السعودية تعتقل السوريين المقيمين لديها.. والسبب؟
الشرارة الأولى بدأت باعتقال الشاب السوري “سامر لبابيدي” بفعل نشره صورة على صفحته الشخصية في “فيسبوك” يوم الخميس 15 كانون الأول الحالي، وهو يرفع إشارة النصر، قائلاً: “مبروك حلب”، وذلك في إشارة للانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري في تلك المدينة التي عانت مرارة الإرهاب على مدى 4 سنوات.
صورة وكلمتان كانتا كفيلتين لرمي “سامر لبابيدي” خلف الشمس، وتحويله لأداة بيد النظام السعودي لجس نبض المجتمع الدولي قبل إقدامه على الخطوة التالية التي تكفّل بها القائمون على ما يسمى مراقبة الشبكة الاجتماعية الإلكترونية داخل السعودية.
وبالفعل نجح آل سعود بخطتهم، فخبر اعتقال الشاب السوري من قبل سلطات النظام السعودي مر كالفاصل الإعلاني على شاشات من يدعون الحفاظ على حقوق الإنسان، ويخوضون أعنف المعارك باسم “الحرية”، هذا النجاح تكلل بإطلاق وسم “#شبيحة_ بشار_ بالسعودية”، الذي دعوا من خلاله قرون الاستشعار السعودية للإبلاغ عن كل سوري يُعرف بدعمه للجيش العربي السوري والدولة السورية، فضلاً عن تخصيص وزارة داخلية آل سعود رقماً وبريداً إلكترونياً لتقديم البلاغات.
المجتمع السعودي من إعلاميين وسياسيين وكتاب وحتى مدنيين عاديين لبُّوا نداء أسيادهم، وبدؤوا العمل كخلية نحل، فما هي إلّا دقائق حتى غصت صفحات التواصل الاجتماعي بمعلومات عن أبرز الشخصيات السورية التي تعرف بولائها للدولة السورية، حيث تضمنت عناوين سكنهم، وأسمائهم، وأرقام هواتفهم إلى جانب عناوين بريدهم الإلكتروني، وبعض صورهم.
وبأقل من 48 ساعة تصدر الوسم قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في “تويتر”، حيث تجاوز عدد التغريدات الـ90 ألف تغريدة، حتى لحظة إعداد هذا المقال.
فالإعلامي السعودي، ماجد المالكي نشر صورة للشاب “محمد فراس عبرة” من داخل مكتبه في الرياض وخلفه صورة للرئيس بشار الأسد، وأخرى تهلل لدخول الجيش العربي السوري إلى حلب، وكتب عليها معلقاً:”صور من حسابه بالفيسبوك قبل أن يسعى لحذفها أو تعديلها.. حفظ الله وطني”.
أما الكاتب السعودي وأحد أفراد العائلة المالكة، خالد آل سعود، فقد أطلق دعوة رسمية للإبلاغ عن أي سوري يشتبه بولائه لبلده الأم، من خلال تغريدة نشرها على تويتر، أكد فيها: “هؤلاء الشرذمة بمثابة قنابل موقوتة، يستلزم تعاوننا جميعاً في إبلاغ الجهات الأمنية فور الاشتباه بأحدهم”.
الصحفي السعودي عبد الرحمن سعود البلي، شد على يد سيده ابن آل سعود، واصفاً السوريين في السعودية بالقنابل الموقوتة، قائلاً: “شبيحة بشار عبارة عن قنابل موقوتة بيننا لابدّ من وضع المجهر عليهم وترحيلهم فوراً، من خان أهله لن يكون أميناً مع الغريب”.
الغريب في الأمر أن هؤلاء “الإعلاميين” يصفون من يستخدمون أزرار لوحة المفاتيح كسلاح للتعبير عن آرائهم بالـ”قنابل الموقوتة”، غاضين الطرف عن قنابلهم الموقوتة التي زرعوها في قلب كل محافظة سورية، والتي خلفت غصة في كل بيت سوري.
وللإبلاغ عما أسموه “قنابل موقوتة”، نشر “المعالج النفسي” عبد العزيز المعيوف صورة تظهر كيفية الإبلاغ عن جرائم المعلوماتية، وكتب عليها: “قد يعيشون بيننا أناس يدّعون أنهم منا ولكنهم سُمٌّ في قلوبنا فلننقذ ديننا ثم بلدنا وإخواننا المنكوبين منهم”.
وبعد انتشار خبر اعتقال الشاب “محمد فراس عبرا” وهو طبيب في مستشفى بالرياض، نشر الإعلامي السعودي صلاح الغيدان تغريدة “شُكر” على “تويتر” أكد فيها: “جهاز الأمن العام ممثلاً بشرطة منطقة الرياض يقدم إنجازات أمنية إلكترونية يشكر عليها.. تم القبض والحمدلله”، ليبدأ أحفاد المملكة السعودية بتقديم اقتراحاتهم للتخلص من “الخطر” الذي يداهم مملكتهم المبجلة، فقال أحدهم: “هم خطر يتربص بالمملكة وأمنها وقنابل موقوتة، بالإضافة لكونهم مخبرين يجب طردهم من المملكة لدرء سمومهم”، يتبعه اقتراح آخر يدعو فيه لمراقبة المطاعم والمستشفيات والمحلات التجارية الكبيرة لرصد السوريين وكشف حقيقة انتمائهم، فيما دعا آخرون للإبلاغ عن الـ”شبيحة” ليس فقط في السعودية بل في دول الخليج كافة.
مع تحرك عقرب الدقائق يختفي اسم شاب سوري من صفحات التواصل الاجتماعي، ليظهر في سجلات سجون النظام السعودي، ما يدفعنا للقول بأن “السوريين في خطر”، ما يضع الأمم المتحدة أمام مسؤولية حماية السوريين المقيميين في الأراضي السعودية، على أن يترافق ذلك بحراك عالي المستوى من الأطراف الحكومية والأهلية السورية لملاحقة آل سعود أمام محكمة الجنايات الدولية بعد سلسلة الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها بحق السوريين في سورية والمغترب، كون أن النظام السعودي يحاول إيجاد وسيلة أخرى يحارب بها الدولة السورية بعد الهزائم التي لحقت بمسلحيها في حلب، فاختار كعادته أن يكون المدنيون هم “كبش الفداء.
ارسال التعليق