حدث وتحليل
"العصا والجزرة" لماذا يعامل الملك سلمان الأردن بهذا المبدأ؟!
[ادارة الموقع]
لا يبدو أن السعودية والامارات تريدان انهاء أزمة الأردن بشكل جدي، فكلاهما يسعى لأن يُبقي الأردن تحت ضغط متعمد يُمارس عليه بشكل متواتر، مستخدمين بذلك مبدأ "العصا والجزرة" في التعاطي مع المملكة الأدرنية، لكي تخضع لأي قرار يتم اتخاذه من قبل المحمدين، وهذا ما لم يكن يحدث خلال الفترة الماضية، حيث غرد الملك عبدالله الثاني خارج السرب ما أزعج بن سلمان وبن زايد، وكان له نتائج وخيمة دفعها الشعب الأردني من لقمة عيشه.
وتحولت ضغوط السعودية والامارات على الأردن إلى تظاهرات على مدى اسبوع كامل هدأت نسبيا بعد أن تعهد رئيس الوزراء الجديد عمر الرزاز بسحب ضريبة الدخل، التي كان لها أثر كبير في تفاقم المظاهرات.
وخلال يوم امس اتجهت الأنظار إلى القمة الرباعية التي عُقدت في مكة بدعوة من سلمان بن عبد العزيز لبحث مسألة الأزمة الأردنية ووضع حلول لها، فكانت النتيجة بتقديم مساعدات اقتصادية لا ترقى إلى حجم الأزمة ومعاناة الأردن وتضحياته في سبيل حماية امن الخليج، فالمساعدات اقتصرت على تقديم 2.5 مليار دولار تتوزع على أربعة بنود، هي وديعة في البنك المركزي الأردني، مع تقديم ضمانات إلى البنك الدولي لمصلحة الأردن، وتقديم دعم سنوي لميزانية الحكومة لمدة خمس سنوات، إضافة إلى تمويل صناديق التنمية لمشاريع إنمائية.
لم تكن هذه المساعدات المقدمة من كل من "السعودية، الإمارات والكويت" بحجم التوقعات المنتظرة من الأردنيين، خاصةً أن الدول الثلاثة الآنفة الذكر قدمت دعاية إعلامية لهذا الاجتماع، وكأن الأردن سيقفز قفزة نوعية في الاقتصاد ويتغلب على معظم مشاكله الاقتصادية التي لم تعد تطاق من قبل الشعب الأردني، الذي قال صراحةً بأنه غير قادر على تحمل كل هذا الضغط الاقتصادي خوفا من أن تتحول بلاده إلى "سوريا ثانية أو يمن أخر".
نحن نتكلم عن بلد نسبة البطالة فيه تصل إلى 18%، مع ارتفاع في أسعار الوقود بنحو 50% مقارنة بسعره في الولايات المتحدة. وما يزيد الضغوط الاقتصادية على الأردن هو وجود قرابة 650 ألف لاجئ سوري.
لماذا اكتفت السعودية بتقديم دعم جزئي للأردن؟!
أولاً: لا تريد الرياض أن يخرج الأردن من تحت عباءتها، وهذا ما كاد أن يحصل لو لم تضغط السعودية ماديا على الأردن وتقطع عنها المساعدات الاقتصادية، فخلال الأشهر القليلة الماضية اتخذت الأردن وعلى لسان ملكها عبدالله الثاني مجموعة من المواقف السياسية الحساسة والتي لا تتطابق والمشاريع السعودية بالمنطقة فقد اعلن معارضته نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ورفض الاعتراف بها عاصمة لاسرائيل.
أكثر من ذلك، ذهب عبد الله الثاني إلى عدة مؤتمرات اسلامية عُقدت للدفاع عن القضية الفلسطينية، كان آخرها في تركيا، وخلال الاجتماع صافح الملك الأردني رئيس ايران حسن روحاني، وهنا بلغ السيل الزبى بالنسبة للسعودية التي لاتريد للأردن أن يتجه نحو ايران وتركيا في المرحلة المقبلة، ومن هنا كان لابد من توجيه انذار للأردن يمنعه من التحرك على هواه، فكانت المظاهرات.
ثانياً: والأهم، أن السعودية والامارات تلهثان لاتمام صفقة القرن، والتي سيتم بموجبها تصفية القضية الفلسطينية بشكل يعني التنازل عن القدس وحق العودة وإيجاد وطن بديل للفلسطينيين، وهذا ما عارضة الملك عبدالله الثاني، ولكن على ما يبدو أن عليه ألا يعارض ذلك، فالأوامر جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية التي لايمكن معارضتها، خوفا من خلق ربيع عربي في بلاد الخليج من حيث لا ينتظر احد.
ثالثاً: لا ننكر بأن السعودية خشيت بأن يمتد لهيب الاحتجاجات إلى داخل المملكة السعودية، وعندها لن يكون الملك سلمان بحالة جيدة، خاصةً أن حجم الضغوط التي تمارس على المواطن السعودي ليست بالقليلة ومن الممكن أن تتحول إلى احتجاجات في اي لحظة تسمح بها الظروف، لذلك حاول الملك سلمان ايجاد معادلة وسطية تمكنه من تأنيب الأردن مقابل وقف الاحتجاجات هناك.
لكن يمكننا القول في الختام، أن احتجاجات الأردن نار تحت الرماد يمكن أن تعود في أي لحظة، لعدة اسباب، أهمها أنه من غير الواضح ما سيدخل الدعم المالي المقدم للخزينة الأردنية من حزمة المساعدات بشكل مباشر أم لا، وحسب خبراء، فإن الوديعة -وهي تشبه تلك التي قدمتها السعودية إلى اليمن- سوف تحفظ في البنك المركزي ولن تضخ النقود في السوق لإنعاش الحركة الاقتصادية، وهذا ما يجعلنا نتساءل ما اذا كان الوضع الاقتصادي سينتعش بهذه المساعدة الهزيلة أم لا، وإلى اي مدى يستطيع الأردنيون الاعتماد على أنفسهم في هذه المسألة.
ارسال التعليق