من قنواتها ووسائل إعلامها.
قرار مفاجئ
وسائل الإعلام السعودية تحدثت عن القرار الرسمي دون تحديد الجهة التي اتخذته أو أسبابه في هذا التوقيت، حتى صفحة عدنان إبراهيم لم تنشر توضيحًا عن أسباب منع الداعية الفلسطيني الأصل المقيم بالنمسا من الظهور في الإعلام السعودي.
باستثاء ذلك، أرجعت صحيفة "عكاظ" المقربة من دوائر صنع القرار السعودي، الأسباب إلى تجاوزات عدنان الدينية دون تفصيل لماهيتها، وعكس ذلك، التزمت قناة روتانا خليجية - المملوكة لرجل الأعمال والأمير السعودي الوليد بن طلال - الصمت، رغم أنها أعلنت قبل أيام مشاركة عدنان إبراهيم للإعلامي أحمد العرفج في برنامج "صحوة 3" خلال شهر رمضان المبارك لهذا العام.
هاجم مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، العام الماضي، عدنان إبراهيم واصفا إياه بـ"المشبوه بأفكاره وآرائه"
لكن الأسباب المعلنة ذُكرت في وقت سابق أكثر من مرة على لسان "هيئة كبار العلماء" السعودية التي حذّرت مرارًا نشر أفكار عدنان إبراهيم، داعية العلماء للرد على ما يطرحه من معتقدات وأفكار، وكان آخر هذه التحذيرات: "نحذر من ضلالات عدنان إبراهيم القائمة على سب رموز من الصحابة والمليئة بالمتناقضات والمتضخمة بالأنا ونطالب المتخصصين بكشف ذلك للجميع".
وعلى مدار الأعوام الماضية، تعرض عدنان لانتقادات من جانب رجال الدين المحافظين، إذ هاجمه مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، العام الماضي، واصفًا إياه بـ"المشبوه بأفكاره وآرائه"، داعيًا وسائل الإعلام إلى عدم الاهتمام به، وقال المفتي: "أمثال عدنان إبراهيم ممكنة"، مستدركًا "لكن هؤلاء لديهم انخداع بأنفسهم وغرور".
مكافأة مدَّاح المملكة
حظى إبراهيم بشهرة واسعة بين الشباب في العالم العربي، نظرًا لمواقفه المثيرة للجدل تجاه حركات المقاومة والثورات العربية وحزب الله اللبناني، ودعوته للتقارب بين السنة والشيعة والتعايش بين الإسلام وبقية الأديان، وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
لكن رغم إقراره بأنه كان مخطئًا في نظرته السياسية السابقة وتراجعه عن دعم الثورات العربية وتأييده المفرط "للسعودية الجديدة" في كل قراراتها السياسية، فإن ذلك كله لم يشفع له أمام موجة الهجوم التي أدت في نهاية المطاف لقرار منعه من الظهور على القنوات ووسائل الإعلام السعودية.
كما لم يشفع لعدنان إبراهيم تغزله بإجراءات ولي العهد محمد بن سلمان الأخيرة، خلال استضافته من الإعلامي السعودي أحمد العرفج ببرنامج "يا هلا" على قناة روتانا خليجية السعودية قبل أيام، حيث أثنى إبراهيم على الخطوات التي اتخذها ابن سلمان مؤخرًا، وقال: "لم يشهد أي بلد عربي في المئة سنة الماضية تغييرات كما حدث في السنتين الماضيتين في المملكة العربية السعودية".
واستطرد في تأييده للتحديث الثقافي الذي يرعاه ولي العهد، تغيير واضح لموقفه تجاه الحكومة السعودية قائلاً: "من يتهم السعودية بالتقصير الديني فعليه أن يراجع نفسه، المملكة أنفقت المليارات في خدمة الدين"، وأثنى بشكل لافت على سياسات ابن سلمان "سمو ولي العهد صرح أكثر من مرة بأن موقفه من الإسلام ثابت".
لم يشفع لعدنان إبراهيم تغزله بإجراءات ولي العهد محمد بن سلمان الأخيرة، خلال استضافته من الإعلامي السعودي أحمد العرفج ببرنامج "يا هلا"
وضمن حفلة الغزل التي حازتها السعودية في المقابلة قال إبراهيم: "سمو ولي العهد ينطوي على أحلام كبيرة جدًا للمملكة وحقق ما كنا نحلم به، كما قلل من حجم خلافاته مع علماء السعودية وقال إنها في الفروع فقط، ولا يمكن أن تمتد إلى الأصول".
وترافقت تحولات إبراهيم تجاه السعودية مع أخرى تجاه دولة الإمارات التي بات ضيفًا شبه دائم على وسائل إعلامها، أو وسائل الإعلام السعودية التي تبث منها، وسبق أن تحدث عن لقاء جمعه مؤخرًا بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وقال عن اللقاء: "والله ما وجدت فيه إلا وعيًا وأدبًا وحرصًا على الأمة وحرصًا على الدين".
مطلع الشهر الحاليّ ظهر إبراهيم في مقابلتين منفصلتين على قناتي روتانا خليجية وسكاي نيوز عربية اللتين تمولهما حكومة أبو ظبي، وبدا أنه أراد من خلالهما إعلان تأييده للسياسات السعودية والإماراتية، والتراجع عن مواقف وتصريحات سابقة وصف نفسه تجاه بعضها بأنه: "كان مغفلاً سياسيًا".
وفي سياق المواقف المتبدلة، انتقل إبراهيم من تأييد حركات المقاومة والإسلام السياسي والثورات العربية إلى مهاجمتها، إذ تبين لاحقًا أن هدف هذه الثورات إسقاط الدول العربية وتقسيمها"، حسب تصريحه.
ووقف إبراهيم مويدًا لما يُوصف بأنظمة "الثورة المضادة"، كما تراجع عن مواقفه المؤيدة لحزب الله اللبناني وأمينه العام حسن نصر الله وإيران التي اعتبر أنها تلعب "سياسة قذرة"، لكن ذلك كله لم يشفع.
ارسال التعليق