علي جعفر المبيوق: قاصر يواجه خطر القتل التعزيري
ولد علي جعفر المبيوق في 12 أغسطس/ آب 1998، واعتقل في 29 يناير/كانون الثاني 2018 حين كان يبلغ من العمر 19 عاما و5 أشهر. عند اعتقاله وضع في سجن مباحث الدمام. وضع في الزنزانة الانفرداية، وتعرض للتعذيب والترهيب بهدف التوقيع على اعتراقات.
بعد عامين من الاعتقال، وفي 24 فبراير/ شباط 2020، عقدت أول جلسة له أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في قضية واحدة مع آخرين.
يُشار إلى أن المحكمة الجزائية المتخصّصة، أصدرت في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2022 خمسة أحكام إعدام دفعةً واحدة، بحقّ المعتقلين: يوسف المناسف، علي المبيوق، محمد اللباد، محمد الفرج، وأحمد آل ادغام، في مثالٍ فاضحٍ على التعسّف في الأحكام وانتهاك حقوق الإنسان.
وجهت للمبيوق العديد من التهم بينها، الانضمام لتنظيم إرهابي مسلح، إطلاق النار عدة مرات على رجال الأمن، الرصد والتخطيط واستهداف المقار الحكومية الأمنية، المشاركة في التجمعات المثيرة للشغب، التستر على مطلوبيين أمنيا، الدعوة والمشاركة في الاعتصامات والمظاهرات، ترويج الحبوب المخدرة، حيازة سلاح فردي.
أمام القاضي، أنكر المبيوق كافة التهم الموجهة ضده، وأكد أن الاعترافات انتزعت منه تحت التعذيب، كما أشار إلى عدم وجود أي دليل مادي على التهم الموجهة ضده. إضافة إلى ذلك، أشار إلى أن المظاهرات التي وجهت له تهمة المشاركة فيها حصلت حين كان قاصرا.
وقال علي المبيوق: "لم يكن مسموحا لي الاتصال بالمحامي ولم يُسمح لي بأن يرافقني ممثلي القانوني في مراحل التحقيق ولم أطلع على التوقيت أو اليوم أو المواعيد وهو ما يتعارض مع نظام الإجراءات الجزائية".
على الرغم من ذلك، أصدر القاضي حكما ضده بالقتل تعزيرا، وفي 15 مارس/آذار 2023 صادقت محكمة الاستنئاف على الحكم.
وفي تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أكدت فيه أنه منذ نشر “هيئة حقوق الإنسان السعودية أمرا ملكيا نص على تطبيق قانون الأحداث الذي صدر عام 2018، والذي يمنع تنفيذ أحكام الإعدام بحق القاصرين في قضايا التعزير”، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، انتهاكات جسيمة، بينها إعدام القاصر مصطفى الدرويش.
وصادقت محكمة الاستنئاف المتخصصة على عدد من أحكام الإعدام بحق قاصرين، ما يثير مخاوف جدية على حياتهم.
وبحسب تتبع المنظمة، يواجه 9 مهددين بالإعدام على الأقل، تهما بينها ما حصل حين كانوا يبلغون من العمر أقل من 18. وذلك في ظل معلومات تشير إلى أن عدد القاصرين المهددين قد يكون أعلى بكثير، في ظل انعدام أي دور للمجتمع المدني وترهيب العائلات.
رصد المنظمة يبين أن: عبد الله الحويطي، عبد الله الدرازي، جلال الباد، يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص يواجهون أحكاما مصادقة من الاستئناف، وبالتالي أحكاما امام المحكمة العليا التي تعد المرحلة القضائية الأخيرة قبل التنفيذ. فيما صدر حكما أوليا بحق مهدي المحسن.
تعريف "الطفل" : الثغرة التي يستغلها النظام السعودي :
وفي تقرير سابق للمنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان طرقت فيه إلى عقوبة الإعدام بحق الأطفال في السعودية. حيث اعتبرت المنظمة أن النظام السعودي، وكما جرت عليه العادة، ينكر إعدامه للأطفال، وغالبا ما تكرر السلطات السعودية في المحافل الدولية أن القضاء لا يصدر أحكامًا بالإعدام بحق أطفال. لكن ذلك هو قطعا خاطئ.
وفندت المنظمة قيام السلطات السعودية منذ عام 2011 بإعدام ما لا يقل عن 12 شخصا زُعم أنهم ارتكبوا جرائم يُعاقب عليها بالإعدام عندما كانوا قاصرين. كما يسمح القانون “السعودي” صراحةً باستخدام عقوبة الإعدام ضد الأحداث المدانين بارتكاب جرائم معينة، حيث أنه لا يفرق بين القاصرين والبالغين في كثير من الحالات.
بيّنت المنظمة خلال عرضها، أنه وفقًا لاتفاقية حقوق الطفل الصادرة بتاريخ 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1989، والتي انضمت إليها “السعودية” في 26 يناير/كانون الثاني 1996، يعرّف الطفل على أنه “… كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه”. يُعرِّف النظام السعودي “الأحداث” في نظامه الخاص بالأحداث الصادر عام 2018، بتاريخ 18/11/1439 هـ، في المادة الأولى بأنه “كل ذكر أو أنثى أتم السابعة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد”.
ظاهريًا، يبدو أنه لا يوجد تناقض بين القانون السعودي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وفقا للمنظمة. للتساءل بعدها ” لماذا إذًا، نرى السعودية تواصل إصدار أحكام الإعدام بحق الأطفال وتنفيذها؟ لماذا يستمر المدعي العام في المطالبة بإعدامهم ولماذا يستجيب القضاء لهذه المطالب؟ لماذا، حتى بعد فرض المرسوم الملكي الصادر عام 2020، والذي يحظر ظاهريًا إعدام الأطفال، لا يزال المدعي العام يستطيع المطالبة بإعدام الأشخاص الذين ارتكبوا جرائمهم المزعومة وهم أحداث؟”. لتجيب المنظمة بالقول : بعد الغوص بشكل أدق في القانون، يتبين وجود استثناءات موضوعة بوجه الأحداث في ما يتعلق بمنع عقوبة الإعدام، وعند وضع هذه الاستثناءات موضع التنفيذ، يُسمح للدولة السعودية بمواصلة استخدام عقوبة الإعدام ضد القاصرين.”
وأكدت المنظمة أنه في نظام الأحداث الصادر عام 2018 لا تظهر عقوبة الإعدام، والتي نذكر منها: التوبيخ والتحذير، التسليم لمن يعيش معه، المنع من ارتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز الـ3 سنوات، المنع من مزاولة عمل معين، الوضع تحت المراقبة الاجتماعية في بيئته الطبيعية لمدة لا تتجاوز سنتين، الإلزام بأداء واجبات معينة لمدة لا تتجاوز 3 سنوات، الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة، بشرط أن يكون متمًّا (الثانية عشرة) من عمره وقت ارتكابه الفعل المعاقب عليه.
وأشارت المنظمة إلى أن النظام السعودي وضع استثناءات من القانون في المادة (16)، والتي عبرت بشكل واضح عن أن نظام الأحداث ككل بما في ذلك الأقسام التي تعرّف كلمة “الأحداث”، لا تنطبق في ظروف معينة.
لا تخل الأحكام الواردة في النظام بالأحكام المقررة شرعاً فيما يتعلق بجرائم الحدود والقصاص.
بحسب هذه المادة، إن أحكام القانون التي تُعرِّف “الأحداث” لا تبطل أحكام الشريعة الإسلامية في قضايا جرائم الحدود والقصاص، حيث تم تحديد حكم الإعدام بشكل خاص على مرتكبي تلك الجرائم في أحكام الشريعة الأسلامية. في هذه الحالات، لا ينطبق تعريف “الأحداث” المنصوص عليه في نظام الأحداث، ويجب بدلاً من ذلك الحكم على وضع المدعى عليه كحدث أو كبالغ من خلال المعايير المنصوص عليها في الشريعة.
وفي تناول موضوع الطفل في الشريعة لجهة كونه مستثنى من عقوبة الإعدام، توضح المنظمة أن الشريعة تقسم مسؤولية الإنسان إلى ثلاث مراحل من الحياة، وتفرق بين المسؤولية الجنائية والمدنية حسب عمر الشخص، على النحو التالي: في المرحلتين الأولى والثانية، يكون الطفل محصنًا من المسؤولية الجنائية، بما في ذلك جرائم الحدود أو القصاص؛ في المرحلة الثالثة، مرحلة البلوغ، يتحمل الشخص المسؤولية الجنائية الكاملة عن أفعاله.
وأضافت المنظمة أنه في ظل عدم وجود قانون مكتوب، يؤدي الخط الفاصل بين المرحلتين الثانية والثالثة والخط الفاصل بين المراهقة والبلوغ إلى تفاقم مشكلة إعدام الأطفال في "السعودية". وفقًا لنظام الأحداث، تبدأ مرحلة البلوغ في سن 18 عامًا، ولكن وفقًا للشريعة، والتي تُستخدم حصريًا في تحديد إمكانية تطبيق عقوبة الإعدام في جرائم الحدود والقصاص، تبدأ مرحلة البلوغ في سن المراهقة وظهور علامات البلوغ. وتلفت المنظمة أن القضاة السعوديون يتمتعون بسلطة تقديرية واسعة في تحديد متى يبلغ الشخص سن المراهقة، ويستغلون هذه السلطة التقديرية للحكم على الأطفال بالإعدام.
من جهتها تعتبر المنظمة أن المشكلة تتركز في استبعاد جرائم الحدود والقصاص من نظام الأحداث الصادر عام 2018 ومن المرسوم الملكي، وفي عدم تحديد سن الرشد بشكل مكتوب لجرائم الحدود والقصاص.
بما أن القانون لاينطبق كليًا في قضايا الحدود والقصاص، بما في ذلك إلغاء الأحكام التي تحدد الحد الأدنى لسن المسؤولية الجنائية وسن الرشد، فإن القضاة السعوديين أحرار في الرجوع إلى التعريفات التي قدمتها مصادر شرعية غير رسمية – التعريفات التي لا توفرها الشريعة نفسها بوضوح – من أجل اتخاذ القرار. في ظل غياب قانون مكتوب، يكون ذلك تمييزًا جديًا في مناقشة عقوبة الإعدام فيما يتعلق بالقصر.
والسبب وراء ذلك هو أن الفهم الشخصي للقاضي في محاكمة القاصر غالبًا ما يكون حاسمًا فيما إذا كان الطفل سيحكم عليه بالإعدام أم لا. إذا كان الطفل محظوظًا بما يكفي لمقابلة قاضي يتبع مدرسة أبو حنيفة الفكرية، على سبيل المثال، فلن يتعرض الطفل لعقوبة الإعدام. إلا أن هذا يعد أمرًا مستحيلًا إحصائيًا في السعودية، حيث يميل القضاة في المملكة إلى اتباع تفسيرات أكثر صرامة أو حتى يكونوا ملزمون في بعض الأحيان باتباعها. وعلى الأرجح، سيقابل الطفل قاضيًا يحدد سن المراهقة على أنه يبدأ من عمر 15 عامًا، بما أن هذا هو المعتقد الأكثر شيوعًا في السعودية.
في مثل هذه الحالة، الطفل الذي بلغ سن الرشد وفقًا للشريعة، ولكنه لم يبلغ سن الرشد وفقًا لمعايير نظام الأحداث أو معايير اتفاقية حقوق الطفل، يمكن أن يُحكم عليه بالإعدام، ونوّهت في الوقت نفسه إلى أن القاضي قد يتمادى ويتبنى مبدأ توفر سن البلوغ عند ظهور العلامات الجسدية للمراهقة، واستشهدت بطلب “الحكومة تنفيذ عقوبة الإعدام بحق القاصر مرتجى القريرص في عام 2019. تم القبض عليه عندما كان عمره 13 عامًا، وبالتالي لم يكن بإمكانه أصلا أن يرتكب جريمة يعاقب عليها بالإعدام بعد بلوغه ال 15 من العمر”.
ارسال التعليق