لماذا أرسل ولي العهد 100 مليون دولار إلى سوريا؟!
[معتقلي الرأي]
عاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتقديم نفسه من جديد على أنه "رجل سلام" لا يريد سوى ارساء قواعد الاستقرار في المنطقة ولكني أعتقد بأن مهمة بن سلمان في اعادة هذه الصورة من جديد لنفسه أصبحت صعبة للغاية بعد الفشل السياسي والدبلوماسي الذي قدمه الأمير الشاب في مجموعة من القضايا والملفات الحساسة، فهل سيشفع له الغرب من بوابة سوريا التي يسعى لدخولها مجدداً ولعب دور "مسالم" فيها عبر ضخ ملايين الدولارات من جديد تحت مسمى " إعادة الاستقرار إلى المناطق التي حررت من تنظيم "داعش" في شمال شرقي سوريا".
نعم قدم بن سلمان 100 مليون دولار للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ولا نعلم ان كان قد قدم هذا المبلغ عن "طيب خاطر" أم هو جزء من ضريبة عليه أن يدفعها باستمرار لداعمه الاساسي مقابل المال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يسحب أموال المملكة رويدا رويدا ويستنزفها عبر جرها إلى حروب لاناقة للمملكة فيها ولا جمل، وربما هناك احتمال ثالث بأن ولي العهد أصبح في موقف لا يحسد عليه بعد حرب اليمن والدم الذي يسال هناك بشكل يومي والحرب الدبلوماسية مع كندا وغيرها من الملفات التي غرق فيها، فهل سيكون المال هو الحل للخروج من هذه الأزمات؟!.
الولايات المتحدة الامريكية قدمت الشكر للمملكة على لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو، الذي أجرى اتصالا هاتفيا مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، شكر خلاله المملكة على جهودها لـ"بسط الاستقرار" في سوريا.
وأوضحت الخارجية الأمريكية في بيان لها أن: "الوزير بومبيو أعرب عن شكره لولي العهد على دعم السعودية الحاجة الطارئة لبسط الاستقرار في شمال شرق سوريا وتعاونها مع الحكومة السعودية ومقترحها بشأن مساعدة العراق في حل قضية نقص المياه والكهرباء عبر إرسال سفن خاصة بتحلية المياه وتقديم وقود الديزل لمولدات الكهرباء".
على مايبدو أن الأمريكي أصبح ينظر إلى ولي العهد على أنه "رجل الحرب والسلام" يدعم جماعات متطرفة ويرسلها إلى قلب المعارك من جهة ويحاربها في نفس الوقت، يقدم أمولا لإعادة إعمار الأحياء التي دمرتها تلك الجماعات والخدمات الصحية والزراعة والكهرباء والمياه والتعليم والمواصلات في محافظة الرقة السورية، ويدمر اليمن وأبنيتها وبناها التحتية على رؤوس مواطنيها.
ولكن ما سر الـ"100 مليون دولار" هذه المرة؟!
أولاً: فشل ولي العهد فشلاً ذريعا في ادارة البلاد من الداخل، ولم يتمكن من الاستمرار في تسويق نفسه على انه ماضٍ في ثورة اصلاحية تعطي لكل ذي حق حقه لاسيما المرأة، ولم يكد بن سلمان يبدأ "اصلاحاته" حتى سقط قناعه وبدأ المجتمع الدولي يحرجه في موقف من هنا وتصريح من هناك، وكند ليست الأولى أو الأخيرة فقد سبقتها دول كثيرة منها النمسا وألمانيا، وبدلا من منحه حقوقا اضافية للمرأة وضع في السجن كل من يدافع عن حقوقها ويطالب بها من رجال ونساء، يضاف إلى هذا فشله في تحقيق أي خطوة عملية من رؤية 2030.
ثانياً: فشله في الداخل انعكس على سياسته الخارجية والعكس صحيح، فلم يستطع بن سلمان تحمل تغريدة واحدة من السفارة الكندية في السعودية تطالبه بالافراج عن النشطاء المعتقلين، ليصدر على الفور تصريحا عبر الخارجية السعودية التي غردت تقول، إنها لن تقبل بأي تدخل في الشؤون الداخلية للمملكة، وهي تعلم جيدا أنها بالغت في ردة فعلها تجاه كندا، وربما الـ100 مليون دولار قد تسكت الغرب لفترة وجيزة ريثما يعيد ولي العهد ترتيب أوراقه، خاصةً وأن الغرب لم يعد بإمكانه الصمت أكثر من ذلك عن تجاوزات بن سلمان داخل البلاد وخارجها.
ثالثاً: السعودية وبعد انتصار الحكومة السورية في معركتها ضد الارهاب، شعرت بأنها أصبحت خارج المعادلة الاقليمية والسياسية هناك، خاصةً أن غريمتها ايران تلعب دورا بارزا في دحر الارهاب من سوريا وهي شريك اساسي للرئيس السوري بشار الاسد، لذلك كان لابد لولي العهد من البحث عن طريقة جديدة للدخول في المعادلة السورية الجديدة قبل فوات الآوان.
الحقيقة الراهنة تقول بأن ولي العهد تائه ولايعلم من أين سيبدأ لكسب رضى الغرب من جديد وعدم الوصول إلى مكان يصبح فيه في عزلة دولية، حينها لن ينفعه لا ماله ولا حلفائه الأمريكان، الذين لا يترددون في بيع شركائهم حين يجدون ان الأمر لم يعد لصالحهم.
ارسال التعليق