بعد خمس سنوات... هادي وحكومته..يكتشفون أنهم مطية للتحالف السعودي
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكي
كان واضحاً منذ البداية للقاصي والداني، أن العدوان السعودي الإماراتي له أهداف غير تلك التي أعلنها السعوديون، وهي إرجاع هادي وحكومته أو ما يسمونه الشرعية إلى صنعاء، وإلزام الأطراف اليمنية بمخرجات الحوار، وبالمبادرة الخليجية.. فهذه الأهداف وما يشاكلها لم تكن سوى غطاء للأهداف الحقيقية وهي احتلال اليمن واستغلال ثرواته والتحكم في شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما إليها، وللإشارة فأن الكثير من الكتاب اليمنيين والعرب وحتى من الكتاب الأمريكيين والبريطانيين، كتبوا وحللوا المرات عديدة، حول هذه الأمور مؤكدين الأهداف الحقيقية للعدوانيين.. غير أن هادي ومن يدور في فلكه من اليمنيين، ممن وقفوا إلى جانب السعودية والإمارات في العدوان على شعبهم، ما كانوا يصدقون بهذه الحقيقية، أو أنهم يعرفونها ولكنهم محلى عليهم بالوقوف إلى جانب العدوان وتمثيل دور أبي الرغال وخيانة بلدهم وشعبهم، فظلوا طيلة هذا العدوان وعلى مدى هذه المدة التي تجاوزت الأربع سنوات يشيدون بالسعوديين والإماراتيين يسوقون للشعب اليمني، بأنهم جاؤوا "لإخراج الحوثيين" و"لتحرير اليمن منهم.. ويكيلون المديح للعدوانيين، ويتغاضون عن جرائمهم بحق الشعب اليمني وعن مجازرهم المروعة التي تتكرر إسبوعياً، ويشكلون غطاءاً بهذا العدوان، ويبررون له ارتكاب هذه المجازر، والفتك باليمنيين، والاعتداء على خيارهم، وعلى إعراضهم، وما إلى ذلك كثير وكثير..فظلوا مثل الببغاوات يرددون ما يقوله "التحالف العدوان السعودي الإماراتي" بحق اليمن واليمنيين، حتى طفح الكيل، فانبرى بعضهم إلى التفوه بالحقيقة والاعتراف بها، ليؤكد ما كنا وما كان العالم الحر يقوله بشأن أهداف وجرائم هذا العدوان وإذا جاء هذا الاعتراف على شكل إشارات عابرة بعض الوزراء والمسؤولين في حكومة هادي، فأنه جاء صريحاً على لسان نائب رئيس وزراء حكومة هادي، وزير الداخلية أحمد الميسري، حيث شن هجوماً هو الاعنف على السعوديين والإماراتيين وذلك بتاريخ 5/5/2019 قال فيه "ان الشرعية اليمنية كانت تريد منهم أي (السعوديين والإماراتيين) الزحف على الحوثيين شمالاً وليس الزحف شرقا (في إشارة إلى سيطرة قوات سعودية على المهرة الحدودية، في أقصى شرق اليمن"، حيث انتشرت هذه القوات السعودية في سواحل مدينة جوف، كما وسيطرت على منفذ صرفيت الحدودي مع سلطنة عُمان.
وأشار نائب رئيس وزراء هادي إلى هيمنة وسيطرة السعوديين والإماراتيين، والى تهميشهم حكومة هادي وإهمالها، إذ قال "إن الشراكة مع التحالف كانت ضد الحوثي وليس لإدارة المحافظات المحررة". على حد قوله.
ثم يشير الميسري إلى إبعاد حكومته عن إدارة المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها قوى العدوان، مؤكداً إن هذه الحكومة لا حول لها ولا قوة وليس لها حضور في المناطق التي يسميها الميسري محررة وفي هذا السياق قال "نعتقد أن اليمن ما زالت دولة، قد تكون ضعيفة، لكننا دولة". وتابع: "يجب أن نياط بمؤسسات الدولة الشرعية إدارة المناطق المحررة، وبدعم من الأشقاء في الرياض وأبوظبي".
وذهب الميسري إلى أبعد من ذلك، حيث حذر التحالف أن السكوت على هذا التهميش للحكومة اليمنية المتحالفة معه، وهذا الإهمال لها والتكالب على البلد لا يستمر، فهناك من يقول لا، ويعترض ويطالب بالتقويم وتحديد البوصلة نحو مسارها الصحيح بحسب ما يعتقد حيث قال "نحن بلد يمرض، لكنه لا يموت.. هناك رجال دولة- مخاطباً حلفائه السعوديين والإماراتيين- لديهم الجرأة أن يقولوا لهم ان السير معوج، ولا بد أن يستقيم الحال.."وكان الميسري ذاته قد طالب في أواخر شباط الماضي، بتصويب العلاقة مع "التحالف السعودي" وقال إن خللا يشوبها مشيراً إلى أن جهات تنازع سلطات وزارته التحكم بالملف الأمني.
وفي أواخر شباط الماضي، بتصويب العلاقة مع "التحالف السعودي" وقال إن خللا يشوبها مشيراً إلى أن جهات تنازع سلطات وزارته التحكم بالملف الأمني.
وفي آذار مارس من العام الجاري كان وزير النقل في حكومة هادي صالح الجبواني قد دعا إلى تصحيح العلاقة مع الأمارات، واعتبر أن هذه العلاقة أصبحت ملتبسة، وان "للشرعية" (حكومة هادي) أن تتخذ موقفاً بتصحيح علاقتها بأبو ظبي أو فض التحالف معها ". ولم يكن الجبواني وحده من ينبري للإمارات لانتقادها على تصرفاتها، بل أعقبه بأيام محافظ محافظة المحويت صالح سميع، حيث شدد على "ضرورة إخراج ذلك الطرف (الإمارات) من التحالف العربي"، دون أن يسميه، واتهم أبو ظبي ضمنياً بالوقوف خلف جميع المشاكل والانتكاسات التي تتعرض لها (الحكومة الشرعية) ". على حد قوله.
والى ذلك فهناك الكثير من الأصوات، سواء من قيادات عسكرية في حكومة هادي، أو من قيادات سياسية وحتى رؤساء قبائل، ألتي تنتقد تصرفات وسلوكيات السعوديين والإماراتيين في اليمن..وكلها تؤشر إلى جملة معطيات على جانب كبير من الأهمية منها ما يلي:
1ـ تصاعد حالة التململ والتبرم عند حكومة هادي، ووزرائها من السعوديين والإماراتيين، تؤشر إلى تفاقم المأزق الذي تعيشه هذه الحكومة في ظل الاحتلال، المأزق الذي رافق هذه الحكومة منذ اليوم الأول الذي رهن فيه هادي ومرتزقته مصيرهم ومصير بلادهم وشعبهم للعدوان السعودي والإماراتي على اليمن، فهذه الحكومة و"الرئيس هادي" الذي شُنت الحرب باسمه وهو لا يعلم بها إلا من وسائل الإعلام بحسب اعترافه، والذي وُعد بإرجاعه إلى صنعاء لم يُسمح له بالعودة حتى إلى عدن، وكلما عاد لها لم يبق فيها إلا أياماً معدودة، حيث تقوم القوات الموالية للأمارات بالتضييق عليه وطرده، ليعود قافلاً في مقره الدائم في فنادق الرياض، وإذا كانت شلة هادي محاربة من قبل الأمارات، فأنها تجد نفسها اليوم وبعد أكثر من أربع سنوات على العدوان، أنها محاربة أيضاً من الحليف السعودي، الحليف التقليدي، فهذا الحليف بدأ يتجاهلها و"الرئيس" هادي يعتمد على قوى يمنية أخرى، بل ويلجأ في الكثير من المرات إلى التنكيل بإتباعها ومرتزقتها، ذلك ما زاد من مأزق هذه الحكومة وهذا الرئيس المخلوع، فهم من جهة يتحدثون باسم الشعب اليمني، وإنهم شكلوا غطاءاً أو وفروا هذا الغطاء الشرعي للعدوان، ومن جهة أخرى أن هذا العدوان يتجاهلهم وينكل بالشعب اليمني ويغتال رجالاته ورموزه، فبعض الأوساط الإعلامية الخليجية كشفت أكثر من 300 سجن في مناطق التي يعتبرها هادي وحكومته أنها محررة تديرها الأمارات تعج باليمنيين واليمنيات ممن يعترضون على تصرفات الاحتلال الإماراتي وإهانة المتكررة للفرد اليمني، وعلى نهب هذا الاحتلال لثروات الشعب اليمني والسيطرة على موانئه وجزره وما إلى ذلك، ففي جزيرة سقطري التي تأن من الاحتلال الإماراتي، نهبت الأمارات حتى ترتبها فضلاً عن أشجارها وطيورها، ونقلت ذلك إلى الإمارات،كما أكدت منظمات دولية ذلك، وأكدت وجود تلك السجون وحالة القهر والاضطهاد التي يعاني منها المواطن اليمني في المناطق التي يسيطر عليها الاحتلال الإماراتي والسعودي. والأمر ذاته ينطبق على المحتل السعودي، كما يجري في المهرة الآن، حيث هناك مقاومة شعبية متصاعدة لسيطرة القوات السعودية وقوات القاعدة المدعومة من السعودية على موانئ ومواقع المدينة العسكرية والحساسة، وتجاهل سعودي تام لهادي وحكومته الخائنة.
2ـ أحاديث المسؤولين في حكومة هادي، تشير إلى أنهم مجرد ورقة خاسرة استفاد منها العدوان في تبرير وتسويق الحرب على الشعب اليمني وصولاً إلى أهدافه، ومن ثم الرمي بهذه الورقة في سلة المهملات.. وهذا ما يكشفه تصريح محافظ محافظة المحويت صالح سميع، الذي أشرنا إليه قبل قليل، وفي التفاصيل قال سميع لقناة سهيل اليمنية في 12/3/2019 " أن بعض حلفائنا ( دولة الإمارات) دخلوا معنا بحجة المواجهة ودعم الشرعية، لكن حقيقة عملهم معنا هو الثورة المضادة.. وينظر (الحليف) إلى (الشرعية) على أنها ثمرة من ثمرات الربيع العربي ولا بد من وأدها بشرعية بديلة". وأضاف مشيراً إلى تهميش الإمارات أو تقصد وتعمد الأخيرة إلى تهميش هادي ومحاربته، قائلاً "بعد دخول قوات الإمارات إلى المناطق اليمنية " المحررة " من "جماعة الحوثي" تحت تصفية من حرّر هذه المناطق، وتابع قوله " إن رأس الدولة ممنوع من العودة إلى المناطق " المحررة " منهم وزير الدفاع، فهو ممنوع بالاسم من دخول محافظة عدن ولا يستطيع حضور جلسات مجلس الوزراء ". وأستطرد المحافظ قائلاً " إن هادي طلب دعم المملكة السعودية ولم يطلب دعم أي دولة أخرى، ووصف ذلك الطرف، في إشارة إلى الإمارات، بأنه أرعن ويتصرف تصرفات غبية " أكثر من ذلك، اعتبرها تتصرف بشكل لئيم في اليمن، مشيراً إلى انه حان الوقت ليقوم هادي وحكومته، ويؤكد ما ذهبنا إليه، فيما يخص إزدراء واحتقار الإمارات واحتلالها لليمن لهؤلاء المرتزقة، مرتزقة هادي، أيضاً يؤكده ما قاله وزير الدولة في حكومة هادي عبد الغني جميل على صفحته بالفيس بوك يوم6/5/2019 تعليقاً على تهديدات مستشار ولي العهد لأبو ظبي الدكتور عبد الخالق لوزير الداخلية أحمد الميسري، حيث قال جميل" اذا قلت للإمارات لا هذا قش صح، اللي تعلموه هذا خطأ، فتوقع واحدة من ثلاث: إما السعي لاقالتك بشتى الوسائل، أو تُمنع من دخول عدن بحجة إنك إصلاحي، أو ربما يتطور الأمر لتصفيتك تحت عدة ذرائع"! وكان الدكتور عبد الخالق عبد الله مستشار بن زايد قد رد على الميسري رداً عنيفاً، على انتقاده " للتحالف " حيث قال عبد الخالق " أقل ما يقال بحق هذا الوزير اليمني انه جاحد وناكر للجميل ويسعى لإضعاف التحالف وهو الذي يعيش في حمايته "! وهدد هذا المستشار وزير الداخلية في حكومة هادي بالقول إن للصبر حدود، الأمر الذي يكشف الذل والهوان الذي يعيشه هادي وحكومته في ظل الاحتلال السعودي الإماراتي.
3ـ يتحمل هادي وحكومته، والمرتزقة الملتفون حوله من اليمنيين، المسؤولية المباشرة عما يقترفه الاحتلال السعودي ونظيره الإماراتي من جرائم وحشية ومجازره مروعة بحق أبناء الشعب اليمني، لأنه كما أشرنا في السطور الماضية وفّر هادي وزمرته بتأييدهم العدوان السعودي الإماراتي على الشعب اليمني غطاءاً "شرعياً " ومبرراً أمام المجتمع الدولي في شن هذا العدوان الغاشم، ذلك أن ما يتحدث عنه اليوم وزراء حكومة هادي كان يحصل منذ اليوم الأول لدخول المعتدين السعوديين والإماراتيين اليمن بعد شنهم الحرب الظالمة عليه، غير أن هؤلاء المرتزقة لم يعترضوا في ذلك الوقت، حتى ضربت مصالحهم وبات المحتلون يهمشونهم! ولذلك فمن الأفضل لهؤلاء المرتزقة أن يؤبوا إلى رشدهم ويعودوا لشعبهم ويكفروا عن سيئاتهم وإجحافهم بحق شعبهم، فهذا أقصر طريق لهم، يخلصون به أنفسهم وشعبهم ويوجهون فيه ضربة قاتلة للاحتلالين السعودي والإماراتي اللذين أتضح لهؤلاء المرتزقة إنهما لا يفكران سوى بالهيمنة والسيطرة على شؤون اليمن بلداً وجغرافيا وثروات وشعباً..
على أن اعترافات وزراء حكومة هادي، تكشف من جهة أخرى، تفاقم الصراع بين الإمارات والسعودية حول "الفريسة اليمنية" فكل منهما يريد الاستحواذ على هذه الفريسة، ويتجلى هذا الصراع في محاولة كل طرف منهما تحجيم مرتزقة وإتباع الطرف الآخر، من اليمنيين فالسعودية تحاول تحجيم رجالات الإمارات والأخيرة تحاول تحجيم هادي وحكومته ورجالاته، وقد مرّ بنا كيف ينتقد بعض وزراء هادي الجانب الأماراتي، أما الأخير فيحاول بكل صورة إحكام قبضته على المناطق اليمنية التي تحت سيطرته مثل عدن العاصمة الثانية لليمن وفي أحدث جريمة في هذا السياق، اغتيال شخصية كبيرة من رجالات هادي في عدن قبل يومين من كتابة هذه السطور، وهذا الاغتيال كما أشرنا يأتي في سياق العشرات بل مئات من العمليات المماثلة لرجالات هادي، والسعودية في عدن وفي باقي المحافظات التي تسيطر عليها الإمارات، وفي إطار الجرائم الإماراتية في تلك المناطق افتتح مدير مكتب الأوقاف في عدن محمد الوالي المقرب من الإمارات الشهر الكريم بحملة تغييرات لأئمة المساجد في المدينة، حيث أصدر قراراً بتغيير أمام مسجد في منطقة القلوعة، بالمدينة واستبداله بأمام آخر يدين بالولاء للإمارات والانتقالي الجنوبي، وحاولت قوة عسكرية موالية للإمارات تنفيذ قرار تغيير أمام المسجد بالقوة وتمكين الإمام الجديد، قبل أن يتدخل أهالي الحي ويتصدون للقوة المسلحة التابعة لشرطة عدن.. وسبق أن أصدر محمد الوالي، قرارات عزل وتعيين للعشرات من أئمة المساجد في عدن، متمرداً بذلك على التوجيهات الحكومية، والتعليمات الصادرة عن وزارة الأوقاف والإرشاد.
يشار إلى أن صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية كانت قد اتهمت في وقت سابق الأمارات والميليشيات المدعومة من قبلها بالوقوف وراء عمليات اغتيال أئمة المساجد في عدن، خاصة أولئك الذين ينادون بالوحدة اليمنية ويرفضون دعوات الانفصال التي تدعمها الأمارات. وقالت الصحيفة إنه - وعلى الرغم من التحالف السعودي- الإماراتي في الحرب باليمن- فأن للبلدين أجندات مختلفة من وراء دخولهما تلك الحرب.
وتأكيداً لما قالته الصحيفة الأمريكية الآنفة، فأن صحيفة الاماراتية هاجمت في عددها ليوم 7/5/2019، السعودية واتهمتها باستغلال الملف التنموي لتعزيز حضورها العسكري في اليمن ووصفتها بالمحتل.كما قللت الصحيفة الاماراتية من أهمية حجم "الدعم الذي تقدمه السعودية لليمن منذ أربع سنوات"، مشيرة الى ان المبالغ قدمتها السعودية لا توازي الخسائر التي تعرضت لها اليمن. واتهمت الصحيفة الاماراتية السعودية بتدمير البنية التحتية المهترئة أصلاً في اليمن. وآخر المعلومات الواردة من هناك تشير الى ان الخلافات السعودية الأماراتية في اليمن تتصاعد، ويمكن أن تصل الى حد الانفجار ما دامت أجندة كل منهما تريد السيطرة على البلد وإستعماره خدمة لاميركا، لكن الشعب اليمني عصي على الانكار وسوف يلقن الطرفين هزيمة ساحقة مثلما طرد غيرهم من الغزاة.
ارسال التعليق