من الإعلام
عن اليمن الذي كرر هزيمة آل سعود
أكثر من سنة مرت على «غزوة عاصفة الحزم»، وأكثر من سنة ونصف مرّت على «انقلاب صنعاء»، آخر نسخ الأزمة اليمنيّة، وخمس سنوات أخرى على حلول «الربيع العربي» في ميادين اليمن، وبطبيعة الحال، لا تختصر المحطات الفاصلة هذه، مجمل السرديّة المحليّة التي تقوم على كمّ تاريخي من التراكمات السياسية والمجتمعيّة، لكنها أصبحت عاملاً حاسماً، في رسم نسق واضح لطبيعة ومنحى «العنصر» السعودي في اليمن، إن في أزمان الصراعات والانخراطات الحامية، أو في فترات الرتابة السياسيّة على قلّتها، خاصة أن الرياض أدرجت صنعاء ضمن العناصر الاساسية، المكونة لمنظومة أمنها القومي، منذ تحسن العلاقة بين الطرفين منتصف التسعينيات.
العلاقات السعودية اليمنية لم تكن على الإطلاق علاقة متينة وسلسة، خاصة في فترة ما قبل الوحدة اليمنية وصولا الى حرب الخليج الاولى، وما تلاها من سنوات قليلة، بل ان التوتر بين الطرفين، يعود الى حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، إبان الحرب الضارية التي شهدتها المناطق الحدودية المتداخلة، بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة السعودية، والتي انتهت بمعاهدة الطائف عام 1934، وعقب الوحدة اليمنية العام 1990، أعادت النخب في صنعاء احياء قضية معاهدة الطائف، وبالتحديد ما نصت عليه من ضم مؤقت لعسير وجيزان ونجران لمدة عشرين سنة، على أن يتم بحثها بعد انقضاء المدة، الى أن جاء الغزو العراقي لدولة الكويت، وما حمله من موقف يمني محايد أو حتى يميل لصالح الرئيس العراقي وقتها صدام حسين، والحديث عن فكي كماشة في الشمال والجنوب بين حسين وصالح، في مواجهة الرياض.
لم تقتصر «نكسات» الرياض في اليمن على مجرد «انسلاخ» الأرض الجنوبية الخصبة عن السعودية، أو على الأقل، عجز الأخيرة عن ابتلاع الدولة المتوكليّة. فبعد تبدل الشخوص والأحوال، جاءت ثورة الضباط الأحرار في اليمن العام 1962، لتشكل عنصراً مضافاً، إلى سجل «الهزائم» التي تلقتها السعودية في ادارتها الملف اليمني، وهي وإن نجحت الى جانب قوات الإمامة الزيدية في تدمير جزء أساسي من القوات المصرية الداعمة لثورة العسكر في ذلك الوقت، الا أنها فشلت في نهاية المطاف في منع المد العسكري «المؤدلج» عن الوصول الى حدودها، وخسرت بالتوازي حرباً غير مباشرة مع نظام الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومعه المنظومة الاشتراكية، «سقطت» عدن في أحضان صنعاء، وأصبح «الارتباط» أو الوحدة حالة متخطية لكل الاعتبارات التاريخية والسياسية المكونة للجنوب، وهكذا أضحت الصداقة مع «الجنوب العربي» السابق، مقدمة لتوغل سعودي جديد في الساحة اليمنية، حيث شهدت الأعوام 1992 و1993 عمليات تفجيرية مكثفة، من اغتيالات واستهدافات شملت شخصيات سياسية وأمنية وقبليّة، تخطت بضع مئات بحسب بيانات الحكومة اليمنية وقتها، والتي اتهمت الرياض بشكل غير مباشر، بالوقوف خلفها. وعلى خط مواز، بدأت الرياض ببناء قاعدة عسكرية في عسير، ومشروع آخر لتشييد سور عملاق في منطقتي عسير وجيزان، اضافة للضغط على مسقط في سبيل الغاء الاتفاقية الحدودية العمانية اليمنية. وقد «تكللت» الخطوات هذه، بدعم السعودية لأنصار آخر رئيس لليمن الجنوبي علي سالم البيض، في حرب الانفصال صيف عام 1994، والتي مكنت علي عبدالله صالح، من إبطال غالبية مفاعيل الانخراط السعودي، بعد هزيمته للقوات الجنوبية.
بداية الألفيّة الثالثة، لم تكن مفصليّة الى حد بعيد، في رسم نسق واضح لعلاقة السعوديين مع نظام الرئيس علي عبدالله صالح، نظراً لأن توقيع الأخير على اتفاقية جدة لترسيم الحدود بين الطرفين، كان في لحظة إعادة تموضع مرحلي وغير حاسم، حاول من خلاله الرئيس صالح التأسيس للقادم من حراك داخلي، في ظل اعادة دراسته لمنظومة علاقاته الدوليّة، خاصة أن العراق المنهك بالحصار لم يعد قادراً على منحه ثقلاً وازناً في مقابل السعودية، بالتوازي مع صعود أخطار جديدة، تمثلت بعودة الحالة الدينية الزيدية في صعدة، الى العمل السياسي بشكل قوي، وكذلك العمل العسكري.
شهدت الاعوام الممتدة من العام 2000 الى 2004، تحولاً استراتيجياً في «رؤية» النظام اليمني لمنظومة علاقاته. أصبحت الرياض على أساسه حليفاً اساسياً لعلي عبدالله صالح، في مواجهة العناصر الصاعدة من المناطق الجبلية، التي اتهمتها السعودية وكذلك صنعاء بالتنسيق أو حتى «التبعيّة» لإيران، وبطبيعة الحال، لم يكن الحوثيون سبباً مباشراً في التقارب بين الطرفين، لكنهم شكلوا حالة ساهمت في تظهير التقارب، اذ ان التبدل في علاقات اليمن، انطلق من اعتبارات متعلقة بغياب «المظلة» الخارجية الداعمة لبلد فقير يعيش في الحديقة الخلفيّة لكبار منتجي «أوبك»، اضافة لإحساس عميق لدى الرئيس علي عبدالله صالح، بأن الأميركيين باتو عازمين على انهاء «التمرد» العراقي في المنطقة، وهو ما حصل من خلال غزو بغداد العام 2003 وفتح الأميركيين لملف القاعدة في اليمن من بابه الواسع.
شهر حزيران من العام 2004 شكل نقطة تحول «تاريخية»، ومقدمة اخرى لـ «هزيمة» سعودية اضافيّة في الساحة اليمنيّة، فبعد اعتقال السلطات اليمنية للراحل حسين الحوثي مؤسس «أنصار الله»، بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد، بدأت الأعمال القتالية بين الحكومة المركزية وصعدة، وتوسعت «مكانياً» إلى الجوف وحجة وعمران، كما تراكمت احداثها «زمانياً»، لتتحول المعركة الى حرب، انتهت بقتل الحوثيين لزعيم قوات صالح المكونة من قبيلة العصيمات التابعة لحاشد، ومن ثم قتل قوات صالح لحسين الحوثي على يد العميد ثابت الجواس وبأوامر مباشرة من نائب الرئيس الحالي علي محسن الأحمر.
حرب صعدة الأولى تكاثرت وأثمرت خمس حروب أخرى، امتدت من العام 2004 حتى العام 2010، وفي آخر نسخها، تحول الدور السعودي من داعم بالوكالة الى داعم أصيل، حيث شاركت القوات الجوية السعودية وكذلك مدفعية حرس الحدود، في دعم الجيش اليمني في حربه على «انصار الله»، ما اضطر الحوثيين وقتها الى شن هجوم شامل على المنطقة الحدودية، أثمر عن «احتلالهم» عشرات المواقع العسكرية السعودية داخل حدود المملكة. وهي معركة انتهت بنسختها السعودية في الـ26 من كانون الثاني 2010، مع اعلان الحوثيين وقفاً لإطلاق النار مع الرياض، والانسحاب من 46 موقعاً سعودياً احتلته «الجماعة» خلال شهور الحرب. وهكذا خرجت الرياض من المعركة «مهزومة» من طرف يمني، ومثقلة بالجراح السياسية والمعنوية، ومع 133 قتيلاً وعشرات المفقودين والأسرى، بينما استمرت الحرب بين صعدة وصنعاء لأسابيع إضافية، حتى انتهائها في منتصف شباط.
فشلت السعودية في احتواء اليمن، كما فشل اليمن في احتواء متناقضاته، لكن الأخيرة كانت حاسمة في توجيه الضربة تلو الأخرى، للتدخلات المباشرة وغير المباشرة القادمة من خلف الحدود، فالنتيجة شبه الدائمة، انطوت مراراً على «هزيمة» واضحة المعالم لخطة العمل السعودية، لدى انخراطها في الداخل اليمني، ولطالما انقلب التوغل البري رد فعل عكسياً، وهكذا، تتحول اراض شاسعة للسعودية الى مناطق «محتلة» بين ليلة وضحاها، في صورة لا تعكس طبيعة الفارق الهائل في الكتلة والتسليح، انما تعكس هشاشة في البنية الأساسية الصانعة للسياسة اليمنية في الرياض، والتي تقوم على مبدأ الارتجال «الفوقي» غير المدروس، والمرتكز الى حساب الأوزان الواضحة المعالم.
منذ استقلال شبه الجزيرة العربية حتى «عاصفة الحزم»، لا الرياض تعلمت الدرس، ولا صنعاء تمكنت من إنتاج سلام داخلي طويل الأمد، ورغم قيام اليمن الشمالي وحتى الجنوبي سابقاً، على عدد من التناقضات القبلية والسياسية والمذهبية، إلا أن الدور السعودي آثر التنقل بين عناصر القوة الداخلية، تبعاً لحالتها الزمنية، ما بين سلطة ومعارضة. فعوضاً عن نسج علاقة قائمة على مشتركات قومية واجتماعية، اختارت الرياض دوماً الاستثمار في الأزمة، بدلاً من صناعة أرضيّة مهيأة لإنتاج دور سعودي، مع ديمومة أعمق من تلك التي تقوم على دعم عسكري، او استثمار في حرب أهلية، وهكذا جاءت «هزيمة» الأجندة العسكريّة لعاصفة السعودية وأشقائها، مكللة لسلسلة خيارات أنهكت الرياض قبل صنعاء، وجاءت اليوم وبمحض «تزامن» تاريخي غير مسبوق، لتشكل بداية الانكفاء السعودي الى الداخل.
العلاقات السعودية اليمنية لم تكن على الإطلاق علاقة متينة وسلسة، خاصة في فترة ما قبل الوحدة اليمنية وصولا الى حرب الخليج الاولى، وما تلاها من سنوات قليلة، بل ان التوتر بين الطرفين، يعود الى حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي، إبان الحرب الضارية التي شهدتها المناطق الحدودية المتداخلة، بين المملكة المتوكلية اليمنية والمملكة السعودية، والتي انتهت بمعاهدة الطائف عام 1934، وعقب الوحدة اليمنية العام 1990، أعادت النخب في صنعاء احياء قضية معاهدة الطائف، وبالتحديد ما نصت عليه من ضم مؤقت لعسير وجيزان ونجران لمدة عشرين سنة، على أن يتم بحثها بعد انقضاء المدة، الى أن جاء الغزو العراقي لدولة الكويت، وما حمله من موقف يمني محايد أو حتى يميل لصالح الرئيس العراقي وقتها صدام حسين، والحديث عن فكي كماشة في الشمال والجنوب بين حسين وصالح، في مواجهة الرياض.
لم تقتصر «نكسات» الرياض في اليمن على مجرد «انسلاخ» الأرض الجنوبية الخصبة عن السعودية، أو على الأقل، عجز الأخيرة عن ابتلاع الدولة المتوكليّة. فبعد تبدل الشخوص والأحوال، جاءت ثورة الضباط الأحرار في اليمن العام 1962، لتشكل عنصراً مضافاً، إلى سجل «الهزائم» التي تلقتها السعودية في ادارتها الملف اليمني، وهي وإن نجحت الى جانب قوات الإمامة الزيدية في تدمير جزء أساسي من القوات المصرية الداعمة لثورة العسكر في ذلك الوقت، الا أنها فشلت في نهاية المطاف في منع المد العسكري «المؤدلج» عن الوصول الى حدودها، وخسرت بالتوازي حرباً غير مباشرة مع نظام الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ومعه المنظومة الاشتراكية، «سقطت» عدن في أحضان صنعاء، وأصبح «الارتباط» أو الوحدة حالة متخطية لكل الاعتبارات التاريخية والسياسية المكونة للجنوب، وهكذا أضحت الصداقة مع «الجنوب العربي» السابق، مقدمة لتوغل سعودي جديد في الساحة اليمنية، حيث شهدت الأعوام 1992 و1993 عمليات تفجيرية مكثفة، من اغتيالات واستهدافات شملت شخصيات سياسية وأمنية وقبليّة، تخطت بضع مئات بحسب بيانات الحكومة اليمنية وقتها، والتي اتهمت الرياض بشكل غير مباشر، بالوقوف خلفها. وعلى خط مواز، بدأت الرياض ببناء قاعدة عسكرية في عسير، ومشروع آخر لتشييد سور عملاق في منطقتي عسير وجيزان، اضافة للضغط على مسقط في سبيل الغاء الاتفاقية الحدودية العمانية اليمنية. وقد «تكللت» الخطوات هذه، بدعم السعودية لأنصار آخر رئيس لليمن الجنوبي علي سالم البيض، في حرب الانفصال صيف عام 1994، والتي مكنت علي عبدالله صالح، من إبطال غالبية مفاعيل الانخراط السعودي، بعد هزيمته للقوات الجنوبية.
بداية الألفيّة الثالثة، لم تكن مفصليّة الى حد بعيد، في رسم نسق واضح لعلاقة السعوديين مع نظام الرئيس علي عبدالله صالح، نظراً لأن توقيع الأخير على اتفاقية جدة لترسيم الحدود بين الطرفين، كان في لحظة إعادة تموضع مرحلي وغير حاسم، حاول من خلاله الرئيس صالح التأسيس للقادم من حراك داخلي، في ظل اعادة دراسته لمنظومة علاقاته الدوليّة، خاصة أن العراق المنهك بالحصار لم يعد قادراً على منحه ثقلاً وازناً في مقابل السعودية، بالتوازي مع صعود أخطار جديدة، تمثلت بعودة الحالة الدينية الزيدية في صعدة، الى العمل السياسي بشكل قوي، وكذلك العمل العسكري.
شهدت الاعوام الممتدة من العام 2000 الى 2004، تحولاً استراتيجياً في «رؤية» النظام اليمني لمنظومة علاقاته. أصبحت الرياض على أساسه حليفاً اساسياً لعلي عبدالله صالح، في مواجهة العناصر الصاعدة من المناطق الجبلية، التي اتهمتها السعودية وكذلك صنعاء بالتنسيق أو حتى «التبعيّة» لإيران، وبطبيعة الحال، لم يكن الحوثيون سبباً مباشراً في التقارب بين الطرفين، لكنهم شكلوا حالة ساهمت في تظهير التقارب، اذ ان التبدل في علاقات اليمن، انطلق من اعتبارات متعلقة بغياب «المظلة» الخارجية الداعمة لبلد فقير يعيش في الحديقة الخلفيّة لكبار منتجي «أوبك»، اضافة لإحساس عميق لدى الرئيس علي عبدالله صالح، بأن الأميركيين باتو عازمين على انهاء «التمرد» العراقي في المنطقة، وهو ما حصل من خلال غزو بغداد العام 2003 وفتح الأميركيين لملف القاعدة في اليمن من بابه الواسع.
شهر حزيران من العام 2004 شكل نقطة تحول «تاريخية»، ومقدمة اخرى لـ «هزيمة» سعودية اضافيّة في الساحة اليمنيّة، فبعد اعتقال السلطات اليمنية للراحل حسين الحوثي مؤسس «أنصار الله»، بتهمة إنشاء تنظيم مسلح داخل البلاد، بدأت الأعمال القتالية بين الحكومة المركزية وصعدة، وتوسعت «مكانياً» إلى الجوف وحجة وعمران، كما تراكمت احداثها «زمانياً»، لتتحول المعركة الى حرب، انتهت بقتل الحوثيين لزعيم قوات صالح المكونة من قبيلة العصيمات التابعة لحاشد، ومن ثم قتل قوات صالح لحسين الحوثي على يد العميد ثابت الجواس وبأوامر مباشرة من نائب الرئيس الحالي علي محسن الأحمر.
حرب صعدة الأولى تكاثرت وأثمرت خمس حروب أخرى، امتدت من العام 2004 حتى العام 2010، وفي آخر نسخها، تحول الدور السعودي من داعم بالوكالة الى داعم أصيل، حيث شاركت القوات الجوية السعودية وكذلك مدفعية حرس الحدود، في دعم الجيش اليمني في حربه على «انصار الله»، ما اضطر الحوثيين وقتها الى شن هجوم شامل على المنطقة الحدودية، أثمر عن «احتلالهم» عشرات المواقع العسكرية السعودية داخل حدود المملكة. وهي معركة انتهت بنسختها السعودية في الـ26 من كانون الثاني 2010، مع اعلان الحوثيين وقفاً لإطلاق النار مع الرياض، والانسحاب من 46 موقعاً سعودياً احتلته «الجماعة» خلال شهور الحرب. وهكذا خرجت الرياض من المعركة «مهزومة» من طرف يمني، ومثقلة بالجراح السياسية والمعنوية، ومع 133 قتيلاً وعشرات المفقودين والأسرى، بينما استمرت الحرب بين صعدة وصنعاء لأسابيع إضافية، حتى انتهائها في منتصف شباط.
فشلت السعودية في احتواء اليمن، كما فشل اليمن في احتواء متناقضاته، لكن الأخيرة كانت حاسمة في توجيه الضربة تلو الأخرى، للتدخلات المباشرة وغير المباشرة القادمة من خلف الحدود، فالنتيجة شبه الدائمة، انطوت مراراً على «هزيمة» واضحة المعالم لخطة العمل السعودية، لدى انخراطها في الداخل اليمني، ولطالما انقلب التوغل البري رد فعل عكسياً، وهكذا، تتحول اراض شاسعة للسعودية الى مناطق «محتلة» بين ليلة وضحاها، في صورة لا تعكس طبيعة الفارق الهائل في الكتلة والتسليح، انما تعكس هشاشة في البنية الأساسية الصانعة للسياسة اليمنية في الرياض، والتي تقوم على مبدأ الارتجال «الفوقي» غير المدروس، والمرتكز الى حساب الأوزان الواضحة المعالم.
منذ استقلال شبه الجزيرة العربية حتى «عاصفة الحزم»، لا الرياض تعلمت الدرس، ولا صنعاء تمكنت من إنتاج سلام داخلي طويل الأمد، ورغم قيام اليمن الشمالي وحتى الجنوبي سابقاً، على عدد من التناقضات القبلية والسياسية والمذهبية، إلا أن الدور السعودي آثر التنقل بين عناصر القوة الداخلية، تبعاً لحالتها الزمنية، ما بين سلطة ومعارضة. فعوضاً عن نسج علاقة قائمة على مشتركات قومية واجتماعية، اختارت الرياض دوماً الاستثمار في الأزمة، بدلاً من صناعة أرضيّة مهيأة لإنتاج دور سعودي، مع ديمومة أعمق من تلك التي تقوم على دعم عسكري، او استثمار في حرب أهلية، وهكذا جاءت «هزيمة» الأجندة العسكريّة لعاصفة السعودية وأشقائها، مكللة لسلسلة خيارات أنهكت الرياض قبل صنعاء، وجاءت اليوم وبمحض «تزامن» تاريخي غير مسبوق، لتشكل بداية الانكفاء السعودي الى الداخل.
ارسال التعليق