حدث وتحليل
قرارات سلمان لتكريس سلطة ابنه.. وسقوط خديعة دولة القانون والحريات
[ادارة الموقع]
أصدر مؤخرا الملك السعودي سلمان سلسلة من القرارات التي تتضمن العديد من التغييرات في بعض المناصب الرسمية وإنشاء مناصب وهيئات حكومية اخرى، واللافت بالقرارات الجديدة أنها سلمت المزيد من السلطات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي بات يحوز على اكثرها دون معرفة كيفية قدرته على متابعة كل هذه الملفات.
كما ان القرارات الجديدة عينت بعض الاسماء القريبة من ولي العهد في مناصب تخدم الرؤى والخطط الجديدة التي يقودها ابن سلمان في حملة الانفتاح التي يريدها للبلاد، ومن بين هذه التعديلات إنشاء وزارة باسم وزارة الثقافة وفصلها عن وزارة الإعلام وتعيين الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان وزيرا للثقافة، علما ان الاخير هو وكيل ابن سلمان ومن ابرز المهمات التي اشتهر بتمثيله بها شراء احدى اللوحات الفنية للفنان الشهير ليوناردو دافنشي بمبلغ 450.3 مليون دولارا بأكثر من سعرها الحقيقي بكثير، كما تم إنشاء هيئة ملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وإنشاء مجلس للمحميات الملكية، برئاسة ابن سلمان ايضا.
دولة الرجل الواحد..
وهذه القرارات الجديدة تطرح المزيد من التساؤلات حول الجدوى من هذه التغييرات واستحداث المناصب؟ وعن السبب من جعلها بيد ولي العهد السعودي حصرا بالاضافة الى غيرها من المناصب؟ أليس في البلاد من هو أهل وصاحب جدارة وكفاءة لتسلم هذه المهام سوى محمد بن سلمان؟ وهل الأخير لديه من الكفاءة ما يكفي لتسلم كل هذه الملفات دفعة واحدة؟
الأكيد ان قرارات الملك تأتي في إطار تركيز السلطة بيد رجل واحد يتم التمهيد لتسليمه كل شيء في البلاد بدون أي ضوابط أو معايير قانونية او رقابية، فالعبرة في مملكة آل سعود ليست للكفاءة إنما هي فقط لرغبة الحاكم المطلق وبالتالي حتى من يتسلم المهام الاخرى سيكون تابعا لابن سلمان بشكل او بآخر او سيكون من فرقة الازلام والمستشارين المقربين منه، وغير ذلك لا يفكر احد بالوصول الى مناصب قيادية وعليا في البلاد، علما ان كل من كان في السلطة وليس تابعا للحالم بالجلوس على كرسي الملك في السعودية تم تسريح من منصبه او اعتقاله خوفا منه او للنيل من قدراته وأمواله.
وهذه الممارسات التي تتم تناقض بشكل واضح وفاضح كل الحديث الذي يحاول ابن سلمان الترويج له عن نقل البلاد الى عهد الحقوق والحريات بواسطة أدواته الاعلامية والسياسية، فمن يريد ايصال الحقوق لاصحابها لا يكتفي فقط بالسماح لهذه المرأة او تلك بقيادة السيارة، فلا يكفي السماح للبعض باقامة حفلات راقصة وغنائية للقول إن البلاد يوجد فيها قانون وأنظمة عادلة وتصل الحقوق الى اصحابها، انما الواجب ان يكون هناك آليات قانونية سليمة للتراتب الوظيفي في المناصب ولاعتماد معايير واضحة وشفافة في التعيينات بدل تسليم كل المناصب لشخص واحد هناك تشكيك اصلا بقدرته وجدارته بإدارة واحد من هذه الملفات بشكل سليم ومناسب.
مناصب بالجملة وشعارات زائفة..
والحقيقة ان المناصب والملفات التي بحوزة ابن سلمان كلها من الوزن الثقيل، فهو ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ويرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي، واليوم أضيفت له مناصب جديدة لها علاقة بالشؤون الدينية والثقافية والبيئية، كما انه يطرح مشاريع لها أبعادها المختلفة بدءا برؤية 2030 وصولا لمشروع نقل البلاد الى مرحلة ما يسمى الانفتاح ونقل الثقافة الغربية بأسوأ صورها الى المجتمع السعودي مرورا بمشروع نيوم وما يحمله من ابعاد تلتقي مع مشروع تيران وصنافير بفتح المزيد من الآفاق للعلاقة مع كيان الاحتلال الاسرائيلي.
والاجدر بمن يحمل لواء مكافحة الفساد في بلاده ان لا يعمل على الاستئثار وحيدا بكل الصلاحيات والسلطات، لان من لا يقبل بوجود غيره في السلطة وتداولها سواء على المستوى السياسي او حتى الاداري ومن ويرفض الرأي الآخر وووجود المعارضين او المنتقدين له في مختلف مجالات العمل العام لن ينجح في تمرير خديعة الحديث عن دولة قانون ومؤسسات وتطبيق أنظمة.
ولذلك على من يرفع شعار بناء الدولة البدء بوضع الاسس السليمة لذلك عبر تكريس مبادئ الديمقراطية الحقيقة والمواطنة وترسيخ مبدأ المساواة امام القانون في الحقوق والواجبات بدل تقسيم الناس الى مواطنين درجة مميزة واخرين من درجات دنيا، وفتح الباب امام المنافسة الشريفة بين المواطنين للوصول الى اي منصب قيادي في كل مرافق الدولة وعدم تركها حكرا على هذا الشخص او ذاك.
ارسال التعليق