بين المال والأمن.. تتأرجح علاقات واشنطن بالرياض
التغيير
منذ تأسيسها عام 1932، ظلّ العالم ينظر إلى مملكة آل سعود أنها مركز الثقل للعالم الإسلامي لوجود مكة المكرمة والمدينة فيها وأهميتهما وقدسيتهما لدى عموم مسلمي العالم وأصحاب العقائد الأخرى.
وأضافت الاكتشافات والاحتياطيات النفطية الهائلة ميزة أخرى لأهميتها ونفوذها السياسي والاقتصادي إقليميا ودوليا.
فيما واجهت العلاقات بين آل سعود وأمريكا الممتدة إلى نحو 75 عاما، سلسلة من التحديات نجحت قيادتا الدولتان في تجاوزها لضرورات تتعلق بالأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقات وما تفرضه من مصالح الحيوية لكلى البلدين، وصعوبات استغناء أحدهما عن الآخر.
هناك حقائق ومتغيرات أزاحت الصورة النمطية للعلاقات بين الولايات المتحدة وآل سعود والتي ظلّت سائدة لعدّة عقود، حيث بات النفط السعودي أقل أهمية للولايات المتحدة التي أصبحت أكبر منتج له في العالم عن 12.9 مليون برميل يوميا منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة وآل سعود بُنيت على ضمان التدفق الحر الآمن للنفط السعودي طيلة عقود من الحاجة الأمريكية له، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والتعاون العسكري في الحرب الأهلية في اليمن، بالإضافة إلى انسجام سياسات آل سعود مع السياسات الأمريكية في المنطقة.
اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مملكة آل سعود كأول دولة يزورها مُنذ وصوله إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني 2017 وقّع خلالها صفقة بقيمة 100 مليار دولار مقابل صفقة سلاح وخدمات دفاعية، وثانية بقيمة تصل إلى 370 مليار دولار خلال 10 سنوات قادمة.
ووفقا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس، أبرمت الولايات المتحدة ومملكة آل سعود اتفاقيات بيع أسلحة بلغت 139 مليار دولار بين عامي 2009 و2016.
وأظهرت بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (منظمة دولية مستقلة) أنّ الإنفاق العسكري العالمي بلغ 1.9 ترليون دولار في عام 2019.
وتشكل خمس دول ما نسبته 62 في المائة من الإنفاق العام في العالم لعام 2019، وهي الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا ومملكة آل سعود التي تراجعت من المرتبة الثالثة عالميا عام 2018 إلى المرتبة الخامسة عام 2019.
وحتى عام 2018، كانت مملكة آل سعود تحتفظ بثالث أكبر ميزانية دفاعية في العالم، وهي أكبر مشتر للأسلحة والمعدات الأمريكية، أضافة لاستمرار حاجة الرياض لمدربين ومستشارين عسكريين لبيان كيفية استخدام تلك الأسلحة والمعدات باهظة الثمن.
وإلى وقت قريب، ظلّ الرئيس ترامب يدافع عن علاقة بلاده مع مملكة آل سعود على الرغم من الانتقادات الواسعة التي تصدى لها فيما يتعلق بمقتل الصحفي جمال خاشقجي، والحرب في اليمن.
ووفقا لتقارير غربية، فإن مملكة آل سعود تُنفق ما يصل إلى 4 مليارات دولار شهريا على حربها في اليمن، ما يؤثر على قدراتها في تقديم الدعم لعدد من دول المنطقة، مثل مصر والأردن، لضمان الاستقرار الأمني في المنطقة.
ومع عدم وجود أرقام رسمية، فإن بعض التقارير الإعلامية الغربية تتحدث عن أنّ تكلفة الحرب خلال السنوات الثلاث الأولى تعدت 100 مليار دولار مع خسائر في الأرواح والمعدات العسكرية.
تتعرض سياسات الإدارة الأمريكية في علاقتها مع الرياض لانتقادات واسعة من المشرعين في الكونغرس، ومعظمهم من المدافعين السابقين عن الأخيرة، حيث تعتبر الشريك والحليف الأوثق للسياسات الأمريكية في المنطقة.
ومع تفشي وباء كورونا وزيادة حدّة حرب أسعار النفط مع روسيا وتضرر قطاع النفط الصخري الأمريكي، زادت مستويات الانتقادات من منطلق إن مصالح واشنطن يجب أن تُقدّم على ما سواها وإنّ الرياض تسببت بأضرارٍ بالغةٍ بالاقتصاد الأمريكي.
وتحدثت مصادر إعلامية أمريكية، الخميس 7 مايو/أيار، عن خلافات سعودية أمريكية حول إنتاج النفط وعزم الأخيرة، دون الأخذ بالحسبان واقع استمرار التوترات بين مملكة آل سعود وإيران، سحب حوالي 300 جندي مع بطاريتي صواريخ "باتريوت".
ومن المعلوم أن واشنطن أرسلتها لحماية منشآت نفط سعودية بعد الهجمات التي تعرضت لها منشآت أرامكو منتصف سبتمبر/ أيلول من العام الماضي من قبل أنصار الله.
ويتساءل مشرعون أمريكيون عن "جدوى الاحتفاظ بنحو 2500 جندي أمريكي في مملكة آل سعود ومنظومات دفاع جوي للدفاع عن النفط هناك في ذات الوقت الذي يعلنون فيه الحرب على نفطنا"، في إشارة إلى الأضرار التي تسبّبت بها حرب الأسعار بين آل سعود وروسيا أدت إلى تراجع أسعار النفط الأمريكي إلى "أقل من 37 دولار للبرميل الواحد" في 11 أبريل/نيسان الماضي، في هبوط غير مسبوق.
ويطالب أعضاء في الكونغرس بتغيير نمط علاقة التحالف الاستراتيجي بين بلادهم ومملكة آل سعود المسؤولة عن الأضرار التي لحقت بقطاع نفط بلادهم.
وفي الحقيقة، فإن الرئيس الأمريكي ربط بين وجود قوات بلاده في مملكة آل سعود وحرب الأسعار إلى الحد الذي يعتقد فيه بعض المراقبين إنّ مملكة آل سعود أرغمت على إعادة النظر في سياساتها النفطية بما يتلاءم مع المصالح الأمريكية دون المساس بعلاقة التحالف العميقة بين البلدين.
وتتخذ سلطات آل سعود في الكثير من الأزمات الاقتصادية إجراءات استباقية لتلافي أية مشاكل مستقبلية قد تواجه القطاع الاقتصادي الذي يعد من بين أقوى اقتصادات العالم.
ووفقا لتصريحات العديد من المسؤولين السعوديين، فإن القرار السعودي يتخذ وفق ما يخدم مصالحها لا مصالح الآخرين سواء فيما يتعلق بأسعار النفط أو غيرها.
لكنّ حرب الأسعار بين آل سعود وروسيا في الأسابيع الماضية شكلت منعطفا في موقف ترامب من الرياض والتساؤل فيما إذا كانت بلاده لا تزال بحاجة لحماية النفط السعودي الذي يباع معظمه الآن إلى الصين ودول آسيوية أخرى وليس إلى الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين، كما كان عليه الحال سابقا.
وهناك دعوات أمريكية لإعادة تقييم العلاقات بين قوّة ديمقراطية مثل الولايات المتحدة ودولة تحكمها عائلة لا تشترك معها في قيم الحريات الدينية وحقوق المرأة وحرية التعبير، مع اتهامات متكررة بدعم الإرهاب.
ومع ذلك، يميل خبراء إلى أنّه من الصعب توحيد موقف الكونغرس ضدّ آل سعود حيث لا تزال علاقات الرياض بالبيت الأبيض علاقة متينة على الأقل في المرحلة الراهنة.
وفي آخر اتصال هاتفي، الجمعة 8 مايو، أعلن البيت الأبيض إن ترامب وملك نظام آل سعود جددا التأكيد على قوة الشراكة الدفاعية بين بلديهما، واتفاقهما على أهمية الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية بصفتهما قائدي مجموعتي الدول السبع (الولايات المتحدة) والدول العشرين (مملكة آل سعود).
ورغم وجود مراكز نفوذ مهمة تعمل ضدّ الحفاظ على مستوى متقدم من العلاقات الأمريكية مع آل سعود، إلاّ أنّ البيت الأبيض الخارجية الأمريكية يؤكدان دائما على متانة العلاقات الثنائية وأهمية الشراكة الدفاعية بين البلدين حتى مع أجواء الخلافات بينهما فيما يتعلق بإنتاج آل سعود من النفط.
لكنّه من السابق لأوانه التكهن بتراجع مستوى العلاقات بين الولايات المتحدة ومملكة آل سعود إلى خلافات عميقة مع مرونة واضحة في التعاطي مع "الأزمات الوقتية" يبديها كلا الطرفان.
ومع ذلك، من غير المستبعد أن يشهد العالم خلال الأشهر أو السنوات القليلة القادمة بداية انهيار الشراكة الاستراتيجية الأمريكية مع مملكة آل سعود المستمرة منذ أكثر من سبعة عقود والتي ترتكز على التدفق الآمن للنفط في مقابل الحماية الأمنية.
كشفت صحيفة "ديلي ستار" البريطانية، عن محاولة رئيس نادي روما الإيطالي "جيمس بالوتا" التواصل مع "محمد بن سلمان"، لمناقشة إمكانية شراء آل سعود النادي، حال فشلها في إتمام صفقة نيوكاسل الإنجليزي.
وقالت الصحيفة، إن رئيس نادي روما "استعان بمؤسسة جولدن ساكس الأمريكية للخدمات المالية؛ للبحث عن مشترٍ جديد للنادي الإيطالي العريق".
وأضافت الصحيفة البريطانية أنه بعد التواصل بين روما وابن سلمان "سيكون ممثلو روما مستعدين لعقد محادثات جديدة مع محمد بن سلمان؛ لمناقشة الأمر حال رفض صفقة بيع نيوكاسل".
ووفق الصحيفة، يعلم "بالوتا" أن صفقة شراء صندوق الاستثمار السعودي نادي نيوكاسل تواجه بعض العراقيل في الوقت الحالي، بعد خمسة أسابيع من التقدم بالأوراق الخاصة بهذه العملية، إلا أن بالوتا وبحسب الصحيفة "لا يسعى لإفساد صفقة بيع نيوكاسل".
ويحاول "بالوتا" بيع نادي روما الذي يحتل المركز الخامس في ترتيب الدوري الإيطالي، وهو يمتلك فرصة جيدة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا بالموسم المقبل.
ويعتقد "بالوتا" أن ناديه سيكون خيارًا جيدًا بالنسبة للصندوق السعودي حال فشل صفقة نيوكاسل.
وتواجه صفقة شراء نيوكاسل، العديد من العراقيل، حيث طالبت العديد من الجهات ومنها رابطة مشجعي النادي، بعدم إتمام الصفقة، نظرا للسجل السيء لابن سلمان في المجال الحقوقي وفي مجالات أخرى، حيث يحاول غسل السمعة السيئة عبر هذه الصفقات.
وحذرت منظمة "العفو" الدولية، الشهر الماضي، إدارة الدوري الإنجليزي الممتاز من مغبة الموافقة على شراء صندوق استثمار سعودي لنادي نيوكاسل يونايتد.
وحثت المنظمة القائمين على الدوري الإنجليزي على التفكير في منع هذه المساعي؛ لأن الصندوق تحت إشراف "بن سلمان"، الذي قالت المنظمة إنه متورط في "عملية قمع واسعة لحقوق الإنسان".
ارسال التعليق