الكونجرس يستطيع تحقيق العدالة لخاشقجي
رأت صحيفة “واشنطن بوست” أن “الكونجرس يستطيع تحقيق العدالة لجمال خاشقجي، أما ترامب فلن يفعل هذا”، وتحدّثت الصحيفة الأمريكية عن خطيبة الصحافي جمال خاشقجي الذي قتلته عصابة من العملاء السعوديين، في العام الماضي، في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية. وتشير افتتاحية الصحيفة، التي جاءت بعنوان “الكونجرس يستطيع تحقيق العدالة لجمال خاشقجي، أما ترامب فلن يفعل ذلك”، إلا أن خديجة جنكيز، التي لم تكن تعرف الولايات المتحدة كثيراً، وطالبة الدكتوراه التي لم تكن تخطّط للنشاط السياسي، جاءت إلى أمريكا هذا الأسبوع، حيث التقت مع المسؤولين البارزين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وقدّمت شهادة أمام الكونجرس. وتقول الصحيفة إن “جنكيز كانت تأمل بعد مقتله أن تحزن عليه بعيداً عن الأضواء، لكن الحقيقة المُرعبة التي أصبحت واضحة لها هي أن المؤسسات الديمقراطية الأمريكية، التي طالما تحدّث عنها خاشقجي، فشلت في تحميل المملكة العربية السعودية المسؤولية ومُحاسبتها”.
وتورد الصحيفة في الافتتاحية نقلاً عن جنكيز، قولها في شهادة قدّمتها للجنة فرعية أمام مجلس النواب يوم الخميس الماضي: “في الأيام الأولى قال الرئيس ترامب إنه سيتم حلها.. وقالت السيدة (نانسي) بيلوسي إن هذا وضع غير مقبول، وبعد سبعة أو ثمانية أشهر لم يتم عمل أي شيء”. وتعلّق الصحيفة قائلة: إن “إدارة دونالد ترامب فرضت عقوبات على 17 سعودياً قالت إنهم اشتركوا في جريمة القتل البشعة، فيما أصدر الكونجرس تشريعاً استخدم ترامب الفيتو ضده، وكان هذا التشريع سيُنهي الدعم الأمريكي لتدخل المملكة العربية السعودية في اليمن، وتجاهلت الإدارة طلباً مُلزماً قانونياً لتحديد ما إذا كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مسؤولاً عن جريمة القتل، وأوقفت تشريعاً آخر يُعاقب ولي العهد ونظامه”. وتلفتت الافتتاحية إلى أن جنكيز قالت إن السؤال الرئيسي للجريمة لم يتم الإجابة عليه، “لا نزال لم نعرف لماذا قتل” و”لا نعرف مكان جثته”.
وترى الصحيفة الأمريكية أنه “مع أن وزير الخارجية مايك بومبيو زعم أن الإدارة لا تزال تحقق في القضية، فإن من الواضح أن ترامب مُصمّم على دفنها، والمُشكلة في هذا ليس تعبيراً عن انحراف أخلاقي من الإدارة، لكنه دعوة لمحمد بن سلمان ليواصل قتل مزيد من الصحافيين والمُعارضين له”. وتنقل الافتتاحية عن جنكيز، تعليقها، قائلة: “لو مرّت جريمة قتل جمال دون عقاب، فإن هذا يعني أن حديثي أمامكم اليوم يُعرّضني للخطر”، وأضافت جنكيز: “إنها تعرّض كل شخص يُؤمن بالقيم العامة للخطر”. وتجد الصحيفة أن الكونجرس لديه فرصة التحرّك، مُشيرة إلى عمل السيناتور الجمهوري عن إيداهو، جيمس إي ريتش، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ على قرار يأمل بتصويت المجلس عليه دون أن يُعطي ترامب فرصة لاستخدام الفيتو ضده. وتنوه الافتتاحية إلى أن القرار لن يشمل تقييداً على ولي العهد السعودي، أو صفقات السلاح مع المملكة العربية السعودية، لكن فرض قيود على منح التأشيرات للنخبة السعودية وعائلاتهم لزيارة الولايات المتحدة، والطلب بإصلاحات ملموسة، بما فيها الإفراج عن السجناء السياسيين كلهم، وربما كان هذا التحرّك مفيداً”. وتفيد الصحيفة بأنه بموازاة ذلك يعمل النائب توم مالينوسكي، النائب الديمقراطي عن نيوجيرسي، على مشروع قرار يطلب من مدير المخابرات الوطنية توفير قائمة للكونجرس، تشمل أسماء المُتورّطين بقتل خاشقجي، وحرمانهم من دخول الولايات المتحدة، إلا إذا تم اتخاذ خطوات في موضوع حقوق الإنسان في المملكة. وتختم “واشنطن بوست” افتتاحيتها بالقول: إن “الكونجرس لا يستطيع عمل شيء لتعويض جنكيز عن خسارتها الفادحة، لكن لديه الفرصة لإعادة الأمل الذي حملته هي والكثيرون في الشرق الأوسط، بأن الولايات المتحدة لن تتسامح دون أي عواقب مع مقتل صحافي بارز وتقطيع جثته”.
ويذكر أن 17 سعودياً شملتهم عقوبات أمريكية؛ وذلك على خلفيّة اتهامهم بالتورّط في جريمة اغتيال خاشقجي في داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول التركية. وعقب مقتل خاشقجي، نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر عربي رفيع المستوى قال: إن قائد الفريق سعود القحطاني ذو علاقات مع العائلة المالكة في السعودية، وهو من أدار عملية قتل الصحفي السعودي. وقد أُجري اتصال عبر سكايب بين خاشقجي والقحطاني، حيث “أهان الأخيرُ خاشقجي وسبَّه، قبل أن يرد عليه خاشقجي، ليطلب القحطاني بعد ذلك من رجاله قتله، قائلاً لهم: أحضروا لي رأس الكلب”. وأثارت جريمة قتل خاشقجي غضباً عالمياً واسعاً لعدة عوامل؛ أبرزها وحشية الجريمة ذاتها من خلال تقطيع الجثة بمنشار كهربائي على أنغام الموسيقى، بحسب ما تناقلته وسائل إعلام دولية بناء على تسجيلات للجريمة. وخلص تقييم لـ”وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية” (سي آي إيه) إلى أن قتل خاشقجي كان بأمر مُباشر من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في حين ادّعت المملكة أن من أمر بالقتل هو رئيس فريق التفاوض معه (دون ذكر اسمه). بيد أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، شكّك في تقرير “سي آي إيه”، وتعهّد بأن يظل “شريكاً راسخاً للسعودية”، وهو ما دفع إلى تشكيك الكونجرس والإعلام الأمريكي في طبيعة علاقاته مع المملكة وابن سلمان.
ارسال التعليق