الوساطة الصينية بين “السعودية” وإيران خسارة للمصالح الأمريكية
تحدث تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن قضية التقارب الإيراني السعودي، الذي جاء بعد وساطةٍ صينية، عقد على أساسها الاجتماع الأول بين الطرفين في بكين، أول من أمس الجمعة.
واعتبر التقرير الأميركي أنّ “عودة العلاقات الإيرانية السعودية، نتيجةً للوساطة الصينية، هو خسارة كبيرة ومضاعفة للمصالح الأميركية”.
وأضاف تقرير نيويورك تايمز، أنّه “يمكن أن يؤدي إعلان إيران والسعودية إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، إلى إعادة نظم كبيرة في الشرق الأوسط”.
كما اعتبرت أن هذا التقارب “يمثّل تحدياً جيوسياسياً للولايات المتحدة وانتصاراً للصين، التي توسطت في المحادثات بين الخصمين التاريخيين”.
وذكرت الصحيفة أنه “لم يتضح على الفور، كيف سيؤثر الاختراق الذي تم الإعلان عنه اليوم الجمعة على مشاركة السعودية في الجهود الإسرائيلية والأميركية لمواجهة إيران”، لكنها لفتت إلى أنّ “استئناف العلاقات الدبلوماسية بين القوتين الإقليميتين يمثل على الأقلّ ذوباناً جزئياً في جليد الحرب الباردة، التي شكّلت الشرق الأوسط منذ فترة طويلة”.
وأثارت أنباء الصفقة، ولا سيما دور بكين في التوسط فيها، قلق صقور السياسة الخارجية في واشنطن، يؤكد التقرير، إذ قال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنّ “تجديد العلاقات الإيرانية السعودية نتيجة للوساطة الصينية هو خسارة وخسارة وخسارة للمصالح الأميركية”.
وقال إنها أظهرت أن السعودية “تفتقر إلى الثقة بواشنطن”، وأنّ إيران يمكن أن تعزل حلفاء الولايات المتحدة “لتخفيف عزلتها”، كما أشارت إلى أنّ الصين “أصبحت الراعي الرئيسي لسياسات القوّة في الشرق الأوسط”.
ويختم التقرير، أن هذا التقارب في العلاقات، يفترض أن يؤثر على اليمن والعراق وسوريا ولبنان، بشكل أساسي، وهي الملفات التي عرفت نزاعاً كبيراً بين إيران والسعودية في المقاربة السياسية تجاهها.
وكانت جهات عربية عدة أبرزها مصر والإمارات وقطر، قد رحّبت بالتقارب الإيراني السعودي، مؤكدةً أنه سيساهم في خلق مناخ إيجابي في المنطقة ويسهم في استقرارها وأمنها.
وفي سياق متصل، ركزت صحيفة نيويورك تايمز على ما أعلنه كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي في بيان على موقع وزارة الخارجية الصينية تعقيبا على الاتفاق، وتأكيده أن بكين قامت بدور رئيسي في استئناف العلاقات بين الرياض وطهران.
ووصف الدبلوماسي الصيني البارز هذا التطور بأنه “انتصار للحوار، انتصار للسلام، وخبر إيجابي كبير للعالم المضطرب بشدة حاليا، ويرسل إشارة واضحة” من جهتها ركزت صحيفة واشنطن بوست على دور الوساطة الذي قامت به بكين بالنسبة للاتفاق الذي تضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران “وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران”، وكذلك التأكيد على “احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”، فضلا عن الاتفاق على عقد لقاء بين وزيري خارجية البلدين قريبا “لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما”، كما نص الاتفاق على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001، وكذلك اتفاقية اقتصادية موقعة عام 1998 .
ووصفت الصحيفة هذا التطور بأنه “اختراق كبير لتنافس مرير لطالما قسم الشرق الأوسط”، ولفتت إلى فشل محاولات إدارة الرئيس باراك أوباما إصلاح العلاقات بين السعودية وإيران، الذي كان يرى أن الصراع بينهما يمثل “مصدرا للتوتر الطائفي في المنطقة”.
ورأت الصحيفة أن التركيز على الدور الذي قامت به الصين في هذا الاتفاق ربما يستهدف توجيه رسالة للقوى العظمى، ومن بينها الولايات المتحدة، “مفادها أن محور الشرق الأوسط يتغير”، حسبما ذكرت ماريا لويزا فانتابي المستشارة الخاصة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز الحوار الإنساني بجنيف.
واستشهدت الصحيفة بوصف إدارة الرئيس جو بايدن لتعاظم دور الصين بأنه “أكبر تحد جيوسياسي للقرن الـ21”. واعتبرت كاميل لونس، الباحثة في مكتب الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن دور الصين “مفاجئ جدا حتى للمحللين الصينيين”.
وأضافت أن بكين لطالما تجنبت التدخل سياسيا في الشرق الأوسط، مع التركيز بدلا من ذلك على العلاقات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاتفاق يبعث برسالة رمزية “قوية جدا” نظرا لتوقيعها قبل أيام فقط من الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق. إلى ذلك، قالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشطن إن الصين حلت حقا كـ”لاعب استراتيجي في الخليج”.
موقف أميركي مترقب وتعقيبا على الخطوة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه كلما كانت علاقات إسرائيل وجيرانها أفضل كان ذلك أفضل للجميع.
من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن السعوديين أبلغوا واشنطن باتصالاتهم مع الإيرانيين، لكن لم يكن للولايات المتحدة دور في الاتفاقية.
وأكد كيربي أن ما يهم واشنطن هو إنهاء الحرب في اليمن، ووقف الهجمات على السعودية، مشددا على أن الولايات المتحدة سترى إذا ما كانت إيران ستفي بالتزاماتها بعد إبرامها الاتفاقية مع السعودية. وأضاف كيربي أنه ليس واضحا ما إذا كان ذلك سيؤثر على اتفاقيات أبراهام.
ارسال التعليق