لهذا يعتبر الإسرائيلي المساس بسلمان ونجله خطاً أحمر
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمريأنسحب المستشار في مكتب رئيس وزراء كيان العدو الإسرائيلي والمحلل الصحفي الأكاديمي والباحث الأول في مركز بيغين السادات للدراسات والابحاث الاستراتيجية إدوارد حاييم كوهين (إيدي كوهين)، من برنامج المناظرة اليومية على شاشة "آي 24 نيوز" الإسرائيلية إحتجاجاً على شتم الخبير في شؤون الشرق الأوسط الكاتب الفلسطيني حسن مرهج، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، معتبرا (والكلام لإيدي) إن الملك سلمان "خط أحمر" بالنسبة للكيان الإسرائيلي. مشدداً: أن دعم حكام السعودية والبحرين والإمارات للإرهاب التكفيري "يمثل الاسلام الحقيقي"، ومدعيا أنهم "لا يمارسون سياسة ضد مصالح بلادهم" - على حد تعبيره؛ وقد واجه إنسحابه هذا بإحتفاء كبير من السلطة السعودية وكتابها ووسائل اعلامها.
القصة بدأت منذ مطلع القرن الماضي عندما وضع الإستعمار الخبيث بريطانيا آل سعود كذراع لهم على حكم بلاد الحجاز وضمن ولائهم، لتكون اللبنة الأولى لبناء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين والسيطرة على المسجد الأقصى أولى القبلتين.. وعندما أندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م بقيادة الشيخ عز الدين قسام وعجز البريطاني المحتل من إخمادها، إستعان فوراً بعميله عبد العزيز آل سعود فأرسل وزير خارجيته آنذاك فيصل مستجديأً زعماء الثورة الفلسطينية إيقافها كافلاً لهم وفاء (صديقتنا بريطانيا)- على حد وصفه - فأوقفت الثورة ثم أخمدت، وكان ذلك أول خطوات ضياع القدس والحبل جرار قائم على بيعها بالكامل حتى يومنا هذا.
الاستعمار الأمريكي الحديث أستغل غباء وبلاهة آل سعود وما تملكه الجزيرة العربية من موارد بترولية هائلة ليضع يده عليها جملة وتفصيلاً، منتزعاً كل ذلك من الإستعمار البريطاني العجوز الذي أنهكته الحروب الآسيوية، فكانت المبادرة الأولى من الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" (4 مارس 1933 – 12 أبريل 1945) ليبادر الى توقيع "إتفاق كوينسي Quincy Pact" الستراتيجي المهم القائم حتى الآن بين البلدين، وذلك مع رجل لندن الخدوم والوفي عبد العزيز آل سعود في فبراير عام 1945 دون علم البريطانيين خلال لقاء ضم إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسي وملك مصر فاروق الأول ايضاً على متن الطراد الأمريكي يو أس أس كوينسي (CA-71)، ذلك الاتفاق الذي تم تجديده بعد ستة عقود وللفترة ذاتها بين عبد الله وجورج دبليو بوش عام 2005، حيث ترى الأسرة السعودية الحاكمة حياتها التمسك به بقوة.
ينص "أتفاق كوينسي" على أن "تتكفل واشنطن بالحماية المطلقة لحكم آل سعود مقابل ضمان الرياض لتدفق الطاقة للولايات المتحدة بشكل استراتيجي"، فيما الحقيقة تجافي المكتوب مؤكدة موافقة عبد العزيز آل سعود على إنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" حتى قيام الساعة والأستمرار في دعمها (وفق مذكرات شهود ثلاثة لهذا الحدث الهام، أولهم الكولونيل إيدي، في كتابه عام 1954 بعنوان: " فرانكلن روزفلت يقابل إبن سعود F. D. R. Meets ibn Saud "، أما الثاني فهو الكابتن البحري جون كيتنج Captain John S. Keating قائد المدمرة سكوادرون 17 التابعة للبحرية الأمريكية والذي شرح ذلك في مقال نشره في احدى المجلات عام 1976 تحت عنوان " مهمة الى مكة: الطراد ميرفي Mission to Mecca : The Cruise of the Murphy "، وأخيرا وليام إم ريجدون William M. Rigdon المساعد البحري للرئيس روزفلت آنذاك وكتبها في مذكرات بعنوان " بحار البيت الأبيض White House Sailor")؛ تلك الحقيقة التي ذكرها عبد العزيز من قبل في رسالته الخطية للضابط البريطاني “بيرسي كوكس” عام 1915، بأنه "لا مانع أن أعطي فلسطين للمساكين اليهود! ... للمساكين اليهود أو غيرهم وكما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها, حتى تصيح الساعة".منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا وآل سعود يقدمون كل ما يملكونه على طبق الخنوع والخضوع والإنبطاح للسيد الأمريكي الراعي، فلهم الدور الكبير والأساس في نشر ثقافة الفكر التكفيري الوهابي في ربوع المعمورة وهو ما أشار اليه الصهيوني "إيدي كوهين"، حيث دعم الرياض للحرب في أفغانستان ثمانينيات القرن الماضي، أبسط أمثالها والذي أفضى الى نشأة أجيال جديدة من الإرهابيين المسلحين بدأت بقاعدة أسامة بن لادن، وانتهت بخلافة أبو بكر البغدادي، ناهيك عن دور الرياض في نشر التطرف حول العالم بدعوى نشر "لإسلام الصحيح" - من مقال "الرياض وواشنطن 2016: انتهاء الدور الوظيفي للمملكة المتداعية" في صحيفة البديل بتاريخ 26-12-2015.
على شاكلة "الولد سر أبيه" وفي الذكرى المئوية لوعد عبد العزيز أعاد سلمان الاعتراف بدولة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين وعاصمتها القدس متجاوزاً حتى ما تسمى "مبادرة السلام العربي" والتي أطلقها أخوه عبد الله خلال القمة العربية في بيروت عام 2002، ولكن على لسان نجله محمد الذي أخذ بزمام المملكة جملة وتفصيلاً ليعترف بـ"حق إسرائيل في الوجود" وأن "الإسرائيليين لهم الحق في إمتلاك أرضهم الخاصة" وذلك خلال حوار مطول أجراه معه الصحفي اليهودي الأمريكي "جيفري غولدبيرغ" ونشرته صحيفة "the atlantic" الأمريكية، خلال زيارته للولايات المتحدة في نيسان 2018، وصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" نقلت عن مدير مركز الدراسات الإسلامية بمعهد التنمية الابتكارية "كيريل سيمونوف" قوله: "أن السعودية وإسرائيل تتجهان نحو التعاون العسكري في المستقبل المنظور، فيما التنسيق السياسي والأمني بينهما قائم على قدم وساق منذ سنوات طويلة بالسر متجهاً نحو العلن بذريعة التصدي لايران".
"إيدي كوهين" كان قد كشف عن الدور الكبير لمحمد بن سلمان في دعم "صفقة القرن" وتمويله ورشة البحرين التي ولدت ميتة، منوهاً عن ميلاد مجلس تعاون خليجي جديد يريد التطبيع مع "إسرائيل" دون الالتفات للقضية الفلسطينية، وكاشفاً عن إحتمال إستضافة السعودية للمؤتمر الثاني أو الثالث في هذا الإطار، ومصادر مقربة من القصور الملكية تكشف النقاب عن إحتمالية تسمية الجنرال المتقاعد أنور عشقي لتولي منصب أول سفير لدى تل أبيب، مشيرة الى الزيارات المتكررة لعشقي وتركي الفيصل الى القدس المحتلة.
موقع "هيئة البث الإسرائيلي باللغة العربية" كشف النقاب عن أن "أميراً من البلاط الملكي السعودي زار القدس المحتلة سراً خلال الأيام التي سبقت إنعقاد "ورشة البحرين" وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام (العربي الفلسطيني) للأمام. و إذاعة إسرائيل" تكشف عن قيام ولي العهد السعودي بزيارة لتل أبيب في 7 سبتمبر/إيلول 2017 بمعية القحطاني، والتقيا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ليقول أن "العلاقات والتعاون مع الدول العربية بأنها الأفضل وتسجل رقماً قياسياً غير مسبوق في تاريخها".
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نشرت مقالاً تحليلياً للكاتبة الصهيونية المتطرفة "تسفيا غرينفيلد" دعت فيه لضرورة دعم محمد بن سلمان بشكل كامل، قائلة: إنه "الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ 50 عاماً"، معتبرة أن "عزله سيكون مدمّراً بالنسبة الى إسرائيل". واضافت: إن الإسرائيليين ظلّوا 5 عقود يصلّون ويرجون من أجل حضور زعيم عربي رئيسي يوافق على توقيع اتفاق هام مع "إسرائيل"، مؤكّدة أن هذا القائد قد وصل أخيراً؛ ممثّلاً بمحمد بن سلمان!!.
ارسال التعليق