الامير أحمد بن عبد العزيز آل سعود... يفجر قنبلة من العيار الثقيل ويزلزل عرش سلمان وابنه
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبد العزيز المكي في مواجهة لعدد من المتظاهرين والمحتجين أمام مقر إقامته في العاصمة البريطانية يوم 4/9/2018، والذين كانوا يهتفون بشعارات السقوط والموت لآل سعود، وشعارات أخرى معادية لهم... أمتعض الأمير السعودي أحمد بن عبد العزيز، الذي يعتبر نفسه بأنه الاحق بولاية العهد من إبن سلمان، على هذه الشعارات موضحاً للمحتجين أن آل سعود لا دخل لهم في هذه السياسات التي اوصلت المملكة السعودية الى هذا الوضع المتردي وقال.. ( آل سعود إيش دخلهم، لا ناقة لهم ولا جمل بالذي يحدث، هناك أفراد معينيين هم المسؤولون). مضيفا: ( يجب توجيه هذا الكلام للمسؤولين الحاليين، الملك وولي عهده). وعبر الامير بشكل غير مباشر عن رفضه لسياسة الملك سلمان وابنه، تجاه البحرين، وذلك رداً على سؤال لاحد المحتجين وطلبه بالتدخل السعودي لتخفيف وطأة الظلم التي يعاني منها الشعب البحريني من النظام البحريني حيث قال.. ( إذا بايدينا إنشاء الله يكون خير ). أما بالنسبة للحرب والعدوان على الشعب اليمني، فقد عبر أحمد بن عبد العزيز بشكل مباشر عن رفض الأسرة السعودية ومعارضتها لهذا العدوان، إذ قال بهذا الصدد.. ( أن مسؤولية الحرب في اليمن تقع على عاتق شقيقه وولي عهده وان إسرة آل سعود لا دخل لها في تصرفاتها) متمنياً إنتهاء هذه الحرب اليوم قبل الغد).
ومن الواضح، أن لهذه التصريحات واقعاً صادماً على نظام سلمان، مثلما هو كذلك بالنسبة الى الرأي العام في المملكة، والذي عبر عن رأيه على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها ( تويتر) باكثرية مؤيدة لاحمد بن عبد العزيز، وقلة معارضة ، بل أن البعض من المغردين طالب بتولي أحمد بن عبد العزيز عرش المملكة بدلاً من سلمان وابنه... وما يرجح ان هذه التصريحات كانت صادمة للحكم السلماني، هو مسارعة خروج الأمير سطام بن خالد آل سعود لملمة الموقف، معتبراً أن تصريحات عمه أحمد، تنم عن ( حسن الخلق والحوار) ، وقال هذا الامير ـ سطام ـ تعليقاً على الفيديو الذي تم تداوله للامير أحمد بن عبد العزيز( ما قاله الوالد أحمد بن عبد العزيز دليل على الاخلاق والتواضع وحسن الحوار)، على حد قوله، وأضاف محاولاً إنكار ما ورد فيه من عبارات ضد الملك سلمان وولي عهده قائلاً: ( التعامل وهذا المقطع يحسب لنا وليس علينا خرج ودافع عن الوطن والعائلة ووقف أمام ( المرتزقة ) المدفوع لهم سلفاً، وكل ما قاله يمثلنا لأننا نتمنى وقف الحرب باليمن فنحن لسنا تجار حروب كتنظيم ( صفوي) والأخواني الحمديني) على حد تعابيره ومزاعمه، والتي تكشف بوضوح الغضب والقلق أيضاً، من هذه التصريحات عند آل سلمان، لأن تصريحات أحمد بن عبد العزيز لها واقع خاص داخل وخارج السعودية ، هي ليست تصريحات أي أمير آخر، فقد صدرت العديد من التصريحات من عدد من الامراء، من الذين فروا الى الدول الأوروبية ، حول استبدادية سلمان وابنه، وسياساته الحمقاء لدرجة أن أحد الأمراء إتهمه بالخيانة والعمالة لكيان الصهيوني والولايات المتحدة، لكن النظام السلماني لم يتأثر بها ولم يقم له وزناً بالدرجة التي تعامل بها مع تصريحات أحمد بن عبد العزيز، لأن الأخير شقيق الملك سلمان، والرافض بقوة لولاية عهد بن سلمان، ولأن تصريحاته وجهت رسالة واضحة للشعب في المملكة والشعوب المنطقة والرأي العام الغربي مفادها:
1ـ أنه أي الامير أحمد بن عبد العزيز وعائلته ـ بقية الامراء ـ يعارضون الحرب على اليمن، ولا يتحملون مسؤوليتها، وتحميل الملك سلمان وابنه المسؤولية ، وهذه الرسالة فيها جانب تحريضي ضد هذه السياسة، وتكمن خطورة استبطنها هذا التحريض، هو ان الشعب في داخل المملكة وصل حداً من الاحتقان ومن التذمر والغضب بحيث بات التحمل اكثر من ذلك لا يطاق، وبات على مشارف الانفجار ، نتيجة تفاقم ضغوط هذا العدوان، من نواحي تردي الاوضاع الاقتصادية يوماً بعد آخر بسبب نفقات الحرب الباهضة ، والتي اصبحت أثارها تطال الوضع المعيشي للمواطن داخل المملكة وبشكل غير قابل للتحمل، وكذلك من نواحي الخسائر البشرية والهزائم المتلاحقة يًمنى بها الجيش السعودي يومياً، ومن نواحي الوضع الداخلي المتردي والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، نتيجة تزايد وارتفاع اعداد المعتقلين من أصحاب الرأي في السجون السعودية، وتهديد بن سلمان حتى لمن يكتب على تويتر جملة انتقاد بالملاحقة والسجن خمس سنوات وغرامة بثلاثة ملايين ريال! وتلويح النيابة العامة السعودية بحكم الاعدام للداعية الشيخ سلمان العودة ولناشطين آخرين، يبدو أنها محاولة من بن سلمان لاخافة المعارضين وارعابهم لحملهم على السكوت والتسليم له ولسياساته الرعناء، لكن في المقابل، أن تلك المحاولات لارعاب المعارضين الذين يشكلون اليوم اكثرية الشعب في السعودية وملحقاتها، تعكس مقدار الهلع والخوف وتصاعده عند بن سلمان وفريقه من تصاعد منسوب المعارضة الشعبية لسياساته الفاشلة، ولذلك فأن بن سلمان يرى أن تصريحات عمه أحمد بن عبد العزيز الذي يقول البعض أنه يحظى بالتأييد من شريحة كبيرة من أوساط الشعب في المملكة السعودية.. يرى في هذه التصريحات بمثابة صب الزيت على النار، ومساهمة في رفع مناسيب الرفض والمعارضة لسياساته وأبيه الملك سلمان غير الموافقة والتي اوقعت المملكة السعودية في أزمات ومتاهات خطيرة ومتلاحقة، تلك التي حاول أحمد بن عبد العزيز أن ينأى بالاسرة السعودية عن المسؤولية عنها ويحملها الملك سلمان وابنه ، وبشكل كامل..
2ـ أوضح الأمير أحمد بن عبد العزيز مقدار الخلاف بين أسرة آل سعود من جهة وبين الملك .. سلمان وانبه وفريقهما .. وهذا يعني نسف كل ما كان اعلام بن سلمان يروجه حول أن المعارضة لبن سلمان داخل الاسرة السعودية لا تتعدى عدد قليل من الامراء جرى اسكاتهم في حملة الاعتقالات الاخيرة التي طالت اكثر من 20 أميراً، ومئات من المسؤولين والتجار واصحاب الأعمال، من السابقين واللاحقين، أو جرى تأديبهم من مثل الامير عبد العزيز بن الملك الراحل فهد بن عبد العزيز آل سعود.. وفيما ظل الاعلام السعودي يقزم حجم المعارضة لبن سلمان داخل الأسرة السعودية. وظل أيضا يتكتم على التحركات المعارضة داخلها والتي وصلت الى حد الصدام المسلح، وقتل فيها أربعة أمراء فيما أصيب بن سلمان على اثرها، واختفى على اثرها، لاكثر من شهر ، تبين فيما بعد أنه كان يعالج في الكيان الصهيوني من الاصابة.. نقول فيما كان الاعلام السعودي يتكتم على هذه الأوضاع المتفجرة ، أكد أحمد بن عبد العزي هذا الواقع، وهو إذ يؤشر الى تفاقم الخلافات والتوترات بين المعارضين من آل سعود لصعود بن سلمان ولسياساته، وبين بن سلمان وفريقه، وهي خلافات وتوترات باتت توشر بوضوح الى قرب تفجر الأوضاع داخل الأسرة السعودية بشكل يفوق ما حصل من صدام في قصر الضواحي الذي اشرنا اليه قبل قليل..
3ـ أن تصريحات الأمير أحمد لم تقف عن تحريض الشارع في السعودية ضد الملك سلمان وأبنه وحسب، وأنما تتعدى الى تحريض الأسرة نفسها، فستدفع هذه التصريحات البقية البارزين من الأمراء، والذين ضغطت عليهم إدارة ترامب، وارغمتهم على السكوت والتسليم بالامر ، الى الانتقال الى مرحلة جديدة من المعارضة لابن سلمان، قد يستخدمون فيها السلاح، وما يعزز هذا الأمر بنظر الخبراء هو إجماع اكثر المحللين والمراقبين على ان سياسات بن سلمان تمضي بالمملكة الى الانهيار والسقوط المروع.. فهذا الكاتب والسياسي الموريتاني المعروف محمد معروف الشنقيطي علق حول ما تشهده السعودية من أحداث متسارعة وانهيار الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بصورة ملحوظة فضلاً عن سياسة القمع والاعتقالات التي ينتهجها بن سلمان.. علق قائلاً أن السعودية مقبلة على إنفجار دموي إذا لم يتحرك الحكماء والعقلاء داخل اسرة آل سعود سريعاً). واضاف قائلا( ان هذا الانفجار سيكون كارثة عليها وعلى الأمة الاسلامية). وايضاً هذا الكاتب الصهيوني في صحيفة هاآرتين ديفيد ريسنبرغ اعتبر في مقالة له يوم 29/ 8/2018، أن تراجع السعودية عن قرار بيع أسهم شركة آرامكو، بمنزلة بداية النهاية لولي العهد السعودي ولمشروعة الاصلاحي. من جهتها وصفت مجلة ايكونومست البريطانية سياسات بن سلمان بالطيش معتبرة أنها تضر ببلاده وسمعتها وذلك في مقال لها في 18/8/2018 وتحدثت المجلة تفصيلاً عن سياسات ولي العهد تقود الى تدمير المملكة محذرة الحكومات الغربية من الانفجار القادم، بنصح هذا الشاب الطائش، الذي قالت أن سياساته أبعدت عنه الداخل وخلقت له أزمات متعددة في الخارج.
والى ذلك فأن التصريحات الامير أحمد دلالات كثيرة وفي غاية الاهمية منها ما يلي:
1ـ أن هذه التصريحات جاءت في سياق وضع دولي يختلف في موقفه من النظام السلماني في الوقت الحاضر، عما كان في البداية حيث كان داعماً ومهللاً (للمصلح بن سلمان) إذ ان الحكومات الغربية وإدارة البيت الأبيض ووسائل الاعلام الغربية كانت تطبل ليل نهار لابن سلمان ولسلمان نفسه، وتتغنى بالتحول الذي اوجده في سياسة المملكة سيما في التقرب من الكيان الصهيوني، وفي مواجهة ايران ومحورها، ولذلك منعت الاوساط الغربية أي تحرك داخل الأسرة السعودية مضاد لصعود بن سلمان الصاروخي نحو العرش، ظلت تتغاضى عن جرائمه بحق الشعب اليمني والشعوب العربية الأخرى بل وتقدم له الدعم والسلاح.. أما اليوم فهذا المناخ قد تغيّر وهناك صراعات حتى داخل الحكومات الغربية والحكومة الامريكية، بل وانقسامات بينها، فالبعض من المؤسسات الامريكية والبريطانية تدعو الى وقف الدعم لهذا الشاب المتهور الذي ان استمر الدعم الغربي له سوف يجر المنطقة الى إزمات سوف تؤدي الى ضياع المصالح الغربية وحتى الأمريكية في المنطقة، وهناك مؤشرات كثيرة على هذا المناخ الجديد السائد اليوم في الغرب.. منها ، ما يلي:
أـ صدور تقارير الخبراء الامم المتحدة، ولمنظمة هيومن رايتس الامريكية، وللموفض السامي الأممي في اليمن، حول المجازر التي يرتكبها التحالف البربري السعودية بحق الشعب اليمني تدين بشكل صريح بن سلمان وبن زايد ولأول مرة، حيث كانت تتغاضى هذه المنظمات عن جرائمها، بل وتعرفها في هذه التقارير الأخيرة بأنهما مجرما حرب.
ب ـ تواتر التقارير الغربية بشكل لافت التي تنتقد السعودية وتتهمها بدعم وتمويل الأرهاب، وتشكك باصلاحات بن سلمان، وتتهمه بالدكتاتورية والاستبداد والقمع وقصة الانتقاد الكندي وردة فعل بن سلمان تجاهها معروفة، فضلاً عن ذلك فأن صحيفة الغارديان في عددها يوم 27/8/2018 قالت ( لا يخدعنكم وهم الاصلاح فأن حكام السعودية سادة القمع) واضافت ( ومنذ السبعينات من القرن الماضي ومن خلال تدفق أموال النفط، كان السعوديون يصدرون الوهابية الى العالم، وهي شكل قاس وصارم من الاسلام، استخدمته عشيرة آل سعود لارساء حكمها بعد انشاء دولتهم عام 1932م، وقد حولت الرياض عدداً لا يحصى من المدارس الدينية والاسلامية والمساجد) ومولت ايضا الحركات الجهادية من افغانستان الى سوريا.. ووصفت مذكرة حكومية أمريكية عام 2009 المملكة بأنها المصدر الاكبر لتمويل الجماعات الارهابية السنية في جميع أنحاء العالم).
من جهته قال الكاتب المعروف ديفيد هيرست في مقال له على موقع ( ميدل إيست أي) يوم 25/ آب الماضي، ( أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ليس سوى مقامر فاشل وان خططه العملاقة ليست سوى سراب وانه غير جاد في مزاعم الأصلاح). وشرح هذا الكاتب بتفصيلات دقيقة حول احتقان الوضع الداخلي بسبب الاعتقالات والقمع، وبسبب الحرب على اليمن، ثم أثارة الازمات الخارجية مع المحيط الخارجي الواحدة تلو الأخرى. أما صحيفة التايمز البريطانية فقد وصفت في افتتاحيتها ليوم 23 آب الماضي، السعودية بأنها رد مملكة الوحشية ) وأيضاً تطرقت الصحيفة الى ممارسات القمع التي يقوم بها بن سلمان ضد الشعب داخل المملكة ونشطائه.
جـ ـ ما تقدم يؤشر الى تململ غربي أمريكي من سياسات بن سلمان، لأن الحكومات الغربية تريد عميلاً طواعا غير متهور ينفذ املاءاتها, وليس على شاكلة بن سلمان العميل المتهور، فهذا التهور يورط الحكومات الغربية في متاهات واحراجات هي في غنى عنها، او قد تضر بمصالحها في المنطقة، ولذلك أقدمت ألمانيا على قطع توريد الاسلحة للسعودية لاقترافها المجازر وتماديها في ذلك، ثم لحقت بها السويد وبلجيكا، والآن اسبانيا قررت منع تصدير قنابل ذكية كانت السعودية قد أبرمت عقداً مع الحكومة الاسبانية بشأنها وللسبب ذاته!
هذا المناخ الجديد الذي قرأه الامير أحمد بن عبد العزيز هو الذي شجعه على الادلاء بهذه التصريحات ، أو قد يكون تلقى ضوءاً أخضر من مضيفيه البريطانيين، بهدف التحذير لابن سلمان، أو ان البريطانيين بدأو فعلاً بالتفكير بالبديل لابن سلمان، وهذا ان صح فهو نذير شؤوم لابن سلمان ولوالده الخرف.
2ـ إذا لم يحصل الامير أحمد بن عبد العزيز على الضوء الأخضر، فأنه أراد أن يرسل رسالة الى الغرب، بأنه سيكون البديل المناسب لسلمان وأبنه, وعبارته التي اطلقها بشأن الرد على سؤال حول العنف الخليجي بحق الشعب البحريني تؤشر الى هذا المعنى بشكل واضح تقريبا .. حيث قال إذا بايدينا الأمر سيكون خير، أي اذا تولينا الأمور سنقوم بحل كل تلك الأزمات وبالطبع تحت سقف ما تريده الدول الغربية وعلى رأسها الأم الرؤوم للنظام السعودي بريطانيا.
3ـ والأخطر من ذلك بالنسبة لابن سلمان، هو ان تصريحات عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز مؤشر على توثب واستعداد الأمراء الكبار لخوض المعركة والمواجهة مع بن سلمان ، فالى ما قبل هذه التصريحات كانت المواجهة وكما اشرنا مقتصرة على الامراء الصغار الذين يرى بن سلمان انهم لا يشكلون خطرا جدياً عليه، فيما ظل طيلة الفترة الماضية , الامراء الكبار من ابناء عبد العزيز ، مثل أحمد ، ومقرن وطلال وبقية أولاد ابناء عبد العزيز الكبار، يلوذون بالسكوت والاكتفاء بهذا السكوت، ما يعني ، أن تصحريات الأمير أحمد هي مؤشر على تحرك جديد يقوده هذه المرة الأمراء الكبار الذين لهم وزن في الاسرة السعودية وفي خارجها، أذ يتمتع بعضهم بامتدادات قبلية ، ما ينذر كل ذلك عتيبة، ورؤساء عشائر اخرى وهذا يدل على أن أيام ابن سلمان باتت معدودة.
ارسال التعليق