منظمة حقوقية: ما وراء الرياضة إخفاء للوجه الإجرامي
في القسم الثاني والأخير من مؤتمر المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان حول الغسيل الرياضي في "السعودية"، تكمل المنظمة نقاشها النقديّ لاستغلال الأخيرة للرياضة كنشاط له جماهيريته العالمية وتدخل عبر هذا الباب على أشكال الانتهاكات التي تزداد ترسّخا داخل بلاد الحرمين تحت حكم آل سعود.
في المؤتمر مشاركة لذوي ضحايا انتهاكات الحقوق في "السعودية" الذين يشاركون قصصهم في إطار الحديث عن ما يقف خلف الغسيل الذي تمارسه "سلطات" البلاد إن عبر الرياضة وسواها.
ضمن مشاركة الباحث في مركز الأمن الدولي الدكتور كريستيان جلاسل، الذي اعتمد في مداخلته على بيانات دراسات ومقالات متخصصة، قال "عندما ننظر إلى بياناتنا، نرى أن حصة الدول المضيفة الاستبدادية بين الدول تقريبًا زادت بأكثر من أربعة أضعاف في الثلاثين عامًا الماضية. والتي من ضمنها السعودية".
ويطرح تساؤل حول السؤال أهمية أن "نشعر بالقلق إزاء هذا النمط من سلوكيات الدول، أم نصرف الانتباه؟"
ويجيب "بالنسبة لنا فإن الجواب واضح لأن تحليلنا يظهر أن الأحداث الرياضية الكبرى في الأنظمة الاستبدادية تعرض المعارضين لخطر كبير مع عواقب مميتة محتملة".
موضحا بالاستناد إلى رسوم بيانية كيف أن "الأنظمة القمعية، من ضمنها السعودية، تميل إلى زيادة مستوى القمع لديها أكثر مما تفعله عادة؛ في الأسابيع والأشهر أو حتى السنوات التي تسبق استضافة البطولات الرياضية الكبرى".
وحول تساؤل لماذا تقوم الأنظمة المضيفة الاستبدادية بتطهير مدنها (من أي أصوات معارضة) قبل البطولة، يقول كلاسل "للاجابة على هذا السؤال نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة على الأسباب التي تجعل استضافة الألعاب الرياضية من خلال نشر الأحداث الرياضية الكبرى أمرًا جذابًا للغاية بنظر الدول".
ويشير الباحث في مركز الأمن الدولي إلى أن "الأنظمة الاستبدادية ترغب في استخدام هذا الاهتمام الإعلامي الفريد الذي يرافق الأحداث الرياضية العالمية، لتعزيز سمعتهم ونقل صورة أنها نظام ودود ومحب للسلام".
ويوضح "في الجانب الآخر، فإنهم يخشون أيضًا أن يسلط المعارضون الضوء ويعبرون عن استيائهم تحت حماية الصحافة العالمية المجتمعة في البلاد لتغطية الحدث العالمي".
ما وراء شراء نادي:
قد يقول أي قائل أن من حق ومصلحة أي نادي أن يتم شراءه من قبل مستثمر او دولة في سبيل تحصيلهم للبطولات.
"كيف تنظر لدور مشجعي الأندية في الوقوف في وجه هكذا صفقات ومواجهة الغسيل الرياضي عموما؟"
يقول آندرو بايج، عضو في رابط مشجعي نيوكاسل: "باستحواذ السعودية على نادي نيوكاسل، لم يقتصر الأمر على الاستحواذ على فريق رياضي فحسب، بل قاموا بدمج أنفسهم في نسيج المدينة التي يقع النادي في وسطها؛ بطريقة لا تستطيع أعمالهم العادية القيام بها".
ويؤكد بايج على أن "ما يجعل الاستثمار السعودي في نيوكاسل يونايتد مختلفًا عن الاستثمارات الأخرى في الرياضة، هي ثلاثة أشياء على الأقل جديرة بالملاحظة حول تولي نيوكاسل يونايتد المسؤولية:
ـ أولاً وقبل كل شيء، الاستحواذ لم يكن فكرتهم. بل كانت فكرة الاستيلاء على النادي من خلال سيدة أعمال بريطانية تدعى أماندا ستابلي التي استحوذت على نسبة 10% من النادي. وهي في المقدمة لتتولى المسؤولية، مشيرا إلى أنها "تقوم بكل شيء تقريبًا، بينما يمتلك صندوق الاستثمار العام السعودي 80% من أسهمه".
ـ ثانيا هو مقدار الوقت المستغرق لإكمال عملية الاستحواذ التي تتغير لأول مرة. حيث اقتُرح لأول مرة في يناير 2020 ولم يتم الانتهاء منه إلا في أكتوبر 2021.
ـ ثالثا كانت العقبة التي واجهتها السعودية، هي أنهم كانوا يستغلون البث التلفزيوني والدوري الممتاز من قطر، وكانوا يأخذون ذلك بشكل غير قانوني ويبثونه ومن خلال محطات التلفزيون المقرصنة، وأعتقد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي كان يمكن أن يمنع الدوري الإنجليزي الممتاز من القيام به.
ويلفت "يجب ان نسأل ماذا فعل النظام السعودي ليحظى بهذا الدعم الهائل من المجتمع المحلي وبعض السياسيين. فليس عاديا أن تقوم مجموعة من المشجعين بحملة كبيرة لتشجيع هذا الاستثمار، الآن يقال أنه تمّ الضغط عليهم في هذا السبيل. ولو لم يحصل هذا لم يكن الاتفاق ليتمّ".
وفي مداخلة لاندرو بورسيل رئيس قسم التواصل في "ريبريف" أشار إلى تقرير مطول أصدرته ريبريف والأوروبية السعودية في يناير عن الإعدام في "السعودية"، حيث توصل التقرير إلى أن الاعدامات ازدادت منذ حكم الملك سلمان.
أشار إلى عمل ريبريف على الغسيل الرياضي منذ ٢٠٢٠ مع معهد بيرد. "كتبنا لـ "لويس هاميلتون" وشركة مارسيدس رسالة من ٣ ضحايا، احدهم على حافة الإعدامف. في السنة التالية ارسل هذا المهدد بالاعدام لهاميلتون حيث تطرّق في الرسالة الى قضايا حقوق الانسان في مؤتمر صحافي موجِها كلامه للفورمولا ١ بضرورة الالتفات لحقوق الانسان".
كما لفت إلى استراتيجية المنظمة بالنسبة للأحداث الرياضية وهي "محاولة التواصل مع اللاعبين القادمين للسعودية، لنطرح عليهم سؤال هل يمكنكم استخدام منصاتكم للمطالبة بالحقوق؟ لم يتجاوب أي لاعب حتى اليوم في السعودية معنا"، لافتا إلى وجود شروط في اتفاقيات اللاعبين حول السرية والصمت.
وقال مستشار السياسات في منظمة العفو الدولية؛ فرانك تانغبرغ "رغم ادعاء الفيفا انها ديمقراطية الا انها لم ترد على اتهامها باهمال حقوق الانسان.
مؤكدا أن " الفيفا ارتكبت تغاضي عن المسؤوليات تجاه حقوق الانسان. في ٢٠٢٢ قام رئيس الاتحاد النرويجي بانتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في قطر، وهو ممن طالبوا بمقاطعة المونديال في قطر ومحاسبة الفيفا".
وتابع " فشلت الفيفا في حماية أغلب العاملين الأجانب خاصة خلال المونديال في قطر، وفي منحها السعودية اقامة كأس العالم، هل هذا سيعني أيضا تجاهل حقوق الانسان في السعودية؟"
وتساءل "هل سيقوم الاعلام الذي سيغطي استضافة السعودية لكأس العالم، بذكر محمد الغامدي المحكوم بالاعدام بسبب تغريدات بالنسبة؟ هل سيتمكنون من انتقاد السعودية؟ "
دور المنظمات الحقوقية:
وحول الدور الذي يمكن لذوي الضحايا والمنظمات الحقوقية في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في مواجهة الماكينة التي تتصدى لأي صوت حر، يقول مدير التقاضي الاستراتيجي في المجلس العربي المعتصم الكيلاني: "عملنا في المؤسسة على إعداد تقرير حول حرية التعبير في العالم العربي. وكان الواقع السعودي هو الأكثر لفتا للنظر من جهة القيود الواسعة على حرية التعبير بسبب الاعتقالات التعسفية لنشطاء مستخدمي الإنترنت".
هناك نقص واضح في العدالة في المحاكمات الجماعية وعدم تأمين حق الدفاع بتغيير لقوانين المحاكمات المدنية.
بالنظر إلى مفهوم "الأعمال التجارية وحقوق الانسان" نجد تناقضا كبيرا للغاية تتعامل به السعودية. حيث يقوم هذا المبدأ على أساس وشرط واضح وهو قيام توازن بين التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان. أما ما نراه اليوم في الحكومة السعودية هو استخدام الاستثمارات والاعمال التجارية الغير مبررة في تبذيرها المالي للتغطية على انتهاكات حقوق الإنسان.
مؤكدا أن "ما تقوم به السعودية اليوم ينطلي تحت ما يُسمى بالغسيل الرياضي لتحسين صورتها في مجال حقوق الإنسان وجعلها وجهة سياحية عالمية رائدة".
اما في إطار اضاءته على دور ذوي الضحايا فاعتبر ان "تفعيل هذا الدور يكون عبر توفير الدعم النفسي والاجتماعي ، المساعدة القانونية، توفير المأوى والحماية وضمان الوصول للعدالة. وهذا كله يأتي ضمن دور المنظمات الحقوقية.
من خلال رفع دعاوي يمكن الربط بين استثمارات السعودية في الدول الأوروبية مثلا من اجل الضحايا، عبر استخدام الولاية القضائية العالمية".
وتنبع أهمية الأمر هذا في ظل "استنفاذ طرق التقاضي المحلية حيث بات الجهاز القضائي في السعودية جزءا من آلة الانتهاك التي تُمارس".
وأخيرا في مداخلة من زوجة المعقل محمد القحطاني؛ مها القحطاني، تقول "انتهت محكومية زوجي منذ ١٣ شهر وأخفي قصرياّ فيما بعد. منذ أكتوبر ٢٠٢٢ لم نتمكن من التواصل مع زوجي محمد القحطاني".
وتلفت إلى عديد محاولاتها الفاشلة في تلقي أي رد من مختلف الجهات التي تواصلت معها لمعرفة مصير زوجها، حتى أنها ارسلت بمراسيل إلى محمد بن سلمان، "إلى الآن لم ترد علينا اي جهة رسمية، خاطبت هيئة حقوق الانسان وهيئة السجون وأمير الرياض والملك وولي العهد.
ارسلت خطابات لكل الجهات وطرقت كل الأبواب المتاحة لي". وتتابع "بعدها ارسلت لوفد المملكة السعودية في الأمم المتحدة، ثم تواصلت مع السفارة، دون اي فائدة".
مستنكرة وضع البلاد السيء في ظل حكم ابن سلمان بما يتعلق باحترام كرامات المواطنين.
كما أشارت في الختام إلى تعرضها للتهديد حتى خلال تواجدها في الولايات المتحدة الأميركية.
ارسال التعليق