استنفار وحواجز وإطلاق نار.. ابن سلمان اعتقل عمه وابن عمه بعد دعوتهما للقائه وهذا ما جرى في القصور الملكية
التغيير
وسعت سلطات آل سعود، من دائرة الاعتقالات التي بدأتها أمس السبت، لتشمل إلى جانب الأمراء، عسكريين ومسؤولين في وزارة الداخلية، اتهموا بمساندة أمراء متهمين بتدبير انقلاب يهدف إلى الإطاحة بولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، الذي يُنظر إليه على أنه الحاكم الفعلي للبلاد. حسب ما قالت وكالة الأنباء الفرنسية.
وأكد مسؤول غربي للوكالة نقلاً عن مصادر داخل حكومة آل سعود، اعتقال العسكريين، دون أن يوضح تفاصيل حول عددهم، مشيراً إلى أنه مع “عملية التطهير هذه، لم يعد هناك منافس لمنع وليّ بن سلمان من الوصول إلى العرش”.
وفي تفاصيل أكثر، قال مصدر آخر للوكالة الفرنسية، إن “عملية التطهير” تمّت بعد تراكم السلوك السلبي من قِبل الأميرين (أحمد بن عبد العزيز، ومحمد بن نايف)”، من دون أن يخوض في التفاصيل، في حين أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في وقت سابق، أن الأميرين اللذين كانا في الماضي مرشحَين للعرش، يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة وصولاً إلى احتمال الإعدام.
وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الامريكية، أن الأميرين أحمد ومحمد بن نايف عادا من رحلة صيد، يوم الخميس الماضي، قبل أن يتلقّيا اتصالاً يدعوهما للقاء ولي عهد آل سعود محمد بن سلمان، بالقصر الملكي، في الساعة الـ7 صباح يوم الجمعة، وعندما وصلا إلى القصر، تم اعتقالهما.
بعد تنفيذ الاعتقالات، أقامت قوات الأمن التابعة لابن سلمان حواجز على جميع الطرق في أنحاء عاصمة آل سعود، وفقاً لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية، مضيفةً أن ذلك “أثار المخاوف من الاضطرابات في أعقاب الاعتقالات” التي طالت الأمراء.
وفي هذا السياق أكد مغردون صحة الاستنفار الامني، وفرض الحواجز العسكرية، في حين ذكروا أن أصوات إطلاق نار سُمعت في بعض القصور الملكية بالرياض.
وذكر المغردون كذلك أن سلطات آل سعود أوقفت الرحلات القادمة والمغادرة في مطار الرياض.
هذه الاعتقالات أثارت تساؤلات حول صحة سلمان، وما إذا كان محمد بن سلمان قام بهذه الخطوة الاستباقية؛ لقطع الطريق على الأمراء أصحاب النفوذ الذين قد يشكلون خطراً على توليه السلطة من بعد أبيه.
لكن صحيفة The New York Times قالت نقلاً عن طبيب له صلات بمستشفى سعودي نخبوي -يُعالَج فيه أعضاء العائلة الملكية- إنه لم يتلقَّ أي تقارير تفيد بأن الملك مريض.
كانت وكالة رويترز قد كشفت، السبت، نقلاً عن مصدر خاص -لم تذكر اسمه- قوله إن “سلمان هو من وقَّع بنفسه على أمر اعتقال الأمراء”.
هذه الاعتقالات التي تُظهر تشديد بن سلمان قبضته على السلطة بإقصاء آخر خصومه المحتملين، تأتي في سياق حسّاس بالنسبة إلى المملكة، التي تعتمد على النفط بدرجة كبيرة، وتواجه انخفاض أسعار الذهب الأسود.
كما أن المملكة قد أُجبرت في الآونة الأخيرة، بسبب فيروس “كورونا المستجد”، على تقييد الوصول إلى المواقع الإسلامية المقدسة التي تُعتبر مصدر دخل مهمّاً للمملكة.
في السنوات الأخيرة، عزَّز بن سلمان قبضته على السلطة من خلال سجن رجال دين ونشطاء بارزين وكذلك أمراء ورجال أعمال نافذين.
ويُعتبر محمد بن سلمان القائد الفعلي للبلاد، لأنه يسيطر على مفاصل الحكم الرئيسية، من الدفاع إلى الاقتصاد، وتُعرف عنه أيضاً رغبته في إخفاء آثار أي معارضة داخلية قبل وصوله رسمياً إلى العرش، وفقاً للوكالة الفرنسية.
لكن صورة بن سلمان الإصلاحية كانت قد تشوَّهت إلى حد كبير، من جراء مقتل الصحفي البارز جمال خاشقجي داخل قنصلية آل سعود في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، في عملية أثارت سيلاً من الانتقادات الدولية.
المحللة السياسية بمؤسسة “راند” للدراسات في الولايات المتحدة، بيكا فاسر، قالت تعليقاً على التوقيفات الأخيرة، إن “محمد بن سلمان بات أكثر جرأة، فسبق أن أزال أي تهديد أمام صعوده، وسجن أو قتل منتقدين لسلطته من دون أن تكون لذلك أي تبعات”.
أضافت فاسر: “هذه خطوة إضافية لتعزيز قوته، ورسالة إلى الجميع، ومن ضمنهم أفراد العائلة المالكة، بألا يقفوا في طريقه”.
يذكر أنه بعد تولي السلطة احتجز بن سلمان عديداً من أفراد الأسرة الحاكمة في 2017، ضمن حملة قالت المملكة إنها لمكافحة الفساد، وعُرفت حينها باسم “حادثة الريتز كارلتون”، نسبة إلى فندق “ريتز كارلتون” الذي تم احتجاز الأمراء فيه.
تأتي عملية الاحتجاز الأخيرة، في وقت تزايدت فيه حدة التوتر مع إيران، ومع تنفيذ محمد بن سلمان إصلاحات اجتماعية واقتصادية، من بينها طرح أوّلي عام لشركة أرامكو النفطية العملاقة بالبورصة المحلية في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وكان بن سلمان لقي إشادة في الداخل؛ لتخفيفه القيود الاجتماعية بمملكة آل سعود وفتح الاقتصاد، لكنه تعرَّض لانتقادات دولية، بسبب الحرب المدمرة في اليمن، وقتل الصحفي جمال خاشقجي، واحتجاز نشطاء يدافعون عن حقوق المرأة في إطار حملة على المعارضة.
ارسال التعليق