البلطجي ترامب.. بين إبتزاز السعودية ومغازلة ايران
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري
" تستعد مجموعة من النواب الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي لطرح مشروع قانون يدعو الى تقييد الدعم الأميركي للسعودية في عدوانها على اليمن، حيث يهدف بالدرجة الأساس الى وقف تزويد الولايات المتحدة المقاتلات السعودية بالوقود قبل انتهاء المهلة التي حددها الكونغرس لوزير الخارجية مايك بومبيو لتقديم تقريره، وأبرز من سيقدم المشروع هو نائب رئيس لجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب آدم سميث بمعية نواب آخرين" - حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية مساء الخميس. في وقت وثقت فيه جماعات حقوق الانسان أكثر من 16000 غارة جوية في اليمن من قبل التحالف الذي تقوده السعودية.
تزامناً، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الأربعاء ما قاله في آيار/مايو الماضي، "انه لا يستبعد لقاء نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر ايلول/سبتمبر.. الأمر متوقف عليهم، وليس علي.. ايران في موقف يختلف تماما عما كانت عليه عندما تسلمت السلطة، انها في حالة اضطراب” حسب تعبيره - وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وذلك بعد أن بلغ التصعيد الأميركي ذروته القصوى مع طهران، بدءاً من الخروج من الاتفاق النووي ومروراً بتهديدها بعقوبات قاسية وموجعة، ثم التلويح بحرب بدأت ملامحها في سماء المنطقة، وانتهاءاً بالكشف عن حلف إستراتيحي إقليمي عربي على شكل "ناتو عربي" يجري التحضير له من أجل مواجهة إيران.
التناقض في المواقف والتصريحات أحد أبرز أوجه سياسة الرئيس الأميركي في التعاطي مع عدد من أهم الملفات الإقليمية والدولية الشائكة والمعقدة، وهو ما يلقي عبئا كبيرا على حلفاء الولايات المتحدة، ويزيد حالة الغموض والضبابية في المشهد الدولي في ظل رئاسة ترامب. فبينما كان العالم يحبس أنفاسه انتظارا لتنفيذ "ترامب" تهديده بإنزال أقسى عقوبات في التاريخ ضد إيران؛ جاءت تصريحاته الجديدة باستعداده للقاء قادتها دون شروط مسبقة خلافاً للشروط الـ12 التي قدمها وزير الخارجية الأميركي بومبيو خلال أول كلمة له بعد توليه منصب وزير الخارجية ألقاها يوم الاثنين (21/5)؛ لتعكس نزول المعتوه والبلطجي من أعلى شجرة التصعيد والوعيد وإلتماسه دبلوماسياً لطهران بغية حل مشاكل الطرفين والشرق الأوسط ، وهو ما توقعه "جيمس ليونز" الأدميرال المتقاعد والقائد السابق للأسطول الأميركي في المحيط الهادئ في "صحيفة واشنطن تايمز" الأميركية.
مراقبون للعلاقات الأمريكية السعودية أكدوا "أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخلق الكثير من الإلتباس والتخبط بخصوص التخويف من ايران (ايرانفوبيا) والعمل على تقويض نفوذها في المنطقة بين الحين والآخر وما تصريحه بخصوص انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، سوى تسهيل عملية ابتزازه للسعودية وسحب أموال أكثر وأكثر منها، وشعاره الانتخابي لايزال يدوي في الأوساط بأن "النظام السعوديّ لا يستحقها؛ لأنه بدون الحماية الأَمريكية لم يكن ليبقى أو يستمر الى الآن" ثم تصريحه الأخير لشبكة "سي إن إن" الأميركية: "لدي العديد من الأصدقاء في السعودية، ولكن على المملكة دفع الأموال، إذا كنا سنقوم بحمايتها من إيران التي جعلنا منها قوة كبيرة".
موقع DW الألماني أكد في تقريره تحت عنوان "ترامب يطارد أموال السعودية حتى آخر هللة"، والذي تناول فيه سعي ترامب للحصول على أكبر قدر ممكن من المال السعودي على شكل صفقات أسلحة واستثمارات، متسائلاً "كيف يستطيع ولي العهد السعودي التوفيق بين متطلبات الاقتصاد وإرضاء "العم سام" لتثبيت دعائم حكمه؟"، مضيفاً: السعودية تتخبط بين متطلبات الاقتصاد وإرضاء "العم سام"، وترامب يبتز النظام السعودي وينظر للمملكة كبنك يعطي الشيكات على بياض، مؤكداً أنه "من الرياض الى واشنطن يطارد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المال السعودي بذريعة تسليح المملكة وتثبيت سلطة ولي العهد السعودي"؛ والرئيس الأمريكي قال خلال مؤتمر صحفي له مع رؤساء دول البلطيق بالبيت الأبيض، "نعمل على خطة للخروج من سوريا، وإذا كانت السعودية ترغب ببقائنا فيها فيجب عليها دفع تكاليف ذلك".
محللون أكدوا أن إصرار "ترامب" على تكرار أن بلاده "أنفقت 7 ترليونات دولار في الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية، ولم تجن سوى الموت والدمار"، هو إشارة واضحة للدب آل سعود الداشر محمد بن سلمان ووالده المخرف والمصاب بالزهايمر العضال والى باقي بلدان مجلس التعاون أنه عليهم الدفع حتى يبقوا في السلطة وإلا فسينقلب السحر على الساحر بين عشية وضحاها فور إفلاس هذه الأنظمة البدوية؛ وهو ما اشار اليه موقع "ديلي بيست" الأمريكي "ترامب يستخدم ورقة سوريا للضغط على الرياض وسحب المزيد من الأموال منها" في إشارة الى تصريحاته الأخيرة إن "السعودية مهتمة جدًا بقرارنا"، وأضاف "حسنا، إذا كانت الرياض ترغب ببقائنا في سوريا، فيجب عليها دفع تكاليف ذلك"، بحسب المصدر نفسه.
ولي العهد الأمير السعودي رد على قرار ترامب في حواره مع مجلة "تايم" الأمريكية أنه "يعتقد أن القوات الأمريكية في سوريا يجب أن تبقى لفترة متوسطة على الأقل، إن لم تكن لفترات طويلة، حيث إن وجودها داخل سوريا يسمح أيضا لواشنطن بأن يكون لها رأي في مستقبل سوريا، ويعد السبيل لإيقاف تمدد النفوذ الإيراني بمساعدة حلفائها". ما يعني أن ترامب نجح في إصطياد "بن سلمان" البقرة السمينة الحلوب الذي أفقر السعوديين ليدفع لسيده ترامب الذي سيضمن له كرسي الحكم بحماية أمريكية “الجزية”.
صحيفة "ذا تايمز" البريطانية كشفت في تقرير عنوانه "عندما يكون لديك 1.4 ترليون دولار كيف ستصرفها؟"، أن محمد بن سلمان دفع لترامب خلال زيارة الأخير والوفد الطويل العريض المرافق له للرياض في 23 مايو/آيار 2017، ترليون و250 مليار دولار وطلب من الرئيس الأمريكي عدم الإفصاح عن حقيقة الرقم وأن يعلن عن 450 مليار فقط، حوالي 200 مليار دولار على شكل إستثمارات في البنوك الأمريكة ومشاريع سكن في المملكة التي لم تر النور حتى الآن وبقيت حبراً على ورق؛ خوفاً من الخلافات والاعتراضات عليه داخل الأسرة الحاكمة وفي الشارع السعودي الذي يعيش غالبيته دون خط الفقر رغم أمتلاكه لأكبر مخزون نفطي في العالم. أما الكاتب الأميركي ستيفن والت شبّه سياسة إدارة ترامب تجاه إيران في مقالته بمجلة "فورين بوليسي"، بأنها أشبه بالهستيريا معتبراً أن هناك مبالغة في الحديث عن التهديد الإيراني يهدف لإبتزاز السعودية وأخواتها.
وكالات الصحافة الأميركية تقول أن حرص ترامب على صورته كـ"صانع للمبادرات" و"مبرم للصفقات"، ربما تدفعه لتجريب حظه في الملف الإيراني، بعد تعثره في ملفي كوريا الشمالية والصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. هكذا ينظر كثير من المراقبين، للتطور المفاجئ في موقف إدارة ترامب ومقاربته للملف الإيراني، وربما هذا ما تحاوله بعض المقالات والتقارير التي تسعى إلى "سبر أغوار" عقل ترامب، وما الذي يدور في خلده، وهو يلقي خطاباته أو يطلق العنان لـ"تغريداته"، مخططه لإبتزاز البقرات الحلوبة لضمان قسماً من الـ20 ترليون دولار ديون أمريكا الخارجية وهو ما وعد به "ترامب" حتى قبل دخوله البيت الأبيض بسنوات.
ارسال التعليق