المفاوضات السعودية مع الحوثيين لوقف الحرب.. مناورة أم خطوة جادة
[عبد العزيز المكي]
بقلم: عبدالعزيز المكي
تواترت في الآونة الأخيرة، الأخبار والتقارير وحتى تصريحات بعض الأوساط السياسية والإعلامية، عربية وأجنبية، حول وجود مفاوضات وراء الكواليس بين السعودية وجماعة الحوثي، بالرغم من امتناع النظام السعودي عن الإقرار بها بشكل واضح، مكتفياً بالتلميح تارة، وبالترحيب بمبادرة رئيس المجلس السياسي للجماعة مهدي المشاط.. ثم جاءت زيارة نائب وزير الدفاع السعودي شقيق ولي العهد، خالد بن سلمان لعمان، لتزيد التأكيدات على وجود هذا المفاوضات، التي قيل أنها تجري بشكل مباشر، وغير مباشر من خلال الوسيط العماني، حيث كشف الكاتب الصحفي تركي شلهوب في 15-11-2019 عن طلب توجه به محمد بن سلمان لسلطنة عمان لاخراج بلاده من مستنقع اليمن. وكشف الشلهوب في حسابه الموثق على توتير عن معلومة جاء فيها أن " سلطنة عمان تعمل حالياً على إخراج محمد بن سلمان من مستنقع اليمن الذي استنزف السعودية مالياً وبشرياً وحقوقياً " وقال الشهلوب " إن هذا الأمر جاء بطلب من بن سلمان.. وأن لقاءات تجري بين مسؤولين سعوديين وحوثيين بوساطة عمانية "، وهذا ما أكدته وكالة " سوشييت برس" الأمريكية في 15/11 أيضاً، حول أن مسؤولين سعوديين وحوثيين أجروا محادثات غير مباشرة بوساطة عمانية ومن وراء الكواليس لإنهاء الحرب المدمرة في اليمن.. ونقلت الوكالة عن عضو وفد التفاوض الحوثي جمال عامر قوله:" إن الجانبين تواصلوا عبر الفيديو، خلال الشهرين الماضيين، كما جرت بينهم محادثات من خلال وسطاء أوربيين". وأضافت الوكالة الأمريكية، أن المحادثات الحالية تمحور حول مجموعة من الأهداف المؤقتة، مثل إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وإنشاء منطقة عازلة على طول الحدود اليمنية السعودية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، جدير بالذكر أن السعودية ذكرت على لسان مسؤول كبير (رفض الكشف عن اسمه) في 6 نوفمبر الحالي الوكالة الأنباء الفرنسية " أن بلاده تمتلك قناة مفتوحة مع الحوثيين منذ عام 2016" دون مزيد من التفاصيل. وفي 9 سبتمبر الماضي كشف ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى لأول مرة عن محادثات ستجري بين الرياض وجماعة الحوثي بشكل مباشر بهدف إيجاد حل مقبول للطرفين للحرب اليمنية. وبحسب مصدر سياسي مطلع تحدث إلى قناة الجزيرة القطرية في 18/10/2019، فإن الاتصال المباشر جرى بين الطرفين السعودي وجماعة الحوثي، بعد أيام من بدء التهدئة التي أعلنها الحوثيون من طرف واحد، اواخر سبتمبر الماضي، والتي كان أعلنه المشاط في مبادرة مثلت اتجاهاً فعلياً في طريق إنهاء الحرب. ووفق لقناة الجزيرة نقلاً عن المصدر المذكور، فإن خالد بن سلمان عرض على المشاط تشكيل لجنة من الطرفين لخفض التصعيد، وصولاً إلى اتفاق كامل لوقف إطلاق النار بين الأطراف على الحدود السعودية اليمنية. وفي هذا السياق كان الصحفي اليمني فارس الحميري قد كشف في 13/11/2019 لموقع " رأي اليمن"، نقلاً عن مصدر قيادي في الجماعة قوله " إن لجنة عسكرية سعودية وصلت قبل أيام إلى صنعاء لأول مرة منذ اندلاع عمليات التحالف السعودي باليمن وعقدت لقاءات مع قيادات حوثية وأشار إلى انتقال لجنة عسكرية تابعة للجماعة إلى الرياض وبقيت هناك لعدة أيام..
سلطنة عمان من جهتها لم تنفِ هذه الوساطة، بل أكدتها، كما أكد وزير الطاقة العماني محمد بن حمد الرمحي سعي مسقط لإقامة حوار خليجي مع إيران..
وبعد تأكُد المفاوضات والاتصالات السعودية مع الحوثيين لحل مشكلة الحرب وتورط بن سلمان فيها، فأن السؤال المطروح اليوم هامش هذه اللقاءات والاتصالات هو، هل فعلاً النظام السعودي جاء في إيجاد حل مع الحوثيين وإخراج اليمن من المعاناة والمآسي بسبب استمرار الحرب؟ أم أن كل هذه التحركات وما يروج عن الاتصالات والمبادرات كل الأزمة مجرد تكتيك سعودي لتحقيق غايات في نفس يعقوب، أو مناورة لتحقيق أوهام، على خلفية أوهام جديدة قد يكون الأمريكي والصهيوني زرعها في أذهان السعوديين!!؟
البعض من المحللين والمراقبين اعتبر وما زال، أن هذه المفاوضات تعبر عن تغيّر في الاستراتيجية السعودية تجاه اليمن، فهي تريد الخروج من هذه الحرب بأقل التكاليف، لأسباب كثيرة منها ما يلي:وصول القيادات السعودية وأسيادها الأمريكان إلى قناعة باستحالة تحقيق نصر عسكري في اليمن للسعودية، في ظل تطورات الحرب الميدانية، التي باتت تميل بشكل واضح لصالح جماعة الحوثي، سيما بعد الضربات الموجعة التي ألحقها الحوثيين بالطرف السعودي، والتي تمثل بعضها في ضرب عصب الاقتصاد السعودي، منشآت شركة أرامكو في بقيق وهجرة خريص، وكذلك عمليات " نصر من الله وفتح قريب" في منطقة نجران، والتي خسرت فيها السعودية فرقة عسكرية كاملة، من المرتزقة، الجيش السوداني، وجماعة عبدربه منصور هادي من المناطق الجنوبية اليمنية، بالإضافة إلى وحدات عسكرية من الجيش السعودي نفسه.. كما خسرت السعودية أكثر من 500 كم من أراضيها، سيطرت عليها القوات الزاحفة، أي قوات جماعة الحوثي..
أيضاً وصلت القيادات السعودية إلى قناعة أخرى، وهي أن الرهان على الوقت في كسر شوكة الحوثيين بات ضرباً من المستحيلات لأن طول الحرب، بدلاً من أن ينهك الحوثيين وينهي قواهم وبالتالي انهيارهم وتلاشيهم، بات يخدمهم كثيراً في تفجير الطاقات الخلاقة بين أوساط الشعب اليمني، فتقدمت الصناعات العسكرية بشكل هائل، حيث أصبح اليمن في ظل سيطرة الجماعة قوة صاروخية هائلة، وقوة جوية للطائرات المسيرة بدون طيار، والتي قلبت الموازين العسكرية، باعتراف الخبراء العسكريين، وباعتراف أغلب الأوساط الإعلامية والسياسية في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلدان أوربا الغربية.
ضعف جبهة التحالف، واحتمالات انهيارها، بسبب التصدع بين مكوناتها، وأطرافها الرئيسيين، الأمارات والسعودية، فسبب اختلاف حصة الأسد في هذا البلد، طفح الصراع بينهما، وانعكس على مرتزقتهما، كما تابعنا ورأينا المعارك الإعلامية والعسكرية بين المجلس الانتقالي المحسوب على الإمارات وبين ما يسمونها حكومة الشرعية، أو حكومة عبدربه، في عدن خاصة وفي باقي المحافظات الجنوبية عامة.. وحتى عندما حاولت السعودية والإمارات تطويق خلافهما والعمل على توحيد مرتزقتهما في الجنوب، منعاً لاحتمالات الانهيار وذلك من خلال التوصل إلى أتفاق الرياض الأخير، ما زالت الخلافات تقصف بهؤلاء المرتزقة، ولم تستطع السعودية من إرجاع عبدربه وحكومته إلى عدن بالرغم من مرور شهر كامل على توقيع هذا الاتفاق، إذ ما زال المجلس الانتقالي يرفض عودة حكومة هادي إلى عدن، وتصريحات وزير النقل في هذه الحكومة صالح الجبواني الأخيرة تؤشر بوضوح إلى عمق هذه الخلافات بين طرفي مرتزقة الإمارات والسعودية، وبين هاتين القوتين الرئيستين في العدوان.
بعد ضربات منشآت شركة آرامكو في بقيق وهجرت خريص، وقبل ذلك في حقل الشيبة وغيرها في المناطق الشرقية من السعودية، بات الوضع الاقتصادي السعودي مهدداً بالانهيار الكامل، إذ تكررت مثل ضربة بقيق وخريص التي أوقفت نصف الإنتاج السعودي للنفط، أي أكثر من خمسة ملايين برميل يومياً، واذا إنهار هذا القطاع فأنه سيؤثر على باقي القطاعات الأخرى بدون شك، وقد يؤدي الى سقوط النظام السعودي برمته.
كل ذلك وغيره، إضافة إلى التخلص الأمريكي من السعودية، وعدم تلبية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للدعوات السعودية في مهاجمة إيران عسكرياً، وأيضا في رفض الدول الغريبة المشاركة في أي حرب تخوضها السعودية على إيران، على خلفية التوترات، التي قالت الدول الغربية نفسها أن السعودية وراءها، متهمة النظام السعودي بافتعالها من أجل تحقيق طموحات بن سلمان وخدمته الأجندات الأمريكية والصهيونية في المنطقة..
هذا التحليل ينطوي على جانب كبير من الصحة، وأنا أتبنى هذه الأسباب بأنها العامل الرئيسي الذي دفع بن سلمان للجري والهرولة نحو الحوثيين من أجل التفاوض، لأنه بالأساس كان لا يفكر بهذا الأمر مطلقاً، خصوصاً في السنة الأولى للحرب وفي بدايتها، لأنه كان يعتبر جماعة الحوثي " فيصل متمرد" ويجب القضاء عليه وتخليص اليمن منه!، وكان يتوقع القضاء عليه في ظرف أيام أو أسابيع في أسوأ الأحوال! ولكن رغم انه ذهب صاغراً إلى الحوثيين للتفاوض معهم، على خلفية العوامل المشار إليها، إلا انه لا يعني برأيي أنه جاء في إنهاء الحرب، وإنما لتحقيق غايات سأشير إليها بعد قليل، وهناك مؤشرات كثيرة ترجح هذا الرأي منها ما يلي:-
إن النظام السعودي لم يعلن رسمياً التفاوض مع صنعاء، بل ظل يلمح تلميحاً مرة، عن طريق مسؤول لم يذكر اسمه لوكالة اسوشيتد برس أو وكالة الأنباء الفرنسية، ومرة عن طريق بعض الإعلاميين السعوديين أو العمانيين، أو عن طريق الأوساط الإعلامية الغربية والأمريكية، ذلك ان الاعلان الرسمي يعني الاعتراف السعودي بالحوثيين كطرف يمني فاعل وأساسي في المعادلة اليمنية، وهذا الاعتراف يعني بدوره إسباغ شرعية، أو بعبارة أدق الاعتراف بشرعية الجماعة، وهذا مما يكرس انتصارهم في هذه الحرب وهزيمة النظام السعودي فيها.. فلو كان النظام السعودي جاء في حل الأزمة اليمنية لأعلن الاعتراف بالحوثيين كطرف أساسي في المكون اليمني السياسي، ولأجرى مفاوضات واضحة، حتى ولو من خلال طرف ثالث، كعمان مثلاً، وذلك ما يثير الشكوك حول خطوته الأخيرة في الذهاب إلى مسقط للتفاوض مع الحوثيين.
ركز الإعلام السعودي والإعلام الذي يدور في فلكه على الترويج للشروط السعودية للتفاهم مع الحوثيين لوقف الحرب، وتتلخص هذه الشروط بمراجعة السعودية للوضع اليمني برمته، كما هو حاصل في اتفاق الرياض وتسليم الأسلحة الثقيلة، والقبول بالحوثيين، كحال المجلس الانتقالي التابع للإمارات!! والتركيز على هذه الشروط يدل لأي متابع أن هذا الطرف غير جاد في مفاوضاته لتسوية الأزمة.. قد يقول البعض أن طرح هذه الشروط في وسائل الإعلام هو محاولة لحبس نبض الحوثيين وقياس ردة فعلهم، وأيضاً محاولة الضغط عليهم، وهذا ينطوي على قدر من الصحة في ما يخص ممارسة الضغط، لكن النظام السعودي بات مقتنعاً أن الحوثيين وعلى مدى جولات اللقاءات والمفاوضات السابقة وعلى مدى الخمس سنوات الماضية، إن الحوثيين لديهم رؤية واضحة تجاه التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، ولديهم شروط محددة لا يحيدون عنها قيد أنملة، وقد جربت السعودية خلال سنوات الحرب الخمس ممارسة الضغط عليهم لحملهم على التخلي عنها وفشلت بالرغم من أنهم كانوا في ظروف سيئة للغاية، وكانوا أضعف عسكرياً مما هو عليه الآن، فظلوا الصمود والمقاومة وتحملوا كل ويلات الحرب من أجل البقاء على شروطهم وثوابتهم، ولذلك لا اعتقد أن النظام السعودي، من الغباء والحماقة، أن يجرب المجرب لا في وقت باتت ظروف الحرب وتطوراتهم ترجح لصالح الحوثيين، وذلك ما يعزز نظرية أن مجيء النظام السعودي للتفاوض مع الحوثيين، إنما لهدف آخر غير المعلن، وهو إيقاف الحرب والتوصل إلى اتفاق معهم حول ذلك.
اقترن مع التحركات السعودية نحو مسقط ومع ما يشاع عن محاولات سعودية للتوصل إلى اتفاق مع الحوثيين، تصعيد لافت في جبهات القتال تمثّل بتحشيد المزيد من القوات السعودية وقوات المرتزقة التابعة لكلا الطرفين السعودي والإماراتي، وترافق مع هذا التحشيد القيام بهجمات أو بعمليات هجومية في أكثر من جبهة ضد الجماعة مع غطاء ناري بالطيران المقاتل، والمكثف!! ولرب قائل يقول لأن الطرف السعودي يشعر بالضعف العسكري قبال الحوثيين، فأنه يستعرض عضلاته، ليأتي للمفاوضات من موقع قوي، وهذا قد يكون صحيحاً في حالات أخرى، لكنه لا يصح على الحالة اليمنية لان الطرف السعودي يدرك جيداً أن الحوثيين ليس لديهم ثقة بالسعوديين، ولذلك يتطلب من هؤلاء السعوديين اتخاذ خطوات من شأنها أن تجعل الطرف الآخر (الحوثيين) يثقون بجدية المفاوضات السعودية، على العكس تماماً أن التصعيد العسكري السعودي في جبهات القتال من شأنه أن يعزز ريبة وشكوك الحوثيين بالخطوة السعودية، ولذلك هم دائماً يكررون على لسان مسؤوليهم، مثل عضو المجلس السياسي ورئيس الوفد التفاوضي محمد عبد السلام، أو على لسان عضو المجلس السياسي محمد البخيتي، يكررون القول " إنهم لا ينظرون إلى التصريحات والى ما يقوله الإعلام السعودي، إنما ينظرون إلى العمل على الأرض" أي ينظرون إلى ممارسات وتصرفات النظام السعودي على جبهات القتال، فهذا التحشيد والتصعيد على جبهات القتال من وجهة نظر الحوثيين مؤشران على عدم الجدية، وعلى أن النظام السعودي ما زال يراهن على خيارات القوة، وحمل الطرف الآخر على رفع راية الاستسلام والتسليم بما يريده السعودي، وهذا بات من المستحيلات في قاموس الجماعة.
يبد انه، إذ كان هذا النظام غير جاد في التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب مع الحوثيين، ماذا يعني هذا التحرك والترويج إعلاميا أن النظام السعودي يريد التفاوض مع الحوثيين، أو هو التفاقم فعلاً ويجري معهم اللقاءات برآيي يكمن وراء هذا التحرك أمران هما:
1ـ إن النظام السعودي قد يكون فهم مبادرة مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء بوقف الحرب، على أنها علامة أو مؤشر ضعف من جانب الحوثيين، وذلك لأن ديدن المستبدين والطواغيت على شاكلة محمد بن سلمان وصدام حسين ومن لف لفهم، دائماً يفهمون مبادرات خصومهم على هذا الشكل حتى ولو كان الخصوم أقوياء، وما عزز هذا التصور عند بن سلمان ومن يدور في فلكه في الرياض، هو التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة الإقليمية ولصالح أطراف المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، من ثم الاحتجاجات الشعبية في العراق، في المحافظات الشيعية الجنوبية والوسطى وفي بغداد، وفي لبنان أيضاً، وانشغال الحكومتين اللبنانية والعراقية وحتى الحكومة الإيرانية بهذه التطورات، فبن سلمان اعتقد أن هذه التطورات أضعفت المحور الإيراني، ولا بد أن تترك انعكاساً على الساحة اليمنية وبالتالي فأن موقف الحوثيين بات أضعف مما كان عليه قبل هذه التطورات! ما يعني بالنسبة للسعوديين إمكانية انتهاز هذه الفرصة للضغط على الحوثيين بالتخلي عن شروطهم والخضوع لشروط آل سعود وعلى رأسها، أي على رأس هذه الشروط قطع علاقة الجماعة بإيران، ما يعزز هذا الرأي هو ترويج وسائل الإعلام السعودية وبعض وسائل الإعلام العربية، والأجنبية بالطبع، أن السعودية تريد من الحوثيين قطع روابطهم وعلاقاتهم مع إيرانيين.
2ـ إن الكيان السعودي وبالتعاون مع الكيان الصهيوني والكيان الإماراتي هو الذي يقف وراء محاولات توظيف المطالب الشعبية في كل من لبنان والعراق، للانقضاض على النظامين السياسيين في هذين البلدين بحرف الاحتجاجات التي يشهدها هذان البلدان، فمن المطالبة بإصلاح الأمور إلى المطالبة بإسقاط النظامين العراقي واللبناني، عبر ضخه الأموال الطائلة، عبر تجنيد عملائه في لبنان والعراق، وعملاء أميركا والكيان الصهيوني من أجل إثارة الفتنة والحرب الأهلية، وبالتالي نسف الاستقرار والتدخل في شؤون البلدين الداخلية والمساهمة في تنصيب أنظمة موالية لأميركا ولعملائها في المنطقة، وما زالت المساعي السعودية تتجه بهذا الإطار، ونزلت بكل ثقلها المالي والسياسي وبدعم من السي آي أي والموساد الصهيوني لتحقيق هذا الغرض، ذلك لإقناع أمريكا بعدم ترك المنطقة، ولإقناعها بعدم التخلي عن النظام السعودي بأنه ما زال يفعل الكثير لها ولمصالحها ولكيان الصهيوني في المنطقة!! ولأن النظام السعودي إنغمس في المؤامرة على العراق وعلى لبنان، فهو يريد تحييد الجبهة اليمنية ولو لفترة حتى تنجلي الأمور فيهما، فهو يعتقد انه يمكن أن يرد المحور الإيراني من الجبهة اليمنية التي باتت تشكل تهديداً مباشراً للنظام السعودي، فهذا الأخير يحاول بهذه المناورة تجميد تلك الجبهة ريثما تتضح الأمور في العراق وفي لبنان، فإذا انتصر فيهما، حينذاك يكون الطرف القوي في المعادلة مع الحوثيين، أو هكذا يعتقد النظام السعودي، وحينذاك يعزز رهانه على الخيارات العسكرية، أما حالياً، فهو يرى انه لا يستطيع خوض الحروب على جبهات إقليمية متعددة، ولذلك وانطلاقاً من هذه الرؤية أرى أو أرجح تصور أن النظام السعودي يقوم بهذه التحركات التي يؤشر إليها بالمفاوضات والاتصالات، في إطار تكتيكي من أجل كسب الوقت وتجنيب عمق المملكة من ضربات الحوثيين القاتلة خصوصاً تلك التي تستهدف منشآت شركة أرامكو النفطية، وعليه فأن على الحوثيين أن يأخذوا بنظر الاعتبار هذا الاحتمال في تعاطيهم مع مناورات هذا النظام الخبيثة، ولا اعتقد أنهم غافلون عنها، نظراً لخبرتهم ومعرفتهم العميقة بخفايا والأعيب آل سعود.
ارسال التعليق