وهيبة بوحلايس
عرفت العلاقات السعودية الجزائرية توترا كبيرا وصفه البعض بالازمة الصامتة خصوصا بعد الزيارة الاخيرة التي قام بها الوزير الجزائري المكلف بشؤون جامعة الدول العربية عبد القادر مساهل الى دمشق وكان في استقباله الرئيس بشار الاسد شخصيا وهذا ما اعتبرته الرياض رسالة واضحة مفادها : ” نعم نحن نعترف بنظام الاسد ” أتت هذه الخطوة بعد رفض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقبال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ديسمبر الماضي واختصار الزيارة على محادثات اجراها مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة .
المملكة سعت خلال فترات سابقة الى ادخال الجزائر في تحالفها العسكري ضد المشاريع الايرانية للتوسع في المنطقة كما تعتقد وهو ما اعتبرته الجزائر شأنا خاصا وخلافا قديما بين البلدين يمكن حله عن طريق الحوار السياسي ، كما انها تتبع سياسة عدم التدخل عسكريا في الصراعات بين الدول مهما كانت الاسباب والنتائج وتكتفي فقط بالسعي الدبلوماسي لايجاد الحلول المناسبة لكل ازمة كما انها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول ، واحيانا تلتزم الصمت . الجزائر ليست فقط دولة مهمة عربيا بل هي ايضا الاهم افريقيا وتتمتع بالاستقلالية السياسية والاقتصادية ولها تاريخ عظيم لهذا فهي ترفض الانصياع الى اوامر تمليها عليها الدول حتى لو كانت شقيقة وهذا ما لم تفهمه السعودية جيدا خصوصا بعد رفض الجزائر الاعتراف بأن حزب الله منظمة ارهابية فانجازاته ضد الاحتلال الاسرائيلي يبعده عن اي تصنيف خارج عن نطاق مقاومة الاحتلال حسب الرأي الجزائري ، من جهتها الرياض اعتبرت ان الازمات التي تمر بها المنطقة العربية تحتم على الجميع العمل في صف واحد ضد كل ما يشكل تهديدا امنيا او اقتصاديا في المنطقة .
الخلاف السعودي الجزائري ليس حديث عهد فالجفاء بين البلدين يعود لسنوات طويلة ، تقريبا بعد استقلال الجزائر التي انتهجت حينها نظاما تقدميا ثوريا واحتضان رئيسها الراحل هواري بومدين انذاك الفكر الاشتراكي المعادي لكل ما هو امريكي بينما كانت السعودية الحليف الاول للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة وربما هذا ما زاد من حدة التباعد في وجهات النظر وليس هذا فحسب فقد حصلت تصادمات مرات عدة بين البلدين بداية من حرب الخليج الاولى ووصولا الى طاولة المحادثات الاخيرة التي جمعت الاطراف الخليجة في منبر واحد مع الرئيس الامريكي نهاية الشهر الماضي حيث ولاول مرة تم التطرق الى ملف الصحراء الغربية وهو ملف حساس جدا بالنسبة لقصر المرادية ،،ربما لم يكن مناسبا فتح ملف معقد جدا في الوقت الراهن خصوصا وان معظم الدول العربية تعيش في ازمات كبيرة وفي حروب لا يبدو ان لها نهاية قريبة وليس من الصائب نقل ملف حساس بين الجارين الجزائر والمغرب وخلطه بملفات اخرى اكثر تعقيدا كالملف السوري والليبي فالوطن العربي لن يتحمل المزيد من الصراعات مهما كانت اسبابها .
ارسال التعليق